المالكي يتدخل في الجدل الكردي ـ التركي ويؤكد: بغداد ترسم السياسة الخارجية

عقب التهديدات المتبادلة بين أنقرة ورئاسة إقليم كردستان العراق

TT

في اول رد فعل رسمي للحكومة العراقية على التهديدات والاتهامات المتبادلة بين مسعود بارزاني، رئيس اقليم كردستان، والسلطات التركية، اعلن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، امس ان السياسة الخارجية للعراق «ترسم وتنفذ من قبل الحكومة»، في اشارة منه الى تصريحات بارزاني الاخيرة. وقال مصدر مقرب من المالكي، انه لا يجوز لرئيس اقليم العمل بمعزل عن الحكومة العراقية.

وقال المالكي، في بيان حكومي مقتضب، ان «السياسة الخارجية العراقية تتمثل بالحرص على اقامة أفضل العلاقات مع الجيران وعدم التدخل في شؤونهم الداخلية وعدم السماح لهذه الدول بالتدخل بشؤون العراق الداخلية».

ويطلق بارزاني والمسؤولون الاتراك منذ ايام تهديدات متبادلة بالتدخل في الشؤون الداخلية لكلا الطرفين، اثر تصريحات تتعلق بمصير مدينة كركوك الغنية بالنفط. وذكرت وسائل الاعلام التركية، ان بارزاني هدد قبل ايام، في حديث صحافي، بالتدخل في مسألة الاقلية الكردية في تركيا، في حال واصلت تركيا معارضتها ضم كركوك الى اقليم كردستان.

وقالت مستشارة رئيس الوزراء العراقي مريم الريس، ان هناك بنودا صريحة في الدستور العراقي تنص على ان هناك صلاحيات معينة لا تتمتع بها الا الحكومة المركزية في بغداد، مثل السياسة الخارجية والتمثيل الخارجي وابرام المعاهدات. وقالت الريس، في حوار هاتفي مع «الشرق الاوسط» من بغداد، ان الدستور العراقي ينص على اقامة الاقاليم، الا انه «لا يحق لاي جهة ان تتمتع بالصلاحيات المحددة للحكومة العراقية»، في اشارة منها الى رئيس اقليم كردستان، واضافت «لا يجوز لرؤساء الاقاليم العمل بمعزل عن الحكومة العراقية». الا ان الريس قالت، في الوقت ذاته، ان «الحكومة العراقية ترفض أي تدخل من قبل دول الجوار في الشأن العراقي، في اشارة منها الى التصريحات التركية حول مدينة كركوك. وقالت الريس ان «ضم محافظة الى اقليم او عدم ضمها فهذا شأن عراقي.. نحن نرفض تدخل دول الجوار». وأضافت الريس انه «لم يثبت حتى الان ان هناك تدخلا حقيقيا وفعليا من الجانب التركي في الشؤون الداخلية للبلاد، الا من خلال التصريحات». واضافت ان العراق يتحفظ على التصريحات التركية.

واستبعدت الريس، في الوقت ذاته، ان يتطور الامر الى عمليات عسكرية، وقالت ان حصل هذا فان «العواقب ستكون وخيمة». واضافت «لن يأخذ الامر منحى اكبر من الذي حدث لانها (تصريحات بارزاني) لم تصدر عن الحكومة العراقية، بل من رئيس اقليم».

وكان عدد من الصحف التركية قد اشار الى احتمالية تطور التهديدات بين السلطات التركية واقليم كردستان الى مواجهات عسكرية بين الطرفين، الا ان عددا من المسؤولين الاكراد رجحوا ان التهديدات التركية الاخيرة تأتي ضمن ما سموه بالحملة الدعائية للانتخابات التركية المزمع اجراؤها في وقت قريب.

وكان الرئيس العراقي جلال طالباني، قد اعرب خلال اتصال هاتفي مع رئيس الحكومة التركية رجب طيب اردوغان، عن الاسف للتهديدات التي صدرت عن بارزاني، مشددا على اهمية العلاقات مع انقرة، في خطوة وصفت بانها لتهدئة النزاع بين الطرفين. وسعى بارزاني ايضا الى توضيح تصريحاته، وقال في كلمة امام مؤتمر في اربيل، اول من امس، «لقد سمعنا من بعض المسؤولين الاتراك تصريحات وتهديدات، وفي بعض الاحيان استخدام لغة غير مهذبة، اعتقد أنه موقف مسبق من القضية الكردية برمتها، والا فإن المقابلة مع قناة «العربية» جرت في شهر فبراير (شباط)، بالضبط في يوم 26 فبراير، ولكنها عرضت قبل ايام، وكان ذلك رداً على التصريحات والتهديدات التركية المستمرة، وحتى لو عدنا الى تلك المقابلة فإنني لم اقل بأننا نتدخل قلت: «اذا تدخلوا فسوف نرد عليهم بالمثل أو سوف نتدخل». وتساءل بارزاني «لا ادري كيف يسمح أحد أو دولة لنفسها بالتدخل في شؤون الاخرين، في حين ينزعج عندما يسمع الكلام عن التدخل من جهة اخرى أو من شخص آخر، مع ذلك أود التأكيد على مسائل اساسية ومبدئية وثوابت: بالنسبة لنا نحن لا نهدد احداً ولن نقبل التهديد من أحد، نحن لا نتدخل في شؤون الاخرين ولا نقبل من الاخرين ان يتدخلوا في شؤوننا، نمد يد الصداقة الى جميع الدول الاقليمية ولكن على اساس الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، موضوع كركوك هو مسألة عراقية لا يحق لدولة اجنبية ان تتدخل في هذا الشأن».

وتطالب تركيا بتأجيل استفتاء حول وضع كركوك مقرر بحلول اواخر السنة الحالية، مؤكدة ان آلاف الاكراد انتقلوا للعيش في المدينة بغية احداث خلل في توازنها الديموغرافي. وتتخوف انقرة من ان يؤدي الحاق كركوك بالاقليم الكردي الى منحه الموارد المالية الكافية لاعلان استقلاله، الامر الذي يمكن ان يشجع الحركة الانفصالية الكردية داخل اراضيها. ويطالب الاكراد بالحاق كركوك المدينة الغنية بالنفط باقليم كردستان في حين يعارض التركمان والعرب ذلك.