الانتخابات الفرنسية: إقبال كثيف للناخبين.. وساركوزي ورويال تصدرا الجولة الاولى

الجو المشمس ساعد في ارتفاع نسبة المشاركة

TT

اظهرت النتائج الاخيرة في الانتخابات الرئاسية الفرنسية تصدر المرشحين الزعيم اليميني المحافظ نيكولا ساركوزي والمرشحة الاشتراكية سيجولين روايال في الجولة الاولىأمس . وتأهل ساركوزي بحصوله على نسبة تتراوح بين 5،29% و30% والمرشحة روايال على 25، 2% و3،26% الى الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية في حين حصل المرشح الوسطي فرنسوا بايرو على نسبة تتراوح بين 9،17% و8،18%.

وللمرة الأولى منذ العام 1981، لم يرم الرئيس الفرنسي جاك شيراك ورقة تحمل اسمه في صندوق الاقتراع في المركز الانتخابي لقرية ساران، حيث يملك قصرا يسمى «بيتي». فالرئيس شيراك لم يكن مرشحا هذه المرة كالمرات الأربع السابقة. وكالعادة، كان شيراك بصحبة عقيلته برناديت ذات الشعبية الحقيقية في هذه المنطقة لأنها تشغل منذ سنوات منصب مستشارة في أحد المجالس المحلية. واغتنم شيراك هذه الفرصة كعادته ليصافح عشرات الأيدي التي امتدت نحوه. وكما الرئيس شيراك، فقد سارع 10 من المرشحين للإدلاء بأصواتهم قبل ظهر أمس، كل في مكان سكنه وغالبا في إطار عائلي. وهذا ما فعله نيكولا سركوزي في مدينة نويي الغنية غرب باريس بصحبة زوجته سيسيليا وابنتيها أو ما فعله فرنسوا بيرو مع زوجته بابيت في مدينة بو، جنوب غربي فرنسا.

ومنذ افتتاح المراكز الإنتخابية الـ35 ألفا على كل أنحاء الجمهورية الفرنسية (القارية)، سارع الناخبون الى القيام بواجبهم كمواطنين مع نهاية حملة انتخابية لفها الغموض لجهة هوية المرشحين اللذين سيتنافسان في الدورة الانتخابية الثانية بعد اسبوعين. ودلت نسبة المشاركة المرتفعة التي ضربت ظهر أمس رقما قياسيا على اهتمام الفرنسيين بهذه الانتخابات، كما ساعد الجو المشمس في تزايد الإقبال.

وبحسب الأرقام التي أذاعتها وزارة الداخلية، فإن نسبة المشاركة بلغت حتى الظهر 31.21 بالمائة وهي تمثل زيادة نسبتها 10 بالمائة قياسا لانتخابات العام 2002. واعلنت وزارة الداخلية أن نسبة المشاركة وصلت، الساعة الخامسة من بعد ظهر أمس، الى 73.87 بالمائة مما يمثل زيادة تصل الى 15 بالمائة مقارنة مع نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية الماضية في الساعة نفسها. وتبين هذه النسبة المرتفعة أنها اعلى من نسبة المشاركة النهائية في الدورة الأولى التي لم تتجاوز الـ73 بالمائة، علما أن مراكز الاقتراع لم تقفل في باريس والمدن الكبرى إلا في الساعة الثامنة. وقالت مصادر وزارة الداخلية إن المشاركة النهائية ينتظر أن تصل الى حوالي 85 بالمائة مما سيشكل رقما قياسيا لم يتم بلوغه إلا عام 1965. وتنسجم هذه النسبة الاستثنائية مع الزيادة المرتفعة في نسبة الذين تسجلوا على اللوائح الانتخابية للمشاركة في التصويت خصوصا في أوساط الشباب والمتحدرين من أصول أجنبية. ويدخل هذا العامل تعقيدات إضافية على مسار الحملة الانتخابية وعلى التفسيرات التي يمكن أن تعطى للدورة الأولى. وواضح أن الطقس الصيفي الذي خيم على فرنسا أمس وانتهاء عطلة عيد الفصح لم يمنعا الناخبين من التوجه الى صناديق الإقتراع. وقالت أليس بوتي، وهي رئيسة قلم في ضاحية جنوب باريس إن نسبة الاقتراع في مركزها وصلت الساعة الخامسة الى 75 بالمائة أي أنها تفوقت على المعدل العام في فرنسا كلها. وكانت المحافظات الفرنسية في القارة الأميركية قد عرفت هي الأخرى امس ارتفاعا ملحوظا في نسبة المقترعين. وأدخلت السهرة الانتخابية ليل أمس السعادة الى قلوب اصحاب المطاعم التي توفر الخدمة المنزلية وعلى رأسها مطاعم البيتزا الإيطالية والسوشي اليابانية. وقال صاحب أحد هذه المطاعم إنه يتخوف من فقدان مخزونه من جبنة الموتزاريلا الإيطالية رغم أنه استقدم كميات إضافية منها. وأفاد تحقيق أجرته إحدى مؤسسات استطلاع الرأي أن الفرنسيين سيمضون سهرتهم الانتخابية في المنزل أو بصحبة بعض الأصدقاء لمتابعة ظهور النتائج أولا بأول ومتابعة المناقشات التي ستتبع بعد الإعلان عنها.

ويمنع القانون الفرنسي من الإعلان عن النتائج إلا بعد إقفال آخر مركز اقتراع في الساعة الثامنة ليلا. وثار جدل في الأيام الماضية حول الفائدة من المحافظة على هذه القاعدة علما أن بإمكان الفرنسيين الإطلاع على النتائج عبر المواقع الإلكترونية للصحف الأجنبية. وأعلنت مجلة «هيبدو» السويسرية أنها ستذيع النتائج المتوافرة لديها ابتداء من الساعة السادسة والنصف أي قبل بداية ظهور النتائج في فرنسا بساعة ونصف الساعة.

وكما في كافة المناطق الفرنسية، شهدت أقلام الاقتراع في المناطق التي تسكنها أكثرية من المهاجرين أو من المتحدرين من أصول اجنبية ارتفاعا ملحوظا في نسبة المشاركة. وقال يزيد وهو مواطن فرنسي من أصل جزائري في ضاحية ماسي: «نريد أن يسمع سركوزي رسالتنا: نحن موجودون هنا ولن نقبل أن نعامل ككمية من الكائنات التي لا وزن ولا رأي لها». واضاف يزيد أنه ورفاقه «سيضاعفون نشاطهم في الدورة الثانية» من أجل منع سركوزي من الوصول الى الرئاسة ومن تطبيق السياسة التي يفاخر بها. ووعد يزيد بـ«مفاجأة» ما خلال هذه السهرة الانتخابية.

وبعكس يزيد، يقول باسكال وهو مهاجر من السنغال إنه صوت لسركوزي «لأنه الوحيد الذي يستطيع فرض الأمن ومنع أن يهان أبناءنا وبناتنا في الشارع». وأضاف باسكال «أريد أن أعيش بسلام وأريد الإندماج في المجتمع الفرنسي وأن أكون مواطنا ككل المواطنين». وقالت فتحية دراوي، مسؤولة مركز الاقتراع في حي «حساس» من مدينة نوازي لو غران الواقعة شرق باريس والتي شهدت عام 2202 نسبة 40 بالمائة من الممتنعين عن التصويت إن الناس يقترعون «بكثافة» وأن بينهم «الكثير من الشباب».

* الانتخابات الرئاسية بالأرقام : ـ عدد الناخبين المسجلين: 44.5 مليون ناخب

* عدد المسجلين الجدد:

ـ مقارنة بعام 2006: 8.1 مليون ناخب ـ مقارنة بعام 2002: 4.3 ملايين ناخب ـ نحو 820 الف فرنسي مسجلين في الخارج اي اكثر من ضعف عددهم مقارنة بالعام 2002.

ـ مكاتب الاقتراع: اكثر من 65 الفا.

ـ عدد المدن حيث المكاتب مجهزة باجهزة للتصويت: 82 مقاطعة تضم كل منها اكثر من 3500 نسمة، اي ما مجموعه 5.1 مليون ناخب.

ـ 70% من مكاتب التصويت ستغلق ابوابها عند الساعة 00.18 بالتوقيت المحلي (00.16 تغ) و5% عند الساعة 00.19 (00.17 ت غ) و25% ـ بينها باريس والمدن الكبرى ـ عند الساعة 00.20 (00.18 تغ).

ـ عدد استطلاعات الرأي حول نوايا التصويت منذ الخامس عشر من يناير (كانون الثاني): 123 استطلاعا.

ـ اعلى نسبة امتناع سجلت في دورة اولى من انتخابات رئاسية: 4.28% في 21 ابريل (نيسان) 2002.

ـ ادنى نسبة امتناع: 3.15% في 1965.

ـ اعلى نسبة تعبئة للناخبين في الدورة الثانية: سجلت في الخامس من مايو (ايار) 2002 اذ صوت 5.2 مليون ناخب اضافي بعد ان دعت الاحزاب الكبرى الى التصدي لليمين المتطرف الذي هزم زعيمه جان ماري لوبن الاشتراكي ليونيل جوسبان في الدورة الاولى.

ـ اعلى نسبة تصويت لمرشح في الدورة الاولى: 6.44% (شارل ديغول في 1965).

ـ ادنى نسبة تصويت: 07.0% اي 19225 ناخبا لغي هيرو الذي كان يدعو الى «فدرالية اوروبية» في 1974.

ـ انتخب 22 رئيسا للجمهورية الفرنسية منذ 1848.

* الاقتراع الرئاسي محطة أولى في برنامج يستمر حتى يونيو : ـ 22 ابريل (نيسان): الدورة الاولى من الانتخابات الرئاسية التي دعي 44.5 مليون فرنسي للادلاء بأصواتهم فيها لاختيار احد 12 مرشحا.

ـ 27 ابريل (نيسان): بدء الحملة الرسمية للدورة الثانية التي يتنافس فيها المرشحان الفائزان في الدورة الاولى.

ـ 06 مايو (أيار): الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية لاختيار رئيس لولاية تستمر 5 سنوات وتنتهي في 2012.

ـ 16 مايو: آخر مهلة لإعلان المجلس الدستوري نتيجة الانتخابات. ومنتصف ليل السادس عشر من مايو: تنتهي ولاية الرئيس الحالي جاك شيراك الذي انتخب عام 1995 وأعيد انتخابه عام 2002، ليحل محله الرئيس المنتخب.

ـ 18 مايو: انتهاء المهلة لتقديم الترشيحات للانتخابات التشريعية التي تجري وفق نظام الدائرة الانتخابية الفردية في دورتين.

ـ 10 يونيو (حزيران): الدورة الاولى من الانتخابات التشريعية لاختيار 577 نائبا في الجمعية الوطنية.

ـ 17 يونيو: الدورة الثانية من الانتخابات التشريعية.

* نظام الاقتراع : ـ ينتخب رئيس الجمهورية الفرنسية بالاقتراع العام المباشر بالتصويت الفردي وبغالبية الاصوات من دورتين لولاية من 5 سنوات قابلة للتجديد.

ـ وينبغي ان يحصل الفائز على الغالبية المطلقة للاصوات المحتسبة (بعد استبعاد البطاقات البيضاء واللاغية) اي «نصف الاصوات + 1» في الدورة الاولى او الدورة الثانية.

ـ في حال لم يحصل اي من المرشحين على الغالبية المطلقة من الدورة الاولى تنظم دورة ثانية بعد مرور 15 يوما على الاكثر على الدورة الاولى.

ـ ويتأهل الى الدورة الثانية المرشحان اللذان حصلا على اعلى نسبتين في الدورة الاولى.

ـ ومنذ التعديل الدستوري الذي اقر في السادس من نوفمبر (تشرين الثاني) 1962 اثر استفتاء جرى في 28 اكتوبر (تشرين الاول) 1962، تشكل الاراضي الفرنسية دائرة انتخابية واحدة. وهذا يعني ان كل الفرنسيين المسجلين على اللوائح الانتخابية يشاركون في انتخابات رئيس الجمهورية.

ـ وتنظم الانتخابات بدعوة من الحكومة، قبل عشرين يوما على الاقل و35 يوما على الاكثر من انتهاء ولاية الرئيس الحالي.

ـ وخفض استفتاء 24 سبتمبر (ايلول) 2000 الولاية الرئاسية من 7 الى 5 سنوات.

وفي ظل الجمهورية الخامسة لم ينتخب اي رئيس للدولة من الدورة الاولى في الاقتراع العام.

وحتى الجنرال شارل ديغول اضطر الى خوض دورة ثانية في مواجهة الاشتراكي فرنسوا ميتران في الدورة الثانية في 1965.

ـ وفي 1958 انتخب شارل ديغول لولاية رئاسية أولى من قبل هيئة ناخبة خاصة مؤلفة من اعضاء البرلمان ومستشارين عامين وممثلين عن الاعضاء المنتخبين في المجالس البلدية اي نحو ثمانين الف ناخب كبير. واعتمد هذا النظام لمرة وحيدة.

ـ وفي عهد الجمهورية الثانية (1848ـ1852) كان رئيس البلاد ينتخب لولاية من اربع سنوات بالاقتراع العام المباشر وقد شهدت رئيسا واحدا وانتخب رئيس واحد هو لوي نابوليون بونابرت.

ـ ومن الجمهورية الثالثة (1871ـ1940) وحتى نهاية الجمهورية الرابعة (1946ـ1958) كان الرئيس ينتخب من قبل اعضاء الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ مجتمعين.