إيران: مظاهرات تندد بالوزراء «غير الأكفاء» تدعو الحكومة والبرلمان للاستقالة

متظاهرات في جامعة «أمير كبير» احتجاجا على مقالات مسيئة للإسلام

TT

تظاهر مئات الإيرانيين في وسط طهران بمناسبة عيد العمال، مطالبين بالعدالة ومنتقدين تقاعس السلطات في تحسين ظروفهم الحياتية.

يأتي ذلك فيما نظم الطلبة المحافظون الذين ينتمون الى قوات البسيج، مظاهرات في جامعة «امير كبير» بطهران ضد مقالات قالوا إنها مسيئة للاسلام. وحول مظاهرات العمال، ذكرت وكالة الأنباء الإيرانية شبه الرسمية (ايلنا) أن العمال تجمعوا في استاد وسط طهران في مظاهرة مرخصة لإحياء عيد العمال، الا أن شرطة مكافة الشغب قامت بتفريقهم عندما خرج المتظاهرون الى الشارع، حسب شهود عيان. وذكرت الوكالة ان «حوالي 600 عامل تظاهروا عند الخروج من ملعب رياضي، ورددوا هتافات ضد وزير العمل»، محمد جمهوري في ساحة هفتي تير. وردد العمال بعد تجمع في ملعب شيرودي «وزراء غير أكفاء، استقيلوا»، و«حكومة، برلمان، اوقفوا الشعارات، تحركوا» و«الموت للطغاة».

وقامت شرطة مكافحة الشغب المنتشرة بكثافة بتفريق المتظاهرين، بعد مواجهات محدودة، فيما هتف العمال «الموت للذين يدعمون الرأسمالية»، و«عار على الشرطة». ووقعت شجارات عندما خرج المتظاهرون الى الشوارع من الاستاد. وروى شهود لوكالة الصحافة الفرنسية، أن المتظاهرين حملوا نعشا يرمز الى المطالب العمالية، ودارت مواجهات مع الشرطة، حين أرادت كسر النعش. وتم تفريق المظاهرة بعد ساعة بدون عنف. وجاءت المظاهرات بعد ان نظم مئات المدرسين ثلاث مظاهرات خارج مبنى البرلمان في ابريل (نيسان)، مما ادى الى اعتقال عشرات من قادة اتحاد التعليم من طهران ومدينة همدان وسط البلاد. ويتأثر العمال من ذوي الدخل المنخفض، والموظفون الحكوميون بشكل خاص من الارتفاع الكبير في اسعار السلع الغذائية والخدمات على مدى الأشهر الماضية.

وعلى صعيد آخر، تظاهر مئات من الطلاب المتشددين الإيرانيين وألغيت الدراسة في بعض الكليات في طهران امس في «يوم للحداد» احتجاجا على مطبوعات قالوا انها أساءت للاسلام.

وقالت وكالات أنباء، ان الطلاب نظموا مسيرات احتجاج داخل جامعة «أمير كبير» وخارجها بعد يوم من ظهور أربع مطبوعات هناك قالوا انها نشرت مقالات ورسوما رأوا أنها لا تحترم قيم الاسلام.

وقال شاهد من «رويترز»، إن عدة مئات آخرين من طلاب جامعات أخرى في العاصمة تجمعوا في جامعة «أمير كبير»، لكنه أضاف أنه لم يتضح عدد الطلاب الذين كانوا يتظاهرون داخل الجامعة. ورفع المحتجون وبينهم مؤيدون لميليشيا البسيج الدينية، لافتات كتب عليها «سندافع عن الاسلام»، ورددوا هتافات اثناء الاجتماع الحاشد السلمي. ووقفت الشرطة بين المتظاهرين، وأغلقوا بوابات واحدة من أبرز جامعات طهران. وغطي اسم الجامعة على بوابتها الرئيسية بقماش أسود، وقالت وكالة الطلبة الايرانية للانباء ان محاضرات ألغيت. وغالبا ما تكون الجامعات الايرانية ساحة للمواجهات بين الطلاب الدينيين المحافظين، والجماعات المؤيدة للاصلاح التي تطالب بمزيد من الحقوق السياسية. ويصدر الفريقان بشكل منتظم مطبوعاتهما الطلابية. ولم تكشف تقارير وسائل الاعلام عن محتوى المقالات أو عمن يقف وراءها. وقدمت وكالة الطلبة للانباء قائمة بالمطبوعات، لكنها قالت ان الجماعات الطلابية التي تنشرها عادة نفت تورطها. وجاء في بيان أصدره المكتب الثقافي بالجامعة «في الأيام القليلة المنصرمة، نشرت مقالات في مطبوعات طلابية كانت مسيئة». وأضاف البيان أن جميع المطبوعات الطلابية حظرت، وأنه سيتم التصدي للمسيئين «استنادا الى القانون». وكان عشرات الطلاب في الجامعة نفسها أحرقوا صورا للرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد في ديسمبر (كانون الاول) الماضي، وألقوا ألعابا نارية في محاولة على ما يبدو لمنعه من القاء كلمته. وكانت هذه هي المرة الأولى التي يواجه فيها الرئيس الذي انتخب عام 2005 مثل هذا العداء العلني في اجتماع عام. وفي اوائل عام 2006، أدت الرسوم المسيئة للنبي محمد التي نشرت أولا في الدنمارك، وأعيد نشرها في صحف أوروبية أخرى، الى احتجاجات عاصفة للمسلمين في شتى انحاء العالم بما في ذلك ايران.

الى ذلك، يجتمع ممثلون عن الدول الست الكبرى (الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا والمانيا) اليوم في لندن للنظر في الملف النووي الايراني، على ما اعلنت وزارة الخارجية البريطانية امس. ويعقد الاجتماع بعد استئناف المحادثات بين الاتحاد الاوروبي وإيران. وقالت متحدثة باسم الخارجية البريطانية ان «الامر يندرج في اطار محادثات تجري حول المحطات المقبلة». وكان الممثل الاعلى لسياسة الاتحاد الاوروبي الخارجية خافيير سولانا دعا الولايات المتحدة الجمعة الى «فتح قناة تواصل» مع ايران في كل المواضيع بما فيها الملف النووي الايراني. غير ان البيت الأبيض، اكد مجددا انه غير مستعد للتباحث مع ايران اذا لم تعلق نشاطاتها النووية الحساسة. ويتهم الغرب ايران بتطوير برنامج نووي عسكري تحت ستار برنامجها المدني. وأعلن كبير المفاوضين الايرانيين في الملف النووي علي لاريجاني في ختام لقاء مع سولانا الاربعاء والخميس في انقرة، ان المحادثات مع الاتحاد الاوروبي، احرزت تقدما «في اتجاه وجهة نظر مشتركة» حول طريقة تسوية الأزمة.

من ناحيته، أدان الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد الارهاب، لكنه اتهم الغرب في الوقت نفسه «بإدارة شبكات إرهاب منظم خاصة به». وقال أحمدي نجاد في المؤتمر الذي أطلق عليه اسم «العالم الإسلامي ضحية للارهاب» وتنظمه الحكومة الايرانية بالتعاون مع مكتب الدعاية الاسلامية التابع لها «الارهاب يعني ببساطة قتل الناس لتحقيق أهداف شيطانية». وأضاف «ولكن القوى الامبريالية، هي التي كانت تدير الشبكات الارهابية نفسها في بادئ الأمر».

واتهمت طهران الولايات المتحدة والغرب مرارا بتأسيس ودعم المنظمات «الارهابية» مثل حركة طالبان في أفغانستان لمواجهة إيران. وقال الرئيس الايراني «يعتبر العالم الاسلامي اليوم ضحية الارهاب المنظم. نحن نأسف على تلقي بعض الحكومات التي لا تحترم البشر دعما (من الغرب)، بل إنها تحصل على جوائز نوبل للسلام، بدلا من الادانة».

وأضاف «أن النظام الصهيوني يعتبر رمزا للعدوان والقتل، ويشير الدعم (الغربي) لهذا النظام، إلى خطأ المزاعم التي تصدر عن القوى العالمية، حول مكافحة الارهاب واحترام حقوق الانسان». وأشار أحمدي نجاد إلى أن أعداء العالم الاسلامي، يحاولون «إظهار الاسلام على أنه دين للعنف، لكن شمس الاسلام لا يمكن حجبها، فالاسلام وطريق نبي الاسلام، يستندان إلى العطف والأخوة».

ويستمر المؤتمر يومين، وهو يهدف إلى مناقشة جذور الارهاب والتمييز بين الجماعات الاسلامية، التي تقاتل من أجل الحرية والاسلاميين المتورطين في الارهاب. ويشارك 46 عالما من 20 بلدا من العالم الاسلامي وأوروبا والولايات المتحدة في المؤتمر.

والهدف الاساسي للمؤتمر هو البحث عن جذور الإرهاب وتحييد الدعاية الغربية التي تظهر المسلمين على أنهم إرهابيون، والتمييز بين الدفاع المشروع من قبل الجماعات الاسلامية والارهاب من قبل الاسلاميين. ويتضمن جدول الاعمال كذلك، ما يصفه المؤتمر «بالجهود الأميركية لاستغلال هجمات 11 سبتمبر (أيلول) كذريعة لتوسيع أهدافها في الهيمنة».

واتهم آية الله تسخيري أمين المؤتمر، الولايات المتحدة باستخدام الارهاب كذريعة لمواجهة «الصحوة الاسلامية» وغزو أفغانستان والعراق. وقال تسخيري إن المقاومة من قبل الدول الاسلامية، ولا سيما الشبان المسلمين، ستكون أفضل وسيلة لمواجهة التحامل العالمي على المسلمين بوصفهم إرهابيين بوجه عام «والمؤامرات الأميركية» في العالم الاسلامي بوجه خاص.