رويال .. المرأة التي أحدثت انقلابا في معسكر اليسار

قالت إنها ضحية أفكار ذكورية مسبقة

TT

تمكنت المرشحة الاشتراكية سيغولين رويال، 53 عاما، من ان تفرض منهجا خاصا بها وأساليب جديدة خلال صعودها السريع الذي احدث انقلابا في معسكر اليسار. وخلال حملتها الانتخابية حرصت رويال وهي ام لاربعة ابناء تتراوح اعمارهم بين 14 و22 عاما، على ابراز صورتها كامرأة. فهي تؤكد ان التصويت لها يعني «كتابة تاريخ فرنسا» وانه بفضلها «لن تعود السياسة الى ما كانت عليه في الماضي».

وتشدد رويال على «الديموقراطية التشاركية» التي تشكل قلب مشروعها، مؤكدة «معي، سيتم الاعتناء بالأطفال وستحل مشاكل الضواحي وسينتعش الاقتصاد وسينطلق الحوار الاجتماعي».

وحتى قبل سنة ونصف، كانت هذه السيدة الانيقة رئيسة لمنطقة بواتو شارانت (وسط الغرب) وكان يفترض ان يكون مرشح الحزب الاشتراكي للانتخابات الرئاسية احد القادة التقليديين للحزب. غير ان «سيغولين» كما يناديها الفرنسيون تمكنت بفضل ارادتها الحديدية من ان تفرض نفسها في موقع متقدم داخل حزبها.

وقررت المرشحة الاشتراكية «نفض الغبار» عن اليسار، متخذة مواقف بعيدة عن خط حزبها من بينها مثلا اقتراح وضع الجانحين الشبان من اصحاب السوابق في اصلاحيات تحت اشراف عسكريين، مما ادى الى زرع بلبلة في صفوف الحزب واتهامه بالانحراف الى اليمين او الى الشعبوية. لكن تبين ان هذه الاستراتيجية ناجحة. فبفضلها تمكنت رويال مستندة الى تقدمها في استطلاعات الرأي، من ان تفرض نفسها مرشحة للتجديد في اليسار خلال الانتخابات التميهيدية للحزب الاشتراكي في نوفمبر (تشرين الثاني) 2006 في مواجهة رئيس الوزراء الاسبق لوران فابيوس ووزير المالية الاسبق دومينيك ستروس كان. وخلال حملتها الانتخابية سعت رويال الى ابراز تميزها. فقد لجأت الى خطاب اليسار التقليدي القائم على تثمين العمل واولوية التعليم لكنها بالمقابل بالغت في تمجيد العلم والنشيد الوطني الفرنسيين. كما شددت على الاخلاق والقيم العائلية تحت شعار «النظام العادل».

لكن هذا المزيج من المواقف ترافقه تغيرات مفاجئة و«هفوات» في السياسة الخارجية غذت اتهامات لها بالافتقاد الى الخبرة او المصداقية. وحتى معسكرها انتقد اسلوبها الفردي. ويقول مقربون منها احيانا انها «لا تصغي لأحد». وفي آخر مبادرة صدمت الحزب الاشتراكي، مدت رويال يدها الى مرشح الوسط فرنسوا بايرو الذي حصل على اصوات 8.6 ملايين ناخب ستكون حاسمة في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية. ووعدت رويال الوسط بمنحه حقائب وزارية اذا فازت بالمنصب الاول في البلاد من دون ان تستشير في قرارها هذا على ما يبدو الهيئات القيادية لحزبها. وعندما ينكر عليها البعض تمتعها بمواصفات تخولها دخول قصر الاليزيه، لا تتردد رويال التي لا تفارق البسمة محياها، في القول انها ضحية افكار مسبقة ذكورية، مؤكدة ان «تمكين امرأة من تولي الرئاسة يتطلب احداث ثورة هائلة».

ولدت سيغولين في دكار وهي الرابعة في اسرة تضم ثمانية اطفال ودرست في المدرسة الوطنية للادارة (اينا) التي تخرج منها كبار المسؤولين في فرنسا. وهي تؤكدا انها تلقت من والدها الذي كان ضابطا في الجيش «تربية صارمة جدا بل قاسية» غذت لديها ميلا الى التمرد.

انضمت رويال الى الحزب الاشتراكي في 1978 وعينها الرئيس السابق فرنسوا ميتران مستشارة له قبل ان تصبح عضوا في البرلمان.

وبين 1992 و2001، تولت ثلاث حقائب وزارية (البيئة والتعليم المدرسي والعائلة والطفولة) حيث سعت الى ان تكون «قريبة من الناس» على حد تعبيرها. وتشكل رويال مع رفيقها السكرتير الاول للحزب الاشتراكي فرنسوا هولاند ثنائيا متميزا في الطبقة السياسية الفرنسية غير ان شعبيتها طغت على طموحاته الشخصية بالترشح الى الرئاسة.