البحرين: جلسة حاسمة للبرلمان غدا والمعارضة تلوح بالشارع

استجواب أحد وزراء الأسرة الحاكمة ينهي شهر العسل بين المعارضة والموالاة

TT

يترقب الشارع البحريني بكامل أطيافه، جلسة برلمان بلادهم يوم غد الثلاثاء، حيث سيكون الاستجواب الأول لأحد وزراء الأسرة الحاكمة، الذي سيطرح على النواب الأربعين في المجلس. وفي الوقت الذي ظهر فيه أشكال قانون حول إحالة الاستجواب بتصويت النواب أو بدونه، تهدد المعارضة بالتصعيد داخل البرلمان وخارجه، في حال رفض تمرير استجواب الشيخ أحمد بن عطية الله وزير شؤون مجلس الوزراء.

ومن المنتظر أن تكون جلسة الغد فاصلة في العلاقة بين المعارضة والموالاة، وسط توقعات بانتهاء شهر العسل الذي بدأ بين الجانبين منذ وصول المعارضة القوي للمجلس. في حين أشارت بعض المصادر إلى توجه المعارضة للانسحاب من جلسة يوم الغد، في حال رفض المجلس الاستجواب.

ومنذ إعلان جمعية الوفاق الوطني الاسلامية، أبرز تيارات المعارضة البحرينية، عن تقديمها لاستجواب الشيخ أحمد عطية الله وزير ديوان مجلس الوزراء بتهم تتعلق بـ«الفساد المالي»، والجدل لم يتوقف بين المعارضة والموالاة حول دستورية إحالة الاستجواب للجنة المالية، حيث يرى فريق المعارضة ان الاستجواب يحال فورا للجنة المختصة التي تبدأ في الاستجواب، فيما يرى فريق الموالاة أن الاستجواب يجب أن يوافق عليه المجلس النيابي بتصويت أعضائه أولا.

وبحسب مصادر فإنه للخروج من هذا الإشكال القانوني اتصل مسؤولو المجلس، بالمستشار رمزي الشاعر، واضع الدستور البحريني، للأخذ برأيه في هذه المسألة القانونية، حيث ظهر أن رأي المستشار الشاعر كان في ضرورة التصويت على إحالة الاستجواب من قبل المجلس.

إلا أن الشيخ علي سلمان زعيم المعارضة البحرينية ورئيس جمعية الوفاق الاسلامية، قال لـ«الشرق الأوسط» إن اللائحة الداخلية «واضحة وصريحة، وليس هناك إمكانية لرفض احالة الاستجواب للجنة المختصة»، مضيفا «أي عرض للاستجواب لتصويت المجلس يعتبر تجاوزا للدستور وللائحة الداخلية للمجلس، وهو ما يعد مخالفة دستورية صريحة».

وردا على سؤال حول الخيارات المتاحة أمام المعارضة في حال التصويت على الاستجواب قال سلمان «كافة الوسائل القانونية متاحة أمامنا»، معتبرا أن خيارات مثل الانسحاب من الجلسة أو اللجوء للشارع «خيارات مشروعة وسنتخذ قرارا بشأنها في حينه»، موضحا أن أي تصويت للاستجواب «هو اسقاط للدستور».

وأكد الشيخ علي سلمان ان «الوفاق» تسعى لأن ترسخ التجربة الديمقراطية في البرلمان، «ونحن على ثقة أن الشعب يراقب كل ما يحدث تحت قبة المجلس، ونتمنى أن تكون هذه التجربة تستحق أن يعاود الناخبين التصويت في الانتخابات المقبلة» (بعد أربع سنوات).

وتشير التوقعات إلى أنه أمام المعارضة البحرينية، التي تمثلها «الوفاق»، ثلاثة خيارات في جلسة الغد، إما أن تقبل بالتصويت، والذي يتوقع ألا يصل بالوزير عطية الله إلى الاستجواب، وبذلك تكون حققت هدفا إعلاميا من خلف هذا الاستجواب، وثاني الخيارات رفع الموضوع للمحكمة الدستورية، أما ثالث الخيارات فهو الانسحاب من جلسة الغد.

ويتوقع مراقبون تحركا يقوم به شارع المعارضة ردا على رفض الاستجواب، وفي حين تشير مصادر إلى أن أطراف المعارضة من خارج البرلمان ستستفيد من هذا الرفض بتصعيد الموقف عن طريق الاتجاه للشارع، وأكدت مصادر في «الوفاق» أن المعارضة نفسها «ستضطر للخروج بمسيرات احتجاجية على هذا الرفض البرلماني لاستخدام النواب حقهم الدستوري في استجواب أحد الوزراء»، وأضافت المصادر «طالبونا بالدخول للبرلمان، وعندما وصلنا منعونا من استخدام حقنا الدستوري».

وهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها استجواب (يتبعه طرح ثقة في حال إدانة الوزير) في وزير من الأسرة الحاكمة، وكانت الدورة السابقة من البرلمان البحريني قد شهدت استجوابا للدكتور مجيد العلوي وزير العمل، وكذلك لوزير المالية السابق عبد الله أحمد سيف، إلا أن كلا من هذين الاستجوابين لم يصلا لمرحلة طرح الثقة.

من جهته قال لـ«الشرق الأوسط» النائب خليل المرزوق رئيس اللجنة التشريعية والقانونية بالمجلس إن المعارضة تتخوف من أن تعرقل الحكومة هذا الاستجواب بأدوات قانونية، موضحا «نحن نعلم أن الحكومة تستخدم ضغوطا من أجل عدم المضي في الاستجواب»، وأضاف «أي خطوة حكومية لتفعيل دور المجلس ستقابلها خطوات منا (المعارضة)، وأي عرقلة لهذا الدور سنواجهه أيضا بالمثل».

وعن إمكانية إسقاط الاستجواب من المجلس في الجلسة القادمة قال المرزوق إنه بحسب الدستور واللائحة الداخلية «فإنه ليس من حق المجلس الاعتراض على الاستجواب، فضلا عن محاولة اسقاطه أو عرقلته، إذ لو حدث ذلك، فإنها ستعد سابقة خطيرة وانتكاسة للعمل البرلماني، وخصوصا في شقه الرقابي، كما سيكون ذلك مخالفة دستورية وقانونية واضحة». ووفقا للاستجواب، والذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، فإن المخالفات التي ثبتت لدى مقدمي الاستجواب، هي مزاولته الأعمال التجارية والمالية أثناء توليه المنصب الوزاري، ومخالفته قانون تنظيم المناقصات والمشتريات الحكومية، وتجزئة الصفقات، وكذلك مخالفة أحكام الدليل المالي، واستغلال منصبه الوزاري لأغراض شخصية، إضافة لشبهة الثراء بأساليب غير مشروعة.

وتضمنت لائحة الاستجواب المذكرة الشارحة للاستجواب وتقرير «البحرين.. الخيار الديمقراطي وآليات الإقصاء»، والمعروف بتقرير البندر المثير للجدل، ونسخ من الشيكات الصادرة من الوزير المستجوب بموضوع الاستجواب، وتقرير التحقيق الإداري، وتقصي الحقائق في شأن التقرير المذكور أعلاه، والصادر عن وزير ديوان رئيس مجلس الوزراء والتصريحات الصحافية للوزير المستجوب حول موضوع الاستجواب.