الرئيس السوداني يلتقي لأول مرة مع المعارضة في منزل سوار الذهب لجمع الصف الوطني

البشير يشكل لجنة عليا برئاسة وزير الدفاع لتنفيذ اتفاق الرياض بين السودان وتشاد

TT

في خطوة تعتبر الأولى من نوعها، واللافتة في الساحة السياسية في السودان، التقى الرئيس عمر البشير وأقطاب المعارضة الرئيسية في البلاد وهم، الصادق المهدي رئيس حزب الامة، والدكتور حسن الترابي الامين العام لحزب المؤتمر الشعبي، ومحمد ابرهيم نقد سكرتير الحزب الشيوعي، ونائب رئيس الحزب الاتحادي احمد الميرغني.

وجرى اللقاء الذي يتوقع المراقبون بانه سيكون له ما بعده، على عشاء في منزل الرئيس السوداني الاسبق المشير عبد الرحمن سوار الذهب، الذي يرأس هيئة أهلية تعنى بجمع الصف الوطني عرفت باسم «هيئة جمع الصف الوطني».

حضر اللقاء الى جانب زعماء المعارضة الرئيسية كل من علي الريح السنهوري زعيم حزب البعث السوداني الموالي للبعث العراقي، والشيخ الهدية رئيس جماعة أنصار السنة.

وقال المتحدث باسم هيئة جمع الصف الوطني وزير الدفاع السابق اللواء متقاعد عثمان عبد الله لـ«الشرق الاوسط»، ان اللقاء النادر جاء في اطار نشاط العلاقات العامة، الذي تنهض به الهيئة وسط القوى السياسية في البلاد، ويأتي بعد حوارات ولقاءات مع قيادات هذه القوى على حدة، منذ أكتوبر (تشرين الاول) الماضي، حيث بدأت الهيئة اعمالها.

وقال ان الهيئة طرحت على البشير وزعماء المعارضة حصيلة جهودها خلال المرحلة السابقة، ووصف اللقاء بانه كان وديا ومثمرا. وكشف عن ان الترابي اعرب عن أمله في ان يكون لهذا اللقاء ما بعده، واشار عبد الله الى ان اللقاء كان خاليا من الموضوعات السياسية «لان اللقاء كان الغرض منه شكر القوى السياسية على تجاوبها مع طرح الهيئة في الفترة الماضية». واضاف «كانوا على درجة عالية من المرونة في ما طرحناه حول جمع الصف الوطني».

وكشف عن ان الهيئة ستعقد اليوم لقاء مع رؤساء تحرير الصحف وكتاب الاعمدة والقيادات الاعلامية في اطار الحوار الدائر حول عمل الهيئة والوفاق الوطني، وان الهيئة ستسلم غدا الثلاثاء قيادات القوى السياسية مقترحاتها التي توصلت اليها لتحقيق الوفاق الوطني، على ضوء اللقاءات التي انجزتها مع القوى عن طريق اللقاءات والاتصالات. ورفض عبد الله الافصاح عن ملامح او تفاصيل المقترحات، غير انه قال «هي خطة الحد الادنى لجمع الصف الوطني، حماية للبلاد من المخاطر والاستهداف».

وحول الخطوة العملية التي تسعى الهيئة لتحقيقها من خلال تحركاتها وسط القوى السياسية، قال عبد الله ان الهيئة تخطط للوصول بكل هذه المجهودات الى ملتقى للقوى السياسة تحت اي مسمى، الغرض منه الاتفاق على اجندة محددة وطنية وعقد اجتماعي واضح، وصولا الى وثيقة تؤمن البلاد من المخاطر.

وحسب عبد الله فان الحركات المسلحة في دارفور رحبت في اتصالات هاتفية اجراها معهم سوار الذهب بفكرة الحوار الوطني، التي تتولاها الهيئة، وقال ان رئيس الهيئة تعهد بأنه سيسلم قياداتها مقترحات الهيئة لجمع الصف الوطني، واشار الى ان اتصالات سوار الذهب مع الحركات غير الموقعة على اتفاق ابوجا شملت، سليمان مرجان وجار النبي عبد الكريم واحمد عبد الشافي عثمان بشرى والدكتور صالح محمد وعبد الله يحيى وادم ادريس وابراهيم محمد ابراهيم وخميس عبد الله وهاشم حماد وادم بخيت.

من ناحية اخرى، اصدر الرئيس عمر البشير قرارا بتشكيل لجنة عليا برئاسة وزير الدفاع وعضوية وزير الخارجية ورئيس جهاز الامن لتنفيذ اتفاق الرياض بين السودان وتشاد، تحت رعاية المملكة السعودية، وقال وزير الدولة بوزارة الخارجية علي كرتي، في تصريحات ان اللجنة ستبدأ اعمالها بالترتيب لعقد لقاء مع الطرف التشادي حول مراحل تنفيذ الاتفاق. وفي سياق توالي ردود الفعل، جددت الحكومة التشادية التزامها بتنفيذ جميع بنود الاتفاق، بما فيها تلك التي تنص على ابعاد المعارضين من الطرفين. وشدد الامين العام لجبهة الانقاذ الحاكمة في تشاد محمد حسين على التزام تشاد حزبا وحكومة بتنفيذ بنود اتفاق قمة الرياض التصالحية، وقال وقعنا هذا الاتفاق في الحرم الشريف و«بكينا وصلينا مع الرئيس البشير»، واضاف نحن لا نريد غير السلام واتفقنا عليه جميعا وسنلتزم بما اتفقنا عليه بالقرب من بيت الله الحرام. ورحبت حركة العدل والمساواة بحذر باتفاق الجنادرية بين الرئيس عمر البشير ونظيره التشادي ادريس ديبي برعاية العاهل السعودي الخميس الماضي، وقال المتحدث الرسمي باسم حركة العدل والمساواة، احمد حسين ان حركته تدعم من حيث المبدأ اي تقارب سوداني تشادي، وترحب بان تكون علاقات الشعبين طبيعية، لانها تنعكس ايجابيا على حل قضية دارفور ويمكن للاجواء الايجابية بين الخرطوم وانجمينا ان تمهد للحل السلمي.

ووصف حسن الاتفاق بانه ايجابي «ويعني تخلي الحكومة عن الحل الامني والسعي لاسقاط النظام في تشاد»، واشار الى ان الحركة لن تتأثر بهذا الاتفاق من الناحية الاجرائية، لانها لا تملك وجودا عسكريا داخل الاراضي التشادية ولا تقيم قياداتها في العاصمة التشادية انجمينا.

في غضون ذلك، وصف مساعد الرئيس ونائب رئيس حزب المؤتمر الوطني الدكتور نافع علي نافع حديث المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية عن ان المحكمة ستصدر حكما بالسجن مدى الحياة لوزير الدولة بالشؤون الانسانية احمد هارون وعلي كوشيب بتهمة ارتكابهما جرائم حرب في دارفور بانه «فيلم سياسي». واستنكر نافع في تصريحات صحافية حديث مدعي لاهاي، وقال ان المدعي العام، وهو يفهم القانون، يريد ان يحمل القضية للمحكمة ومع ذلك يصدر حكمه قبل ان تصل المحكمة، واضاف «هذا دليل على ان الامر برمته فيلم سياسي وهؤلاء مكلفون بأن يقولوا ما يقولون، واضاف انها ضغوط سياسية والحكومة تعودت عليها».

وفي نفس الوقت، اتهم محمد علي المرضي وزير العدل السواني مدعي لاهاي بتجاوز الفهم الصحيح للعدالة بعد حديثه عن العقوبات التي ستفرض على هارون وكوشيب، قبل ان تتم محاكمتهما أو إدانتهما، وقال المرضي إن مدعي لاهاي جرَّد نفسه من الفهم القانوني السليم والنظرة العدلية بحديثه عن العقوبات، خاصة ان المحكمة الجنائية الدولية غير مختصة بمحاكمة أي مواطن سوداني.

وحول مذكرات التوقيف التي أصدرها مدعي لاهاي بحق الوزير هارون وكوشيب أكد وزير العدل أنه إذا تم إلقاء القبض على أي مواطن سوداني بواسطة المحكمة الجنائية أو عن طريقها فستكون هذه قرصنة دولية لا تختلف في هذه الحالة عن عمليات الاختطاف التي تمت لرئيس بنما الأسبق نورييغا.