ساركوزي يحقق فوزا كبيرا على منافسته الاشتراكية ويصبح رئيسا لفرنسا

مشاركة كثيفة في الدورة الثانية من الانتخابات وصلت لأكثر من 75%

TT

حقق المرشح اليميني نيكولا ساركوزي، فوزا باهرا على منافسته الاشتراكية سيغولين رويال، مما يؤكد أن ميزان القوى السياسي في فرنسا يميل الى اليمين. وحصل ساركوزي على 53% من الأصوات مقابل 47% لرويال. وقبل إعلان النتائج، بدأ التحضير للمعركة الانتخابية اللاحقة أية الانتخابات التشريعية التي ستجري على دورتين في العاشر والسابع عشر من الشهر الحالي، والتي من المفترض أن تمنح ساركوزي أكثرية مريحة، تمكنه من تطبيق برنامجه الذي دافع عنه أمام الفرنسيين، والذي انتخب على أساسه. والسؤال الرئيسي الذي يمكن طرحه منذ الآن هو: هل سيستطيع الحزب الاشتراكي تجميع اليسار، للانطلاق موحدا نحو المعركة الجديدة، أم أن الهزيمة التي لحقت بمرشحته الرئاسية ستفضي الى أزمات داخل الحزب؟

والثابت الآن أن ساركوزي قام بحملة انتخابية ناجحة على الصعيدين التنظيمي والسياسي. والأنظار موجهة الآن لمعرفة شكل الحكومة الأولى وهوية رئيسها وأعضائها وكيفية عملها علما أن المرشحين الطامحين كثر. ويبدو نجاح استراتيجية ساركوزي في مهارته باجتذاب ناخبي اليمين المتطرف نحوه من خلال تركيزه على مواضيع الأمن والهجرة والهوية الوطنية، مما حفز هؤلاء الى الاقتراع لصالحه في الدورة، والى تجاهل دعوة لوبن لمقاطعة الجولة الثانية. وبموازاة ذلك، عرف ساركوزي أن يحصل على دعم نواب الوسط بالترهيب والترغيب، وأن يستميل جانبا مهما من ناخبيه، وأن يسحب بذلك البساط من تحت رجلي سيغولين رويال، التي لم توفر وسيلة من أجل إغراء ناخبي فرنسوا بايرو. لكن النتيجة التي حصلت عليها لا تدل على أنها لاقت نجاحا في هذه الاستراتيجية السياسية.

وأخذ الكثير من الفرنسيين على رويال «عدوانيتها» في التهجم عن ساركوزي، الذي التزم إزاءها لغة هادئة بعيدة عن التشنج. كذلك أخذ عليها ابتعادها عن الدقة في تصور الحلول للمشاكل التي يعاني منها الفرنسيون. وكانت استطلاعات الرأي أظهرت أن خصمها اليميني يتمتع بصورة «رجل دولة» اكثر منها.

ولاقت الدورة الثانية، إقبالا منقطع النظير، حيث كسر الناخبون الفرنسيون غالبية الأرقام القياسية، وتوجهوا منذ صباح أمس، وبكثافة الى صناديق الانتخاب، مما يدل على مستوى التعبئة في معسكري اليمين واليسار على السواء. وأفادت الأرقام المتوافرة الساعة السابعة بأن المشاركة وصلت الى 84 في المائة ما سيشكل نسبة مرتفعة للغاية قياسا للانتخابات السابقة. وبحسب الأرقام التي أعطتها وزارة الداخلية، فإن11 في المائة من المسجلين على اللوائح الانتخابية، قاموا بواجبهم الانتخابي حتى الساعة الخامسة من بعد الظهر. وتشكل هذه النسبة أعلى مشاركة منذ عام 1981. ففي الانتخابات الرئاسية الماضية عام 2002 كانت النسبة عينها بحدود 67 في المائة و66.8 في المائة عام 1995 و70 في المائة عام 1988 و72 في المائة عام 1981. كذلك ارتفعت نسبة التصويت بأكثر من نقطة (1.2 نقطة) قياسا لما كانت عليه في الدورة الأولى في 26 أبريل (نيسان) الماضي. وكانت مكاتب الاقتراع الـ65 الفا، قد فتحت منذ الساعة الثامنة صباحا، وشهدت باكرا إقبالا استثنائيا من قبل الناخبين الذين يبدو أنهم رغبوا في الاستفادة من النهار المشمس، الذي استمتعت به فرنسا امس. وكان حوالي مليون ناخب قد اقترعوا السبت بسبب فارق الوقت في المناطق الفرنسية ما وراء البحار في جزر الأنتيل (غويانا والغوادلوب وبولينيزيا الفرنسية) وفي أرخبيل سان بيار وميكلون المواجه لكندا.

وكعادته لدى كل انتخاب، صوت الرئيس شيراك ترافقه زوجته برناديت في قرية ساران، الواقعة في منطقة لا كوريز (وسط فرنسا) قبيل ظهر أمس. غير أنها المرة الأولى منذ عام 1981 التي لا يضع فيها ورقة تحمل اسمه في صندوق الاقتراع، إذ أنه واظب على الترشح للانتخابات الرئاسية منذ عام 1981. وبدا على شيراك وعلى زوجته اللذين سيغادران قصر الأليزيه في السادس عشر من الشهر الحالي على أبعد تقدير التأثر، حيث تجمع العشرات من سكان المنطقة ومن الفرنسيين الذين جاؤوا من مناطق بعيدة لتحيتهم. واقترع مرشح اليمين نيكولا ساركوزي في مدينة نويي الغنية، ترافقه ابنتا زوجته سيسيليا من زواجها الأول، التي لم ترافقه هذه المرة مثلما فعلت في الدورة الأولى. ووصل ساركوزي الى مقر الاقتراع الذي أقيم في مدرسة ابتدائية، وسط حراسة مشددة، وحضور كثيف من المصورين والصحافيين. حيث بدا هادئا مبتسما وصافح بعض الأيدي من الذين كانوا هناك لرؤيته. ونشرت بعض الصحف الفرنسية أمس، صورة لسركوزي، وهو يمارس رياضة الركض قرب غابة بولونيا. ويفيد المقربون منه بأن ساركوزي «سيختفي» لعدة أيام في مكان لم يعلن عنه ليرتاح من عناء الحملة الانتخابية، وليتعود على وضعه الجديد كرئيس جمهورية.

من جانبها صوتت سيغولين رويال في عرينها الانتخابي في مركز للاقتراع مقام في قاعة بلدية في مدينة ميل، الواقعة جنوب غربي باريس في منطقة بواتو شارنت، وسط حضور إعلامي وشعبي كثيف. ووصلت رويال سيرا على الأقدام مبتسمة في ثيابها الأنيقة، وصافحت عشرات الأيدي الممتدة نحوها. ولم تدل بتصريحات، إلا أنها اكتفت بالقول إنها «تنتظر النتائج بهدوء».