الحريري أول ضيف أجنبي يلتقي ساركوزي بعد انتخابه

في خطوة تؤكد استمرار السياسة الفرنسية حيال لبنان

TT

في بادرة استثنائية تعكس حرص الرئيس جاك شيراك على إظهار استمرار السياسة الفرنسية إزاء لبنان بعد تركه قصر الإليزيه، حضر الرئيس المنتخب نيكولا ساركوزي، بطلب من شيراك، الإجتماع الذي عقده قبيل ظهر أمس مع رئيس كتلة نواب المستقبل سعد الحريري. وبذلك يكون الحريري أول مسؤول أجنبي يلتقي ساركوزي منذ انتخابه رئيسا للجمهورية يوم الأحد الماضي.

وكان شيراك قد عاد الى قصر الأليزيه برفقة ساركوزي بعد الاحتفال الذي جرى في حديقة لوكسمبورغ بمناسبة ذكرى إلغاء الرق. ودام الاجتماع الثلاثي 45 دقيقة، منها ثلاثون دقيقة بحضور ساركوزي، خرج بعدها الرئيس المنتخب. وبعدها بدقائق خرج شيراك والحريري.

وقالت مصادر رئاسية فرنسية إن هذا النوع من الاجتماعات «نادر فعلا»، وهو يحمل دلالتين؛ الأولى التأكيد على «استمرار» السياسة الفرنسية إزاء لبنان رغم تغير العهود والثانية إبراز المكانة التي يحتلها لبنان في اجندة الدبلوماسية الفرنسية سابقا ولاحقا. واضافت أن اجتماع امس «رد على الذين يرون وينتظرون تغيرا في الخط السياسي الفرنسي بخصوص لبنان» مع نهاية ولاية شيراك الثانية.

وفي كلامه للصحافة عقب الاجتماع الثلاثي، أعرب الحريري عن يقينه من أن ساركوزي «سيستمر» في السياسة التي سار عليها الرئيس شيراك. ووصف الحريري الاجتماع بأنه «كان صريحا وإيجابيا جدا». وبرز فيه «تطابق في وجهات النظر» بالنسبة لمستقبل العلاقات اللبنانية والفرنسية ومسألة إنشاء المحكمة الدولية. وقال الحريري: «العلاقات بين لبنان وفرنسا ستستمر كما كانت في عهد الرئيس شيراك» والرئيس المنتخب «مهتم جدا» بالوضع اللبناني. ونقل الحريري عن سركوزي تأكيده على «ضرورة إنشاء المحكمة الدولية» وكذلك تأكيده «اهمية استمرار العلاقات بين لبنان و فرنسا كما كانت في عهد الرئيس شيراك» وتطبيق القرارات الدولية؛ ومنها القرار 1701. وقالت مصادر فرنسية إن الحريري حصل على «تطمينات» من الرئيس المنتخب حول استمرار اهتمام باريس بالملف اللبناني ودفعها باتجاه إنشاء المحكمة الدولية ومساعدة لبنان في كل المجالات. وأفادت هذه المصادر أن الرئيس شيراك «يوظف ما تبقى له من وقت في قصر الإليزيه من أجل نزع العقبات المتبقية من درب المحكمة الدولية».

وأعرب الحريري عن «ارتياحه» لوصول ساركوزي الى قصر الأليزيه، إذ أن لبنان وفرنسا «ستكون لهما علاقات جيدة للغاية في المستقبل». وقال «وجدت أن الرئيس المنتخب مهتم جدا بالشأن اللبناني والعربي، وهو راغب في إقامة علاقات جيدة مع لبنان والدول العربية ونحن ننظر إلى ذلك بشكل إيجابي، ونأمل لقاءه قريبا». وعما إذا كان ساركوزي سيزور لبنان، رد الحريري بأن الرئيس المنتخب «يود» زيارة لبنان لكن هناك مسألة «التوقيت» ومسألة «تطور الأوضاع اللبنانية».

وبخصوص المحكمة ذات الطابع الدولي، أكد رئيس كتلة المستقبل النيابية أنه «كسعد الحريري» مع تشكيلها تحت الفصل السابع، مضيفا أن العمل على تشكيلها في مجلس الأمن «بدأ مع فرنسا والولايات المتحدة ودول أخرى وسنصل الى تشكيلها في أقرب وقت». وتفادى الحريري الرد على سؤال حول إمكانية تحقيق هذا الهدف قبل ترك الرئيس شيراك القصر الرئاسي منتصف الأسبوع المقبل. غير أن أوساطا فرنسية استبعدت ذلك بالنظر الى الحاجة لجهود في مجلس الأمن لإقناع الدول التي لا تزال إما معترضة أو مترددة. وجاء على موقع الإليزيه الإلكتروني أن الرئيس شيراك شدد على «التزام فرنسا التام والكامل باستقلال لبنان وسيادته» وعلى تنفيذ كامل قرارات مجلس الأمن الخاصة بلبنان لتحقيق العدالة وضمان الاستقرار عبر إنشاء المحكمة الدولية». وردت فرنسا أمس على كلام الرئيس السوري بشار الأسد حول رفض دمشق التعاون مع المحكمة الدولية في حال مست السيادة السورية. وقال الناطق باسم الخارجية الفرنسية جان باتيست ماتيي إن فرنسا «تنتظر من كل الأطراف، بما في ذلك سورية، ووفق روحية القرارات الصادرة عن مجلس الأمن، التعاون من أجل إظهار الحقيقة وتحقيق العدل» في مسألة اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري. وأضاف ماتيي: «أن فرنسا تنتظر أن تتعاون سورية في إنشاء المحكمة وفي حسن سير عملها».

وفندت مصادر رئاسية فرنسية إثارة سورية قضية السيادة، قائلة إن سورية عضو في الأمم المتحدة، وهي بهذه الصفة «متوجب عليها التعاون لتنفيذ القرارات الدولية، خصوصا ما اتخذ منها بالفصل السابع، ولذا فإن الحديث عن السيادة ليس في مكانه». وأفادت هذه المصادر عن «اتصالات ومشاورات» فرنسية داخل مجلس الأمن «لتوفير أوسع دعم لإنشاء المحكمة الدولية بموجب الفصل السابع»، نافيا أن تكون بريطانيا «متحفظة» على هذا النهج.