التشكيل الحكومي البريطاني يدخل مرحلة «الاهتزاز»

نائب بلير يلحق به مغادرا وسترو قد يعود للداخلية ومصير بيكيت تحت الأضواء

TT

بينما كان رئيس الوزراء البريطاني توني بلير يعلن موعد تخليه عن السلطة امس، فإن وزراءه كانوا يدرسون مستقبل السياسة البريطانية. وقد اتسمت العلاقات الشخصية بين قادة حزب العمال الحاكم بنوع من الدراما الإنسانية منذ تولي الحزب الحكم. وبينما شكل بلير ووزير خزانته المتوقع ان يخلفه، غوردن براون، الفريق الذي أسس مبادئ حزب العمال «الجديد»، فإن المنافسة بينهما أدت الى تقسيم الحزب بين شق يؤيد رئيس الوزراء وآخر يؤيد وزير الخزانة. ومنذ اعلان بلير في الاول من اكتوبر (تشرين الاول) 2004 عدم اعتزامه الترشح لولاية رابعة، أخذ قياديو حزب العمال يعدون تحالفاتهم الداخلية ويستعدون للمرحلة المقبلة. وبعد تأكيد بلير أمس قراره التنحي عن منصبه الشهر المقبل، أعلن حزب العمال ان نائب رئيس الوزراء جون برسكوت سيستقيل هو الآخر. ولم يكن قرار برسكوت مفاجئاً، اذ يعتبر من المقربين لبلير ورمزاً لعهد سلطته، الذي سينتهي يوم 27 يونيو (حزيران) المقبل. وقال برسكوت في رسالة نشرها حزب العمل: «انوي الاستقالة من منصب نائب رئيس حزب العمال». ويشار الى ان نائب رئيس حزب الاغلبية في مجلس العموم عادة ما يتولى منصب نائب رئيس الوزراء. وتولى برسكوت منصب نائب رئيس الوزراء بدون انقطاع منذ انتخاب توني بلير رئيساً للوزراء في مايو (ايار) 1997.

وخلافا لبلير ستفتح استقالة برسكوت منافسة شديدة لخلافته، اذ اعرب عدة مرشحين ومرشحات عن عزمهم خوض السباق لشغل المنصب. وسيتم تعيين خليفة برسكوت اثر اجراء داخلي في حزب العمال يتوقع ان ينتهي اواخر الشهر المقبل.

ومع تأكيد استقالة بلير وبرسكوت، وتوقع تولي براون رئاسة الحزب والحكومة، أصبحت المناصب العليا في حزب العمال والحكومة شبه شاغرة وقابلة للتغير. ويتطلع براون للتعديل الوزاري الجديد ليضع مقربين منه في المناصب الحساسة لضمان ولائهم، خاصة انه لعب دوراً اساسياً في دفع بلير لتحديد موعد رحيله بسبب الضغوط الداخلية، التي فرضت عليه من الحزب.

وتسلط الاضواء حالياً على الوزارات السيادية والفعالة، خاصة وزارتي الداخلية والخارجية. وأكد وزير الداخلية الحالي، جون ريد، عزمه الاستقالة من منصبه مع رحيل بلير، مما دفع بعض الاوساط السياسية البريطانية لتوقع عودة رئيس مجلس العموم جاك سترو الى الوزارة التي ترأسها في التسعينات من القرن الماضي قبل تسلمه حقيبة الخارجية.

ومن جهة اخرى، سلطت الاضواء على منصب وزير الخارجية، اذ عينت وزيرة الخارجية الحالية مارغريت بيكيت، المؤيدة لبلير، في المنصب قبل عام، عندما كان رئيس الوزراء يواجه انتقادات لاذعة بسبب سياساته، خصوصاً موضوع العراق. وتبدو بيكيت متمسكة بمنصبها، على الرغم من التكهنات بأنها قد تخسر المنصب لصالح شخصية أقرب من براون. وقال مصدر في وزارة الخارجية مقرب من بيكيت لـ«الشرق الاوسط» أمس، إنها «كانت موالية لبراون قبل ان تكون موالية لبلير»، مؤكداً انها ملتزمة بمنصبها وتريد مواصلة عملها الحالي. وأضاف المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن هويته لحساسية الموقف: «نعمل في الخارجية على فرضية استمرار الوزيرة في منصبها، فقد حصلت على الخبرة الكافية خلال العام الماضي، ونجحت في تطوير الدبلوماسية الشخصية وبناء العلاقات». وتأكيداً على انها تواصل عملها الاعتيادي في ظل التغيرات السياسية، القت بيكيت أمس خطاباً حول التغير المناخي وتأثيره على الامن العالمي في «معهد الخدمات الموحدة الملكية» (روسي) بعد ساعتين من اعلان بلير.

وشدد المصدر على ان مستقبل بيكيت السياسي، كغيرها من الوزراء البريطانيين، غير واضح بعد. وقال المصدر ان «مساعدي براون يلتزمون الصمت إزاء التشكيلة الوزارية، إذ من غير المؤكد حتى الآن انه سيحصل على المنصب، ولا يريدون الظهور بأنهم بدأوا يشكلون حكومة قبل الحصول على رئاسة الحزب». ومن المتوقع ان تعقد اللجنة التنفيذية لحزب العمال اجتماعاً يوم الاحد المقبل لتحديد الانتخابات الداخلية للحزب. وذكرت صحيفة «الغارديان» ان براون نجح في الحصول على تأييد 271 نائبا من أصل 355 نائبا من الحزب، بينما لم يعلن 84 نائباً حتى مساء امس دعمهم لمرشح معين. ويذكر ان النائب يحتاج الى 44 صوتاً لخوض سباق رئاسة الحزب، وهذا ما قد يسعى اليه النائبان جون ماكدونل ومايكل ميتشر، اللذان يمثلان الشق اليساري في الحزب. واذا حصل أي من النائبين على الاصوات الكافية فستجري انتخابات، والا يكتفي الحزب بـ«تتويج» براون رئيساً لحزب العمال.