أصدقاء صديقة وولفويتز يدافعون عنها: امرأة ذات تعليم عال ومروجة للديمقراطية

تتحدث 5 لغات بينها العربية والتركية وولدت في السعودية وتربت بليبيا ودرست بمدرسة الاقتصاد في لندن وجامعة أكسفورد

TT

إنها المرأة غير المرئية في مركز العاصفة التي تدور حول رئيس البنك الدولي بول وولفويتز. تتميز شاها علي رضا بالجدية والتحفظ والإرادة القوية وأطلِق عليها اسماء من نوع «صديقة» بول وولفويتز و«مرافقته» وحسب موقع Salon.com سميت بـ«شريكته الجديدة». لكن المواطنة البريطانية، 52 عاما، ظلت على علاقة بواحد من أقوى رجال واشنطن لسبعة أعوام. وشجعها أولئك المقربون لها على أن تتحدث علنا عن جانب القصة الخاص بها، لكنها فضلت الصمت.

وحينما سئل صديق لشاها عما تشعر به، كان جوابه: «ماذا تتوقع؟ كيف يمكنك أن تتوقع من امرأة ينظر إليها باعتبارها مجرد صديقة لرجل ما بينما هي شخصية على درجة عالية من التعليم قامت بالكثير من الجهود لجعل حياة النساء والمجتمع المدني في الشرق الأوسط في وضع أفضل وأنجزت بالفعل الكثير في هذا المجال».

ورفضت شاها التعليق في هذه القصة، ولكن من خلال مقابلات مع اصدقاء وزملاء لها تظهر صورة امرأة مسلمة تشكلت هويتها من العالمين الغربي والعربي، وهي مدافعة شديدة عن حقوق المرأة والإصلاح والديمقراطية في الشرق الأوسط. وقد ولدت في السعودية وتعلمت في اكسفورد، وكانت خبراتها في ما يتعلق بمنطقة الشرق الأوسط مثار اعجاب الاكاديميين ومراكز الدراسات، والنافذين في واشنطن.

قالت القاضية السابقة ساندرا أوكونر التي تعرفت إلى شاها رضا بعد اختيارها عضوا في مجلس إدارة مؤسسة من أجل المستقبل: «إنها كفوءة جدا وتعرف المنطقة بشكل ممتاز» وتم إنشاء هذه المؤسسة قبل عامين لتمويل الجهود المناصرة للديمقراطية.

وأضافت أوكونر: «عملها لصالح مؤسسة من أجل المستقبل كان رائعا. فمعرفتها بالعربية كان مساعدا جدا. وهي امرأة مثيرة للإعجاب». وكانت هذه المؤسسة قد عملت مشاريع لدعم الديمقراطية في المغرب ولبنان. ومنذ التحاقها بالبنك الدولي عام 1997 قال زملاء لها انها واجهت انتقادات بسبب امتلاكها قدرا من الغرور وهوسها بحقوق النساء، وأحيانا كان ذلك على حساب الاعتبارات الدبلوماسية بينما هناك آخرون شديدو الإعجاب بحيويتها.

جان بيرسي المدير التنفيذي الأميركي في البنك الدولي سابقا قال: «شاها شخصية عزائمية، ومفوهة وذات إدراك عميق وتفهم القضايا المتعلقة بحقوق المرأة».

وحينما أصبح وولفويتز رئيسا للبنك في عام 2005 طُلب منها أن تترك منصبها كأخصائية اتصالات فانتقلت إلى مؤسسة من أجل المستقبل. وهي منظمة تتسلم دعما من وزارة الخارجية الأميركية. وما زال البنك يدفع راتبها.

وقال بيرسي وآخرون إنهم يريدون أن يضعوا معايير للبنك الدولي تكون نموذجا يقتدى بالنسبة للبلدان التي يقدم البنك مساعدات لها. فمحاباة الأصدقاء والأقارب والمحسوبية قابلتان لأن تقوض أي نظام ديمقراطي أو اقتصادي نام.

وبعد الكشف عما قام به وولفويتز من توجيه دفع سخي مع ترقيات وظيفية لرضا في «تعيينها الخارجي» تنامت المطالبة بإقصائه عن رئاسة البنك من حيث الشدة والحجم. ووسط هذه الجلبة قال بعض أصدقاء شاها إن شخصيتها صورت على انها مجرد «صديقة» يعود الفضل في نجاحها إلى تدخل وولفويتز.

وقد دافعت عن نفسها أمام لجنة «الأخلاقيات» في البنك أثناء جلسة جرت معها في أبريل (نيسان) الماضي، حيث قالت إن حياتها ومهنتها «تعرضتا للتمزيق» حينما تمت إعادة تعيينها خارج البنك. وحسب نسخة شهادتها التي قدمتها آنذاك قالت شاها: «أنا لم أعط خيار البقاء». ثم أشارت إلى «أنه من الغريب أن يكون عملي هو لضمان مشاركة النساء وحقوقهن من خلال العمل في البنك الدولي ثم يتم نزع حقوقي على يد المؤسسة نفسها». وقالت في مذكرتها إنها تشعر بتعرضها للتمييز على يد البنك الدولي «لا لأنني امرأة، بل لأنني امرأة عربية مسلمة تتجرأ في طرح أسئلة تتعلق بالوضع الراهن في عمل المؤسسة ومن داخل المؤسسة نفسها».

وعلى الرغم من الاختلافات في خلفياتهما الثقافية والدينية حيث أن وولفويتز يهودي فإن كليهما يمتلكان ثقة عالية بنفسيهما. ويشير الأصدقاء غالبا إلى الأرضية الثقافية المشتركة لهما. فكلاهما من المؤمنين بإمكانية نشر قيم الديمقراطية في البلدان العربية. ولم يعرف سوى القليل عن فترة شباب شاها أو خلفيتها العائلية لكن يقال إنها ترعرعت في ليبيا. ودرست في مدرسة داخلية كاثوليكية في إنجلترا وفي جزيرة مالطا ثم حصلت على البكالوريوس من كلية لندن للاقتصاد ثم درجة ماجستير في الدراسات الاجتماعية من كلية سانت انتوني بأكسفورد. وهناك التقت بالقبرصي التركي بولنت علي رضا، حيث تزوجا ورزقا بصبي.

ثم انتقلا إلى الولايات المتحدة. وحاليا يحتل بولنت منصبا عاليا في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ويدير المشروع التركي فيه، وفضل تجنب التعليق على هذه القصة. وفي أوائل التسعينات من القرن الماضي انضمت شاها رضا إلى «المؤسسة القومية للديمقراطية» وحدد لها عمل تطوير برنامج المنظمة الخاص بالشرق الأوسط. وكان وولفويتز ضمن مجلس الإدارة، وبهذه الطريقة التقت شاها به. وحسب الصحافي التركية جنكيز كاندار صديقهما المشترك فإن «شاها كانت آنذاك متزوجة وهو كان متزوجا»، وهما لم يبدآ بالخروج معا إلا بعد أن تم طلاق شاها رضا من زوجها وانفصال وولفويتز عن زوجته كلير سلغين التي عاش معها 30 عاما.

وعملت شاها أيضا في «مؤسسة العراق» وهي منظمة دعمت المنفيين العراقيين لإسقاط صدام حسين. وكانت آراؤها موضع تقدير أحمد الجلبي الذي كان آنذاك موضع تقدير وولفويتز وزملائه كي يخلف صدام حسين في الحكم بينما كانوا يضعون الخطط لشن الحرب على العراق. وفي أبريل ( نيسان) 2003 أي بعد غزو الولايات المتحدة للعراق أخذت رضا شاها من البنك الدولي كي تعمل مع النساء العراقيات في بغداد حول تشكيل الحكومة الجديدة. وتظهر تقارير وزارة الدفاع أن وولفويتز الذي كان آنذاك نائبا لوزير الدفاع لعب دورا في إرسالها إلى بغداد.

وقالت الين لابيسون رئيسة مركز «هنري ستيمسون» المعني بالسلام الدولي والتي تعرف شاها منذ سنوات: «كانت شاها أحد المروجين لفكرة أنه يجب عدم إقصاء الشرق الأوسط عن عملية التغيير الديمقراطي». وانضمت شاها الى البنك الدولي في يوليو ( تموز) كمستشارة، واصبحت موظفة دائمة في عام 1999، وهي تتحدث 5 لغات بينها العربية والتركية، وعندما بدأت صداقتها مع وولفويتز كان وقتها عميد مدرسة الدراسات المتقدمة في العلاقات الدولية في جامعة جون هوبكنز، ثم انتقل الى ثاني اهم منصب في وزارة الدفاع مع قدوم ادارة بوش.

وعلى الرغم من ان وولفويتز قال لأصدقائه إنه طلق زوجته لكن الأمر غير واضح حتى الآن ما إذا كان هو وزوجته كلير قد قاما بذلك حقا. وقالت كلير وولفويتز في رسالة الكترونية: شاها رضا سيدة ملتزمة ومروجة جيدة للاصلاح وتحظى باحترامي. وآمل ان تكمل عملها رغم كل شيء.

وفي عام 2004 نظمت شاها في بيروت مؤتمرا رئيسيا لمجموعات من الشرق الاوسط وشمال افريقيا تدعم الحريات والإصلاح بعد سقوط صدام حسن، في محاولة لاستثمار فكرة المحافظين الجدد بان زرع الديمقراطية في العراق من شأنه ان يؤثر على التغيير في بقية المنطقة. ويقول شبلي ملاط استاذ القانون اللبناني انها استطاعت جمع الجميع بجهودها الشخصية، وانه لم يكن ليشارك لولا مهنيتها ورؤيتها.

وبعد تولي وولفويتز رئاسة البنك الدولي ذهبت شاها الى وزارة الخارجية وكان بين زملائها اليزابيث تشيني وبعد ذلك انتقلت لتصبح مستشارة لرئيس ومجلس ادارة مؤسسة من اجل المستقبل للترويج للديمقراطية في الشرق الأوسط.

وكانت علاقة وولفويتز وشاها لسنوات احد الاسرار المصونة في واشنطن والعالم العربي ويقول ملاط: لم يكن ذلك معروفا على الاطلاق وكانت شاها قدمته الى وولفويتز واليزابيث تشيني قبل حرب العراق في عام 2003. ورغم ما حدث يقول الصحافي كاندار الذي يعرف شاها منذ 22 عاماو انه لا شيء يدل على ان علاقة الاثنين ستتأثر في الوقت الحالي.

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»