نشاط أميركي ـ إيراني متزامن بالخليج.. وواشنطن تقول إنها تقف مع «دول أخرى» لمنع طهران نووية

تشيني يريد إغلاق الشركات الإيرانية في الإمارات.. وأحمدي نجاد يدعو لترتيبات أمن إقليمية مستقلة

TT

تشهد منطقة الخليج العربي نشاطا دبلوماسيا اميركا ـ ايرانيا عالي المستوى هذا الاسبوع، ففيما بدأ نائب الرئيس الاميركي ديك تشيني جولته في المنطقة بزيارة العراق تبعها بزيارة الى الامارات العربية المتحدة، على ان يزور المملكة العربية السعودية اليوم ثم مصر والاردن، من المقرر ان يصل الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد للامارات آتيا من عمان وذلك ايضا في اطار جولته الخليجية، والتي تأتي بعد فشل اللقاء الثنائي الذي كان مرتقبا خلال قمة شرم الشيخ بين وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس ونظيرها الإيراني منوشهر متقي، واستعدادات مجلس الامن الدولي لنظر حزمة جديدة من العقوبات ضد طهران بسبب اصرارها على وقف تخصيب اليورانيوم، كما تأتي جولة احمدي نجاد وتشيني وسط توتر في العلاقات بينهما على خلفية استمرار احتجاز واشنطن لخمسة من عناصر الحرس الثوري. وترغب كل من طهران وواشنطن في ضمان مساندة دول الخليج لمواقف كل منهما خصوصا وسط تقارير عن عودة سيناريو مساعي واشنطن لفصل المسارين السوري عن الايراني. وحذر تشيني امس على متن حاملة الطائرات «يو اس اس جون سي. ستينيس» في مياه الخليج، من ان بلاده لن تسمح لايران بامتلاك اسلحة نووية. وقال نائب الرئيس الاميركي امام الاف من عناصر البحرية على متن حاملة الطائرات على بعد حوالي 240 كلم من ايران في مياه الخليج «سنقف الى جانب (دول) اخرى لمنع ايران من امتلاك اسلحة نووية والسيطرة على المنطقة».

وكان الرئيس الاميركي جورج بوش قد اعلن أول من أمس ان زيارة تشيني الى الشرق الأوسط تهدف الى تعزيز الجبهة ضد ايران. وقال بوش ان تشيني سيؤكد لحلفاء واشنطن في المنطقة خلال هذه الجولة التي ترتدي اهمية «حيوية» ان الولايات المتحدة تدرك «عواقب امتلاك ايران السلاح النووي»، وتابع ان نائبه سيؤكد لهؤلاء الحلفاء انهم سيجدون في الولايات المتحدة «صديقا يعول عليه في مواجهة التطرف في هذا الجزء المهم من العالم» و«سيعرض استراتيجيتنا التي تقوم على اقناع الاخرين بالانضمام الينا في المسألة الايرانية».

وقال تشيني ان ايران ـ التي وصفها بأنها مصدر قلق رئيسي للبلدان العربية ـ ستتصدر محادثاته مع الزعماء العرب. وأوضح «الايرانيون بكل وضوح مصدر قلق رئيسي ليس فقط للولايات المتحدة وانما أيضا لمعظم أصدقائنا في المنطقة الذين يساورهم القلق عندما يرون حكومة ايرانية تعمل فيما يبدو بطريقة تنطوي على تهديد.. لذلك فإيران مصدر قلق واسع». ومن المتوقع ان يضغط تشيني في الامارات من اجل اغلاق الشركات الايرانية العاملة في الامارات والتي تعتقد واشنطن انها واجهة تساعد طهران في مواصلة برنامجها النووي. ويوجد في الامارات أكبر عدد من الايرانيين في اي بلد خليجي اذ يتجاوز عددهم 500 الف إيراني، وهم قوة اقتصادية فاعلة. وفي الشأن العراقي اشار تشيني الى ان نجاح الولايات المتحدة في العراق «يبقى ضروريا لأمننا». وأضاف بعد اربع سنوات من غزو القوات الاميركية العراق «نريد انهاء مهمتنا ونريد القيام بها على احسن وجه والعودة (الى الولايات المتحدة) بشكل مشرف»، وتابع «ان الشعب الاميركي لن يدعم خطة انسحاب» من العراق، في الوقت الذي تشير فيه استطلاعات الرأي الى ان اغلبية الاميركيين تؤيد وضع جدول انسحاب من العراق. وأكد تشيني «ان تكتيكات الاعداء همجية ويمكننا توقع المزيد من العنف لأنهم يسعون الى القضاء على آمال الشعب العراقي». ونفى تشيني ان تكون الحرب على العراق قد اعدت مسبقا كما اعلن مؤخرا رئيس «سي آي إيه» السابق جورج تينت. وردا على سؤال لمحطة التلفزيون الاميركية «فوكس نيوز» التي طرحت عليه السؤال في ابوظبي، اجاب تشيني وحسب النص الذي وزعه البيت الابيض «لا، هذا الامر ليس صحيحا». وكان الرئيس السابق لوكالة المخابرات المركزية الاميركية جورج تينت قد اكد في كتاب صدر مؤخرا ان شن الحرب على العراق لم يكن ابدا مدار بحث جدي داخل ادارة بوش.

ورد تشيني الذي كان احد اكبر المؤيدين لهذه الحرب بالقول «هذا ليس صحيحا. لم اقرأ كتاب جورج ولكن.. كانت لنا مناقشات طويلة. ربما جورج لم يشارك الا في جزء منها ولكن في الواقع فقد طرح القرار ودرس بعناية فاقت اي قرار اخر شاركت فيه وقد اشتغلت مع اربعة رؤساء».

وكان تينت رئيسا للوكالة حتى عام 2004، وكان الضحية السياسية الرئيسية لفشل الاستخبارات الاميركية حيال اعتداءات 11 سبتمبر (ايلول) ثم في تبرير الحرب على العراق، وهو يعتبر حاليا بانه كبش محرقة. وفي هذه المقابلة مع فوكس نيوز، دافع تشيني عن الاستراتيجية الاميركية المطبقة حاليا في العراق. وتحدث عن تحقيق تقدم مع اقراره بان «هناك الكثير الذي يجب عمله بعد». وتطرق الى الحرب على الارهاب كي يبرر الالتزام الاميركي الحالي في العراق، وقال ان «التهديد الحقيقي الذي نواجهه هو الذي يأتي من خلية للقاعدة وسط احدى مدننا مع سلاح نووي».

وتأتي زيارة تشيني قبل ايام من زيارة يقوم بها الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد للامارات العربية المتحدة. ويصل احمدي نجاد إلى الامارات غدا قادما من سلطنة عمان، ومن المتوقع ان يجري مباحثات عالية المستوى، نظرا لكونه اول رئيس إيراني يقوم بزيارة الى الامارات. ويريد احمدى نجاد من قادة الامارات وعمان والدول الخليجية الاخرى التي سيزورها، ولم يذكرها مكتب الرئاسة الايرانية، ان لا تواصل الدول الخليجية تحالفها العسكري مع واشنطن، وان تعزز علاقاتها السياسية والدفاعية مع طهران على اساس ان هذا يضمن أمن منطقة الخليج بشكل افضل. يذكر ان لواشنطن 40 الف عسكري في قواعد ارضية بالخليج، و20 الفا من قوات البحرية. وقد وصل تشيني الخميس الى ابوظبي في زيارة رسمية للامارات العربية المتحدة في اطار جولة يقوم بها في الشرق الأوسط، وقد قدم من العراق حيث قام بزيارة استمرت يومين، على ان يتوجه بعدها الى السعودية ثم مصر والاردن. وتضم حاملة الطائرات ستينيس 65 طائرة منها 44 طائرة مقاتلة وقد استخدمت في عمليات الجيش الاميركي في افغانستان.

وعندما يلتقي تشيني مع خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في مدينة تبوك اليوم سيقيمان ما اذا كانت سياسة الولايات المتحدة تساعد أم تعرقل الاستقرار في المنطقة. ويقول محللون ان التوتر تسلل على مدى الاشهر الستة الماضية الى علاقة الرياض مع واشنطن بسبب عدم رضاء السعودية عن مسار الحرب في العراق. وفتحت الرياض قناتها الدبلوماسية الخاصة مع طهران واستقبلت الرئيس محمود أحمدي نجاد. كما وصف الملك عبد الله خلال القمة العربية التي عقدت في مارس (اذار) الوجود العسكري الاميركي في العراق بأنه «احتلال غير مشروع». وفي الوقت الذي تواجه فيه الادارة الاميركية ضغوطا كبيرة في الداخل لسحب أغلب القوات الاميركية من العراق هذا العام أو خلال عام 2008 تريد السعودية ومصر والاردن أن تعمل واشنطن مع الحكومة العراقية لابرام اتفاق سياسي جديد مع السنة. كما تريد اعادة كتابة الدستور العراقي وحل الميليشيات واقرار قانون جديد للنفط وضمان دور أكبر للسنة في السلطة.