البصرة ملتقى دجلة والفرات.. لكن سكانها يشترون الماء

مخاوف من تحويل تمويل مشروع لتوفير المياه في المدينة إلى الخطط الأمنية

TT

أقبل موسم الصيف، ولا جديد تحت شمس معضلة ماء البصرة، ثاني اكبر المدن العراقية. مشهد السنوات الماضية يعيد ذاته، طوابير من الناس أمام محطات تحلية المياه، وعربات تنقل الصفائح البلاستيكية لمياه الشرب، ومكابدات مسموعة لأصحاب الدخل المحدود.

ويبدو المشهد في مدينة البصرة مأساويا فمحطات تصفية المياه الحكومية تضخ عبر شبكاتها مياهاً غير صحية، كما تنتشر بحيرات المياة الآسنة داخل المدينة، فضلا عن أنهار فرعية ممتلئة بالمياة الثقيلة الملونة مخترقة الأحياء السكنية، كما لوحظ ارتفاع نسبة الأملاح في مياة شط العرب، ودخول قناة البدعة الناقلة لمياة نهر الغراف مرحلة الشيخوخة، وتحذيرات صحية من اتساع أمراض الثلوث.

وتؤكد جغرافية البصرة، «أنها مدينة غنية بالمياه، يلتقي شمالها نهرا دجلة والفرات مكونين شط العرب، يرفده قبالة منطقة السيبة مصب نهر الكارون «الإيراني»، إضافة الى قناة لنقل المياه العذبة من نهر الغراف، ومئات الآبار الارتوازية العذبة في باديتها الجنوبية ..» وسكان البصرة اعتادوا على إنفاق جزء مهم من دخلهم الشهري على شراء مياه الشرب. ولا نعني هنا المياه المعدنية المعبأة في عبوات بلاستيكية أنيقة، وإنما المياه الصالحة للشرب والحاوية على كميات معقولة من الأملاح. وقال مسؤولون حكوميون في البصرة لـ«الشرق الأوسط»: إن كل المعالجات لمشكلة ماء المحافظة هي «آنية ووقتية»، ويؤكد المسؤولون ان الحل يكمن في «إنجاز المشروع الذي أحيل إلى إحدى الشركات اليابانية ومن المؤمل المباشرة فيه خلال العام الحالي بطاقة ثلاثمائة مليون غالون في اليوم ومن المقرر انجازة قبل نهاية عام 2011». وكشف عبد المنعم خيون مدير عام ماء المحافظة عن واقع حال المياه بقوله: ان «مياه شط العرب لا تصلح حاليا للاستهلاك البشري وتحولت إلى «مثانة» في جسد دجلة والفرات حيث بلغت نسبة الملوحة فيها3000 جزء بالمليون، أي أكثر من المقرر بخمس عشرة مرة».

وأضاف خيون ان قضية تلوث هذه المياه امر «كارثي» إذ تعتبر المياه «غير صالحة للشرب إذا كانت نسبة التلوث فيها من3-1 جزء في المليون، أما مياه الشط فقد وصلت نسبة التلوث فيها الى50 جزءا في المليون». وأكد الدكتور حامد الظالمي، عضو لجنة التطوير والأعمار في مجلس محافظة البصرة، أن مشروع ماء البصرة المركزي رصدت له الدول المانحة 600 مليون دولار وكلفته التخمينية هي مليار و100 مليون دولار . واضاف بأن المشروع وقع على تنفيذه مجلس محافظة البصرة العام الماضي مع وكالة التنمية الدولية اليابانية (الجايكا) حيث سيؤمن حاجة مليون ومئتين وخمسين ألف نسمة من سكان البصرة إضافة إلى تنفيذ 28 مشروعا ثانويا مكملة للمشروع المركزي سيتم تمويلها من الدول المانحة.

وأوضح الدكتور رعد داود سلمان مدير صحة البصرة بان المدينة تعاني منذ سنوات من وفيات الأطفال بسبب وضع المياه في البصرة الذي ‏‏يعود الى عهد النظام السابق وهناك مخاوف من اتساع ظاهرة الأمراض التي يسببها هذا ‏التلوث. وكانت منظمة الصحة العالمية قد اكدت في تقرير صدر أخيرا «أن ثمة احتمال قائم لإصابة العشرات بالأمراض في محافظة البصرة لنقص المياه النظيفة ومعالجتها وتنقيتها، وبسبب نقلها بوسائل بدائية، وغياب الأمن ونقص الأموال المخصصة لها..».

ويخشى سكان البصرة من تبديد الأموال التي خصصتها الدول المانحة لتنفيذ مشروع الماء المركزي على الجوانب الأمنية كغيره من المشاريع الخدمية المماثلة.