«الثقب البريطاني» في بحر الشمال يهدد البيئة

ألمانيا تتفحص موقع حفريات في قاع البحر

TT

حذر علماء البيئة الألمان من مخاطر بيئية كبيرة قد يتسبب بها «الثقب البريطاني» في قاع بحر الشمال. نشأ هذا الثقب في قعر البحر، كما هو معروف، عام 1999 بسبب أعمال التنقيب عن النفط التي أجرتها شركة «موبايل نورث سي ليميتيد» في منتصف المسافة بين انجلترا والدنمارك. واستخدم العلماء الألمان غواصة صغيرة لتفحص موقع الحفرة تحت الأعماق ولاحظوا توسع الثقب وانطلاق غاز الميثان منه بكميات خطيرة.

واستخدم علماء معهد لايبنتز الألماني لأبحاث البحار(IFM-Geomar) لأول مرة غواصة صغيرة لزيارة موقع الحفر في عمق البحر. وذكر الباحث أولاف بفانكوخة، رئيس فريق العمل من معهد لايبنتز، ان «الثقب البريطاني» تحول إلى بركة مياه مبقبقة (Whirlpool) منذ عام 1990. وكان تيار الميثان القوي الصادر عن الثقب يدفع الغواصة بقوة عن حافة الحفرة. ولاحظ العلماء أن الثقب قد تحول إلى ثقبين يزيد قطر كل منهما عن 6 أمتار وتغطيهما بقايا الأصداف والعوالق والأحياء المائية الميتة. وصورت الكاميرات 10 منافذ إضافية قريبة من الثقب الرئيسي ينطلق منها غاز الميثان تحت ضغط متباين.

ويعتقد العلماء الألمان ان انفجار «Blowout» فقاعة الميثان، التي تكونت نتيجة أعمال الحفر عام 1990، قد أثرت في قشرة قاع البحر في المنطقة وسمحت للغاز بالتسرب عبر منافذ أخرى. وحسب تصريح بفانكوخة، عالم الجيولوجيا والكيمياء الحياتية، فإن المنطقة التي زارتها الغواصة قرب الثقب كانت «كالبحر الميت» بسبب موت الأسماك والأحياء المائية الأخرى. واعتبر الباحث تسرب غازي الميثان وثاني أوكسيد الكربون وبلوغهما السطح بسهولة من الأسرار العلمية التي تستحق الدراسة والبحث. علما أن علماء البيئة يعتبرون غاز الميثان اخطر 24 مرة على ثقب الأوزون، وفي نشوء ظاهرة الاحتباس الحراري، من غاز ثاني أوكسيد الكربون.

وتثبت أجهزة القياس في الأعماق أن غاز الميثان يتسرب من «الثقب الإنجليزي» بمقدار 1000 لتر في الثانية. ويرتفع إلى سطح البحر، بشكل فقاقيع تنتشر في الهواء، نحو ثلث كميات الميثان المنطلقة من الثقوب الـ12، ويذوب ثلثا الكمية المتبقية في ماء البحر، أو بالأحرى فإن البكتيريا تتولى أكسدته. وفي محاولة لمنح فكرة عن قوة الغاز المنطلقة من «الثقب البريطاني»، قال بفانوخوخة أن قوة «فرن» الميثان لعبت بالباخرة العلمية «الكور»، وزنها 1000 طن، كما تلعب «بركة الفقاقيع» بفلينة زجاجة نبيذ. ويقول جورج ريدر، من معهد أبحاث بحر الشمال، أن النوارس تشكل حلقة كبيرة فوق موقع الثقب بشكل مستمر بسبب السمك النافق الذي يطوف حول الفوهة العليا للثقب. وطبيعي فإن تسمم البيئة والأسماك بمركبات الميثان يعني انتقال هذا التلوث إلى النوارس ومن ثم منها إلى الشواطئ وبقية الجزر. ورغم مرور 16 عاما على حادثة «الفقاعة» إلا أن تسرب الميثان لم يتوقف، ووضعت الأمم المتحدة علامات تحذير في البحر لتنبيه السفن إلى وجود منطقة خطرة. وعدا عن خطورة الميثان على البيئة، فإنه غاز قابل للاحتراق بشكل انفجاري عند تماسه مع النار، كما انه أخف من الماء وتشكل الفقاعات وسادة هوائية قد تخل بتوازن البواخر وتؤدي إلى انقلابها.

وشكك ديفيد ايلنجتون، المتحدث الرسمي باسم شركة «موبايل نورث سي ليميتيد»، بدقة التصريحات التي أطلقها بفانكوخة حول وضع «الثقب البريطاني». وقال ايلنجتون ان تقارير الشركة تشي بعدم وجود تسرب غاز منذ عام 1990. وأكد المتحدث أن الشركة نقلت المسؤولية عن الرقابة على الثقب إلى الحكومة البريطانية بعد أن تم التأكد من عدم خطورة الموقف. وأشار إلى أن المنطقة «الخطرة»، التي يتحدث عنها العلماء الألمان، مغطاة حاليا ببيئة ملونة جميلة تشكلها البكتيريا والأصداف والأشنات والقواقع والأسماك.