إطلاق مؤتمر أوروبي ـ أميركي لبحث «عقد مواطنة» للمسلمين

وزيرة الخارجية النمساوية: علينا العيش بثقة معاً

TT

من خلال نظرة سريعة الى لائحة المشتركين في مؤتمر «الشباب المسلم والمسلمات في الغرب: مصدر قلق ام مصدر أمل»، الذي افتتح اعماله في سالزبرغ أمس، يظهر ان موضوع المسلمين في الدول الغربية وقضاياهم ما زال موضوعا ساخنا في تلك الدول اذ يجتمع وزراء اوروبيون وخبراء امن واعلاميين ورجال دين لمدة ثلاثة ايام لبحث شؤون المسلمين في الغرب وكيفية محاربة عزلتهم والعنصرية ضدهم. وافتتحت وزيرة الخارجية النمساوية اورسيلا بلاسنك المؤتمر صباح أمس، قائلة: «علينا العيش بثقة معا، فهذا أمر في غاية الأهمية لمستقبل مجتمعاتنا»، موكدة ان ذلك يعتمد على التعليم واعطاء الفرص للآخر واحترام الاختلافات بين الجميع. ولفتت الى ان ذلك يعتمد على «مد يد للمسلمين في مجتمعاتنا ومد يد اخرى لشركائنا حول العالم»، مؤكدة ان «التعددية هي الواقع في اوروبا ولا يمكن التخلي عنها بعدما حاربنا من اجلها». ورفضت الوزيرة التي عادت للتو من جولة في الخليج تضمنت لقاءات في السعودية والامارات والبحرين وقطر فرضية ان «الشباب المسلم والمسلمات ضحايا، فهم على العكس قادرون على تغير مجتمعاتهم». ولكنها اضافت ان مسألة «الاندماج هي التحدي الاكبر بالنسبة لنا في اوروبا»، موضحة: «لا يمكن لأحد بأن يشعر انه ضيف في مجتمع معين، فالجميع لهم حقوق وعليهم مسؤوليات». وشدد الدكتور مصطفى تليلي مدير معهد «حوارات: العالم الاسلامي، الولايات المتحدة والغرب»، التابع لجامعة نيويورك ومنظم المؤتمر مع وزارة الخارجية النمساوية على موضوع الحقوق والمسؤوليات، داعياً الى ابرام «عقد اجتماعي جديد، عقد مواطنة جديد» في الدول الغربية «تسمح بالتعددية» التي ستساعد على اندماج المسلمين وغيرهم من المهاجرين في بلدانهم الغربية وتحترم حقوقهم. وقال في كلمة افتتاح المؤتمر ان الغرض من المؤتمر هو المطالبة بأفكار ابتكارية، مطالبة اصبحت ضرورية بسبب احداث الاعوام الماضية. ويسعى المؤتمر الى الخروج بمقترحات جديدة وفعالة، حول كيفية اندماج المسلمين في المجتمعات الغربية وبالاخص النساء والشباب. وشدد تليلي في كلمته انه «لا يمكن لأحد ان ينكر حقيقة سوء التفاهم المتواصل والتوتر الذي ساد على شؤون المجتمعات المسلمة في الغرب، وخاصة النساء والشباب، في السنوات الماضية». وأضاف ان الهدف من مقترحات المؤتمر عند انتهائه بعد يومين يجب ان يكون «تكثيف الفرص المتاحة للمواطنين من الدين الاسلامي ان يحصلوا على حقوق مواطنة كاملة وبمساواة (مع غيرهم) حتى لا يشار الى دينهم ومن ثم جنسيتهم، وانما ينظر اليهم، كغيرهم من المواطنين، فقط على انهم مواطنون نمساويون أو فرنسيون أو المان أو اميركيون». ووزعت دراسة اجراها معهد «الحوارات» حول اوضاع المسلمين في الغرب، جاء فيها ان عدد المسلمين في اوروبا يعد 15 الى 20 مليوناً، بينما عددهم في الولايات المتحدة بين 4 الى 6 ملايين. وشرحت الدراسة اسباب هجرة المسلمين الى الغرب والعقبات التي تواجههم اليوم. وينظم معهد «حوارات» المؤتمر بينما قدمت وزارة الخارجية النمساوية الدعم المادي له واستضافته، بدعم اضافي من وزارة الخارجية السعودية ووزارة اللاجئين والهجرة الدنماركية ووزارة الخارجية الهولندية و«مؤسسة قطر» و«صندوق الاخوان روكرفلر» الاميركي. يذكر أن النمسا تحرص على اظهار قابليتها على مد جسور بين العالم الاسلامي والعالم الغربي، امتداداً من العلاقة بين الامبراطوريتين النمساوية والعثمانية. ولفت المدير السياسي لوزارة الخارجية النمساوية السفير رالف شنايداإ الى ان النمسا اعترفت بالاسلام كدين رسمي منذ عام 1912، بإصدار قانون يعترف بحقوق المسلمين ويؤمن لهم نفس الحقوق القانونية، كتلك التي يتمتع بها المسيحيون واليهود، مما جعل المسلمين فيها اكثر قابلية على الاندماج في المجتمع. وحرص ممثل الأمين العام للأمم المتحدة الخاص لـ«حوار الثقافات» اقبال رضا على اظهار العناصر التي طالما اثرت على المسلمين في الغرب، وعلى رأسها القضية الفلسطينية و«التدخل الغربي في العالم الاسلامي». وأضاف ان «الدين اصبح مندمجاً في السياسة، وليس فقط في العالم الاسلامي ولكن في دول اخرى»، مشيراً الى تأثير الجماعات المسيحية على الرئيس الاميركي جورج بوش بقوله: «هناك رجل معين في البيت الأبيض اليوم، بسبب تأثير الجماعات المسيحية على السياسة الاميركية». وتابع ان كل هذه العناصر «تضغط على العلاقة بين المسلمين والغرب، وعلينا الاعتراف بأن هناك خوفا من المسلمين في الغرب وخوفا من الغرب في العالم الاسلامي». واعتبر ان هذه المخاوف تشكل تهديداً حقيقياً للعالم ويجب تكثيف الجهود للتصدي لها. من جهته، قال السفير هانس نودتك «المفوض للحوار مع العالم الاسلامي» من قبل وزارة الخارجية الالمانية، انه من الواجب النظر الى مسألة اندماج المسلمين في اوروبا على انها «قضية تعود للهجرة» بدلاً من النظر اليها فقط بمنظار ثقافي. وشدد السفير على ضرورة منح المهاجرين المسلمين فرص عمل ودمجهم في المجتمع، بدلاً من السماح لهم بعزلة انفسهم، لافتاًً الى مشاكل اقتصادية واجتماعية، يمكن معالجتها من خلال سياسات معينة ودعم من المنظمات غير الحكومية. ويواصل المؤتمر اعماله خلال اليومين الماضيين في ورش عمل مغلقة من اجل الخروج بمقترحات ملموسة لمكافحة عزلة الشباب المسلم في الدول الغربية، وكيفية التعامل مع قضايا المهاجرين المسلمين، والذين ولدوا وترعرعوا في تلك الدول. ومن المتوقع ان تطرح افكارا يمكن للدول الغربية والمؤسسات غير الحكومية تطبيقها، لتخطي العقبات امام تعاون وتعايش بين المسلمين وغير المسلمين.