«حقوق الروبوتات».. حلم مثالي في العصر المعلوماتي

توجهات عالمية لضمان سلامة أداء الأجيال القادمة منها وحسن تعاملها مع البشر

TT

هل دار في ذهنك أن يكون للروبوتات يوماً ما حقوق مثل البشر؟ ربما يكون هذا التساؤل ضربا من ضروب الخيال العلمي، لكن التطورات السريعة المذهلة في تكنولوجيا الروبوتات حولته الى تساؤل واقع الآن، يناقش في العديد من المؤتمرات العلمية التي تعقد في شتى مراكز البحوث العلمية في دول العالم المتقدمة حول التطورات الحادثة في مجال الذكاء الصناعي والروبوتات وبخاصة الذكية منها، والتداعيات التي من المحتمل أن تحدث في هذا المجال وتأثيراتها على مجالات الحياة الأخرى، خلال الخمسين عاماً القادمة.

يذكر أن كاتب الخيال العلمي وعالم الكيمياء العضوية الأميركي الروسي الأصل اسحق أسيموف (1992-1920) أبرز من تطرق لمجال الروبوتات خلال قصص الخيال العلمي التي كتبها في الأربعينيات من القرن العشرين وضمنها مجموعته القصصية الشهيرة «أنا والروبوت» I,Robot عام 1950، التي تحولت لفيلم سينمائي بنفس العنوان عام 2004، وقصته القصيرة «رجل الألفية» Bicentennial Manعام 1975، التي تحولت أيضا لفيلم سينمائي عام 1999.

ويرجع لأسيموف فضل أول استخدام لمصطلح «الروبوتية» (علم الروبوتات) Robotics ، وفضل صياغة القوانين الثلاثة الأساسية للروبوتات، التي تحكم صناعة الروبوتات حتى يومنا هذا، وذلك في قصته «مراوغة»Runaround عام 1942، في مجموعته القصصية «أنا والروبوت».

قوانين الروبوتات وتتلخص القوانين الروبوتية الثلاثة لأسيموف في ما يلي:

أولاً ـ يجب على الروبوت ألا يؤذي الإنسان أو أن يتسبب بإهماله، في الحاق الأذى بأي انسان.

ثانياً ـ يجب على الروبوت ان يطيع أوامر الإنسان التي يصدرها له، عدا الأوامر التي تتعارض مع القانون الأول.

ثالثا ـ يجب على الروبوت أن يحمي وجوده، ما دام ذلك لا يتعارض مع القانونين الأول والثاني. كما أن فيلم الخيال العلمي «الذكاء الصناعي» ( A. I.(Artificial Intelligence عام 2001، المأخوذ عن قصة قصيرة عام 1969 بعنوان «اللعب الخارقة تدوم طوال الصيف «Super Toys Last All Summer Long» لكاتب الخيال العلمي البريطاني بريان ألديس Brian Aldiss ، يأخذنا للمستقبل ، حيث تكون الروبوتات شديدة الشبه بالإنسان، وتتميز بأحاسيس ومشاعر بشرية مع مرور الزمن. وهذه القصص والأفلام توجه أنظارنا وتحذرنا وتهيئنا للاستعداد للحاضر والمستقبل وما فيه من احتمالات قائمة وتدعونا للتفكير في كيفية مواجهة مثل هذه الاحتمالات. ومع التطور السريع في تكنولوجيا الروبوتات، لم تعد القوانين الروبوتية الثلاثة لأسيموف كافية لتحقيق الأمان للروبوتات ومستخدميها، فقامت وزارة الاقتصاد والصناعة والتجارة اليابانية في ابريل الماضي بصياغة مسودة وثيقة من 60 صفحة بعنوان «توجيهات لضمان سلامة أداء الأجيال القادمة من الروبوتات»Draft Guidelines to Secure the Safe Performance of Next Generation Robots ، تتطالب فيها بتأسيس مجموعة بحثية خاصة تتكون من أكاديميين وصناعيين ومسؤولين من الوزارة ومحامين لإعداد قوانين صارمة للتحكم في تطور الروبوتات وعلاقتها بالإنسان. جدير بالذكر أن سوق الروبوتات «المساعدة» Helper في اليابان تستثمر الآن أكثر من 10 مليارات ين (حوالي 84 مليون دولار)، ولكن مع تزايد الحاجة للروبوتات لأهمية الدور الذي تقوم به في مساعدة المسنين وحل مشكلاتهم، تعتقد الوزارة أن هذا الرقم سيصل لأكثر من 3.3 ترليون ين خلال الخمسة عشر سنة القادمة. ومن جهة أخرى نجح فريق من جامعة طوكيو في تصميم روبوت في حجم انسان يمكنه حمل أثقال تزن 30 كيلوغراما، كما طورت شركة أمن يابانية نوعا من الروبوتات المنزلية يمكنه إبلاغ رجال الأمن أو أجهزة الطوارئ عندما يستشعر حدوث سرقة أو حريق أو تسرب مياه بالمنزل. وجدير بالذكر أن وزارة الدفاع الأميركية تنفق مليارات الدولارات على العديد من المشاريع البحثية في خطة تهدف الى تحويل ثلث المركبات القتالية الى معدات قتالية روبوتية خلال العشرين سنة القادمة. وفي نفس الإطار تمكن الجيش في كوريا الجنوبية العام الماضي من بناء روبوت حارس للحدود يستطيع ضرب أهداف على بعد 500 متر.

حقوق الروبوتات وفي تقرير من 250 صفحة تحت عنوان «حقوق الروبوتات .. أحلم مثالي أم نهضة الآلات؟» Robo-rights: Utopian dream or rise of the machines? نشره مركز مسح الافق Horizon Scanning Center التابع لمكتب العلم والاختراع البريطاني Office of Science and Innovation أعده مع آخرين السير ديفيد كينغ Sir David King ، كبير مستشاري الحكومة البريطانية للشؤون العلمية، أكدوا فيه على أن الروبوتات الذكية قد تطالب يوماً ما بحقوقها القانونية والاجتماعية كالسكن مثلاً ، بل وحتى حقوقها الصحية كإصلاح أعطالها. كما تناول التقرير أيضاً التداعيات التي سوف تترتب على التطورات الهائلة في مجال الذكاء الصناعي، وتأثير ذلك على القانون والسياسة والأحوال المدنية في الدولة. ويشير التقرير الى أنه في حالة تطوير الروبوتات لدرجة تمكنها من استنساخ وتطوير نفسها بما لديها من ذكاء صناعي، عند ذلك سيكون للروبوتات حقوق وواجبات مثل الإدلاء بأصواتها ودفع الضرائب وربما أداء الخدمة العسكرية. وبالتالي سيكون على المجتمع دور يتمثل في ضمان حقوق مثل هذه الروبوتات.

ويعلق السير كينغ بالقول إن الهدف من هذا التقرير ليس التنبؤ بالمستقبل، وانما الدافع والحاجة لاستكشاف أوسع نطاق من الخيارات المحتملة المختلفة للمساعدة في ضمان أن تكون الحكومة مستعدة على المدى البعيد والتفكير في قضايا مختلفة في تخطيطها لما هو قادم. وتعقيباً على هذا التقرير يقول اون هولاند مهندس الكمبيوتر وخبير الآلات الواعية بجامعة اسيكس البريطانية: «أعتقد أن مناقشة مسألة حقوق الروبوتات أمر سابق لأوانه»، ويوافقه الرأي نويل شاركي أخصائي الروبوتات بجامعة شيفيلد ، ولكنه يضيف قائلاً «ان ما يهمني في هذا الإطار هو السلامة العامة، وأعتقد أننا بحاجة ماسة لإجراء حوارات ومناقشات عامة جادة وهادفة حول الى أين نحن ذاهبون بتكنولوجيا الروبوتات الآن، كما يجب علينا إطلاع عامة الناس على ما يحدث في مجال تكنولوجيا الروبوتات وسؤالهم ماذا يريدون». وفي ضوء المؤشرات الخاصة بانتاج الروبوتات في العالم الآن، يمكن التنبؤ بأن السنوات القادمة سوف تشهد زيادة هائلة في إنتاج الروبوتات بوجه عام والروبوتات الذكية بصفة خاصة، وسوف يزداد استخدامها في الأعمال المنزلية.