لحود يطالب القضاء بالتحقيق لمعرفة من يقف وراء المسلحين والسنيورة يرأس اجتماعا لمجلس الوزراء ويوصي بـ«رد حازم»

إدانة رسمية وسياسية واسعة لاعتداءات «فتح الإسلام» على الجيش اللبناني

TT

قوبلت الاعتداءات على الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي في شمال لبنان، من جانب مسلحين تابعين لتنظيم «فتح الاسلام» الاصولي امس، بادانة واسعة على مختلف المستويات الرسمية والسياسية والدينية اللبنانية. فقد دعا رئيس الجمهورية اميل لحود ابناء الشمال الى «الوقوف صفاً واحداً في وجه كل من يسيء الى امنهم». فيما اعطى الحكومة فؤاد السنيورة توجيهات بـ«الرد الحازم» معتبراً ما جرى «جريمة مبيتة ضد الاستقرار من قبل فئة مضللة تتلطى خلف الاسلام». وأعرب رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط عن خشيته من ان يكون هذا العمل «بداية لأعمال امنية كبيرة وخطيرة». وأعلن رئيس كتلة «المستقبل» النيابية، النائب سعد الحريري، عن «الدعم الكامل ومن دون تحفظ للقوى الأمنية والعسكرية». ورأى وزير الاعلام غازي العريضي ان ما حصل «تطور خطير لانه مبرمج ومقرر عن سابق تصور وتصميم». وأوضح ان اقفال معبرين بين لبنان وسورية جاء اثر اتصالات بين الجانبين بشأن الوضع الأمني.

وقد تابع الرئيس لحود التطورات الامنية منذ فجر امس. واجرى اتصالاً هاتفياً بقائد الجيش العماد ميشال سليمان واطلع منه على تطورات الوضع ميدانياً في محيط مخيم نهر البارد وعدد من المواقع العسكرية. وأعرب عن ادانته الشديدة للتعرض للجيش والقوى الامنية ومواقعها ودورياتها، مؤكداً على «ضرورة اتخاذ كل الاجراءات الامنية لمنع المسلحين، الى اي طرف انتموا، من الاساءة الى الامن والاستقرار في منطقة الشمال ووضع حد للاعتداءات التي طاولت العسكريين والمواطنين الآمنين».

وصدر عن المكتب الاعلامي لرئاسة الجمهورية بعد ظهر امس بيان اشار الى ان الرئيس لحود اطلع على مزيد من التقارير التي كانت ترد اليه من الاجهزة الامنية والقضائية المختصة بعد توقيف عدد من المسلحين الذين شاركوا في الاعتداء على الجيش وقوى الامن الداخلي.

وطلب الرئيس لحود من الاجهزة القضائية المختصة «التحقيق مع الموقوفين لمعرفة الجهات التي تقف وراءهم واستجلاء الاهداف الحقيقية لاعتداءاتهم» مركزاً خصوصاً على ضرورة «المضي في التحقيق حتى النهاية وعدم التجاوب مع اي ضغوط يمكن ان تمارس للافراج عن الموقوفين».

بدوره، تابع رئيس مجلس النواب نبيه بري الموقف في منطقة الشمال وخصوصاً في مدينة طرابلس وضواحيها ومخيماتها. ودان الاعتداءات على الجيش اللبناني و«محاولة بعض المجموعات زعزعة الامن وارباك النظام العام». واجرى اتصالين مع الرئيسين السابقين للحكومة عمر كرامي ونجيب ميقاتي ومع قائد الجيش العماد ميشال سليمان مستنكراً الاعتداء على الجيش ومؤكداً على ضرورة اعادة الامن والطمأنينة الى منطقة الشمال وعاصمتها طرابلس.

واعتبر رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة «ان استهداف الجيش اللبناني من قبل ما يسمى عناصر فتح الاسلام هو بمثابة جريمة مبيتة ومحاولة خطيرة لضرب الاستقرار». وقال: «ازاء هذه المحاولة المكشوفة التي تستهدف امن لبنان وامن اللبنانيين من قبل مجموعة مضللة تتلطى خلف الاسلام والاسلام منها براء وترفع شعارات وطنية والوطنية عنها بعيدة، فاني ادعو الشعب اللبناني لكي يتنبه الى خطورة ما يحاك ضده والى الوقوف صفا واحدا خلف الدولة اللبنانية وقواها الشرعية وتحديدا الجيش اللبناني وقوى الامن الداخلي لمواجهة هذه الجريمة التي تستهدف السلم الاهلي والتي لن تزيد اللبنانيين الا تصميما على التمسك بالشرعية والحفاظ على الامن والنظام والاسهام الجدي والايجابي في تعزيز دور الدولة واجهزتها».

وذكرت مصادر رئاسة الحكومة ان الرئيس السنيورة ظل على اتصال بالقيادات الامنية المعنية منذ بدء الاعتداء على الجيش فجر امس «لمتابعة تطور الجريمة التي استهدفت الجيش اللبناني والقوى الامنية. وهو اعطى توجيهاته للرد بفاعلية وحزم لا يلين على محاولات زعزعة الامن والاستقرار في البلاد».

واستنكر رئيس كتلة «المستقبل» النيابية النائب سعد الحريري في بيان له «الاعتداء الذي تعرضت له مراكز الجيش اللبناني في مخيم نهر البارد في الشمال» مؤكداً تأييده التام للعملية التي اطلقتها قوى الامن الداخلي، بمؤازرة الجيش اللبناني» للقبض على عدد من المطلوبين الى العدالة والمتهمين بجرائم تمس امن المواطنين وحياتهم وارزاقهم». وطلب من جميع المواطنين «وخصوصاً انصار تيار المستقبل التعاون مع القوى الامنية الشرعية، وتسهيل عملها». محذراً «المجرمين والخارجين على القانون ومن يقف خلفهم من ان التلطي تحت اسماء تنظيمات اسلامية مزعومة لن ينطلي على احد، لأن الجميع يعرف ان ممارساتهم الارهابية والاجرامية لا تمت الى الدين الاسلامي بصلة».

وأدلى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط بتصريح قال فيه: «اذ استنكر الاعتداء الآثم على الجيش اللبناني وقوى الامن الداخلي في طرابلس ومخيم نهر البارد، ومحاولات قيادة ما يسمى منظمة فتح الاسلام، المعروفة امتداداتها وخلفياتها ومصادر دعمها، توسيع دائرة الاعتداء لإحداث اهتزاز كبير في الوضع الامني في الشمال وتعميم حالة من الفوضى والرعب في اوساط المواطنين واستهداف الاستقرار في لبنان، أخشى ان يكون هذا العمل بداية لأعمال أمنية كبيرة وخطيرة في البلد». ورأى الرئيس الاسبق للحكومة اللبنانية سليم الحص «ان الجيش اللبناني يقوم بواجباته الوطنية على أكمل وجه وبروح المسؤولية العالية منذ ان نشبت الأزمة السياسية الحادة التي ما زلنا نعانيها ونعاني تداعياتها من دون انقطاع». وأكد أن «اللبنانيين مجمعون على التمسك باستمرار جيشهم في أداء دوره الايجابي في حماية السلم الأهلي والاستقرار في بلدهم».

وأصدر الرئيس السابق للحكومة نجيب ميقاتي بياناً جاء فيه: «ندين ونشجب الاعتداء الآثم الذي استهدف الجيش اللبناني وقوى الامن الداخلي. ونربأ باستخدام الدين الاسلامي الحنيف واجهة للاساءة الى امن المواطنين وسلامتهم واستقرارهم والقيام بأعمال مخالفة للقانون.

ورأت «الجماعة الاسلامية» في شمال لبنان «ان طبيعة التوتير وتعدد المناطق التي انطلق منها، يدل على وجود مخططات امنية لا تمت الى مصالح الساحة الاسلامية بصلة، حيث ان المناطق التي شهدت التوتير ليس فيها ما يستدعي وجود مجموعات عسكرية جاهزة للتحرك في أي وقت. وان مبادرة المجموعات المسلحة الى مهاجمة الجيش اللبناني من دون سبب تؤكد نية مسبقة لافتعال التوتير المذكور ولمصلحة قوى يهمها تخريب الوضع الأمني اللبناني في هذا الوقت».