القناص في بغداد يبعثر أوراق الطلبة

يستهدف الجميع حتى الحيوانات السائبة

TT

لم تمنع نقاط التفتيش الكثيرة والوجود العسكري المكثف، ولا الجدران الكونكريتية، التي تم تشييدها على حدود وأطراف منطقة الاعظمية وبعض الاحياء الصغيرة المرتبطة بها، التي تعتبر من المناطق المتوترة امنيا في بغداد ومنذ فترة طويلة، القناصين المنتشرين على سطوح بنايات المنطقة من ممارسة هوايتهم المفضلة، وهي قنص كل ما يرونه امامهم، سواء الجنود الاميركيين وافراد الاجهزة الامنية العراقية والمواطنين المارة واصحاب السيارات والطلاب، وفي بعض الاحيان يقوم اولئك القناصة بممارسة هوايتهم على الحيوانات السائبة، التي تجوب شوارع المنطقة بكثرة والتي تعتاش على الجثث المجهولة، التي تظهر في المنطقة بين الحين والاخر.

وشهدت الايام الاخيرة حوادث قنص راح ضحيتها عدد من طلاب كلية العلوم ابن الهيثم التابعة لجامعة بغداد وبعض المواطنين، سواء كانوا من ابناء المنطقة او من المستطرقين، الذين يسلكون الطريق القريب من ساحة عنتر، التي تم وضع نقطة تفتيش فيها تعتبر المدخل الوحيد لاهالي الاعظمية بعد ان تم بناء الجدار الاسمنتي حولها.

واكد عدد من افراد الجيش العراقي، الذين يوجدون بكثرة في ساحتي عنتر والدلال العربية القريبتين من بعضهما، ان الكثير من عمليات القنص استهدفت جنودا عراقيين واميركيين وافرادا في الشرطة العراقية، كانوا يقوموا بدوريات عسكرية في تلك المنطقة او في محيطها ومن جميع الجهات (الشمالية والجنوبية والغربية والشرقية). واضاف فراس الفتلاوي، وهو احد الجنود الذين كانوا يتحصنون بدروع واغطية رأس مقاومة للرصاص، انه «حتى في المناطق المحاذية لنهر دجلة يوجد قناصون ، فاهالي وسكان المناطق المقابلة في الجانب الاخر من النهر، الكاظمية والعطيفية، يشكون كثيرا من عمليات قنص يتعرضون لها بشكل مستمر من الاحياء المقابلة لهم بالجانب الاخر في منطقة السفينة، احد الاحياء القديمة للاعظمية».

جندي اخر يقف فوق سيارة عسكرية تقوم بدوريات يومية داخل احياء وازقة الاعظمية، اكد ان الكثير من الاتصالات والمعلومات ترد اليهم من بعض سكان المنطقة، تفيد بان عددا من المواطنين المارة قتلوا او اصيبوا بجروح خطيرة نتيجة تعرضهم لاطلاق نار من قبل قناصة، مما يتطلب ذلك تحركهم على الفور لاسعاف المصابين واخلاء جثث القتلى. واشار الى انه واثناء تجوالهم وقيامهم بالدوريات العسكرية فانهم يشاهدون الكثير من جثث الكلاب السائبة والحيوانات الاخرى التي تعرضت للقنص.

وكان الجيش الاميركي قد اعلن في وقت سابق من هذا الشهر، ان ضابطا كبيرا في صفوفه تعرض لاصابة بليغة، نتيجة لطلق ناري صادر من احد القناصة في المنطقة المحاذية للجدار الاسمنتي العازل في الاعظمية اثناء تفقده عملية بناء الجدار، وكذلك الحال بالنسبة لاحد الضباط العراقيين، فضلا عن الجنود ورجال الشرطة الذين يتساقطون بشكل يومي جراء عمليات القنص. شرطي مرور في المنطقة قال لـ«الشرق الاوسط»: «فقدنا عددا من زملائنا، وكذلك جنودا ورجال شرطة يعملون في نقاط التفتيش، وكذلك عمال النظافة، الذين لم يعودوا يعملون في هذه المنطقة بسبب عمليات القنص».

طلاب في كلية العلوم اكدوا لـ«الشرق الاوسط»، ان عددا من زملائهم تعرض للاصابة بجروح كبيرة او القتل نتيجة تعرضهم لاطلاق نار من قبل قناص، سواء داخل الحرم الجامعي او خارجه عند انتظارهم لسيارات الاجرة التي تقلهم الى منازلهم. وقال مثنى عزيز (22 عاما) وهو طالب في المرحلة الاخيرة، «استخدموا شتى الوسائل ليمنعوا الطلاب من الاستمرار والمواظبة على الدوام، من سيارات مفخخة وهجمات مسلحة وقصف بالهاون واغتيالات وخطف، الا انهم لم يستطيعوا ايقاف الدوام.. واخيرا لجأوا الى القنص. فاثناء الدوام وفي الحرم الجامعي نسمع صوت الإطلاقات النارية ونشعر بمرورها من جانبنا».