خلاف بين أميركا وفرنسا والبرادعي بعد دعوته قبول تخصيب طهران لليورانيوم

وكالة الطاقة الذرية تتهم إيران بوضع العقبات.. وموسكو تنفي بيعها أسلحة عبر سورية

TT

قبل ايام من اجتماع مجلس الامن الدولي لنظر تشديد العقوبات على ايران بسبب عدم وقفها لتخصيب اليورانيوم، اعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في تقريرها المرتقب امس عن تراجع قدرتها على مراقبة البرنامج النووي الايراني بسبب عقبات تضعها طهران على عمل مفتشيها.

وكشف المدير العام للوكالة، محمد البرادعي، في التقرير غيرِ المُعَدِّ للنشر بعد، والذي تلقت «الشرق الاوسط» نسخة منه انه «بما ان الوكالة لم تتلق منذ اكثر من سنة معلومات كانت ايران تزودها بها بشكل اعتيادي، فان مستوى اطلاعها على بعض أوجه نشاطات ايران النووية تراجع».

وقالت الوكالة الدولية ان ايران لا تزال تتجاهل مطالب الامم المتحدة بشأن وقف عمليات تخصيب اليورانيوم. وذكر البرادعي في التقرير «ان ايران لم تعلق نشاطاتها المرتبطة بالتخصيب»، مشيرا الى تكثيف النشاطات في مصنع ناتانز وسط ايران، مما يخالف مطالب مجلس الأمن. وفى طهران، وفي رد فعل على التهديدات الغربية، قال مصطفى محمد نجار وزير الدفاع الايراني امس في تصريحات تزامنت مع استعراض البحرية الاميركية للقوة قبالة سواحل إيران، ان بلاده ستقاوم أيَّ تهديد، وسترد بقوة على أعدائها. وأدلى الوزير الايراني بتصريحاته هذه بمناسبة الذكرى الخامسة والعشرين لتحرير ميناء إيراني من أيدي القوات العراقية خلال الحرب العراقية ـ الايرانية التي استمرت من عام 1980 الى عام 1988. وقال وفقا لما ذكرته وكالة أنباء الجمهورية الايرانية الرسمية، «ايران الاسلامية ستقاوم.. أي نوع من التهديد، وسترد بقوة على الاعداء والطغاة». الى ذلك، اعلنت وزارة الخارجية الفرنسية امس ان فرنسا «ستنضم» الى التحرك الاميركي في فيينا للاحتجاج على تصريحات المدير العام للوكالة الدولية للطاقة حول الملف النووي الايراني.

وأعلن دبلوماسيون في فيينا، الثلاثاء، ان الولايات المتحدة تستعد للاحتجاج رسميا على ما قاله البرادعي حول ضرورة السماح لايران بالاحتفاظ بجزء من انشطة تخصيب اليورانيوم. وقال المتحدث باسم الخارجية الفرنسية ان «ممثلنا الدائم في فيينا سينضم الى الخطوة الاميركية.. نحن نشارك زملاءنا الاميركيين قلقهم الى جانب العديد من الزملاء الآخرين». واضاف أن «فرنسا لا تزال تؤيد المسار الذي بدأ في مجلس الامن، بما في ذلك المطالبة بتعليق (تخصيب اليورانيوم) والعقوبات في حال لم يتم هذا التعليق». وتطالب الدول الغربية؛ وعلى رأسها الولايات المتحدة، ايران بتجميد نشاطات تخصيب اليورانيوم مقابل مفاوضات حول تقديم مساعدات تجارية وتكنولوجية في مجال الامن، على ان تعطي ايران ضمانات بعدم السعي لحيازة السلاح النووي. وترفض ايران وقف تخصيب اليورانيوم رغم تهديدها بعقوبات اضافية. وتؤكد انها تقوم بالتخصيب لتأمين الوقود لمفاعلاتها النووية المعدة لإنتاج الكهرباء. وقال البرادعي في مقابلة مع صحيفة «نيويورك تايمز» في 15 مايو (أيار) الحالي ان «الاساس ينبغي ان يتمثل في التوصل الى وقف (ايران) عن الانتقال الى التخصيب على مستوى صناعي» بدلا من ان ينتظر منها وقف كافة نشاطات التخصيب. من ناحيته، قال وكيل وزارة الخارجية الاميركي نيكولاس بيرنز ان القوى العالمية الكبرى ستصر على أن توقِفَ ايران جميع أنشطة تخصيب اليورانيوم، وسترفض التسوية التي قدمها مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وفي البيت الابيض، وصف متحدث التقرير الجديد الذي أصدرته الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأنه «قائمة للغسيل القذر، خاصة باستمرار تحدي المجتمع الدولي، ويظهر ان قيادة ايران لا تقوم إلا بزيادة عزلة الشعب الايراني». وقال بيرنز «لن نوافق على القبول بتخصيب محدود.. أو نقبل بان يستمر 1300 جهاز للطرد المركزي العمل في محطتهم في نتانز».

وفي موسكو، نفى سيرغي ايفانوف، النائب الاول لرئيس الحكومة الروسية، تلقي موسكو أية استفسارات من جانب سورية حول بيع منظومات صاروخية الى ايران. وقال إيفانوف في مؤتمر صحافي عقده امس في اطار تعليقه حول ما تردد من أنباء حول نية سورية بيع مجموعة من منظوماتها الصاروخية، التي سبق أن اشترتها من روسيا، الى ايران: «ان روسيا تقيم تعاوناً عسكرياً تقنياً مع جميع الدول بموجب معايير القانون الدولي؛ واهمها شهادة المستخدم النهائي». واشار الى ان العقود لا توقع إلا بعد الحصول على هذه الشهادة، مضيفا ان المنظومات الصاروخية المضادة للطائرات غير قابلة لإعادة التصدير الى دولة ثالثة بدون موافقة البائع، وهو في هذه الحالة روسيا الاتحادية. وفي الوقت الذي أعاد فيه ايفانوف ما سبق أن اشارت اليه موسكو حول رفضها أية اشكال للتعاون مع الناتو والولايات المتحدة بشأن المنظومات الصاروخية التي تنوي الدوائر الغربية نشرها في عدد من بلدان شرق اوروبا، قال ان روسيا لن تستقبل فيما بعد أي مفتشين أجانب حسب القواعد المعمول بها بموجب معاهدة الحد من القوات والأسلحة التقليدية التي أعلن الرئيس فلاديمير بوتين عزم روسيا على تعليقها.

وذكر ان التزام روسيا بهذه المعاهدة التي سبق أن وقعتها موسكو عام 1990 وأقرت تحديثها في قمة مؤتمر الأمن والتعاون الاوروبي عام 1999 تحت اسم التزامات اسطنبول يرتبط بتصديق الدول الموقعة عليها وليس روسيا وحدها. وقال ان موقف موسكو يظل مرتبطاً بمدى استعداد الآخرين لتنفيذ نفس الالتزامات التي تقضي بها المعاهدة.