وزارة الثقافة العراقية : تماثيل النظام السابق لم تدمر بل خزنت تحت حراسة مشددة

بغداد تعيد النظر في أسماء شوارعها وساحاتها العامة

TT

لم تجد «كهرمانة» وطيلة السنوات الأربع الماضية ما تصبه على «الأربعين حرامي» في ساحة «الأربعين حرامي» أو «ساحة كهرمانة» كما يسميها البغداديون بعد أن جفت مياه الساحات وانقطع التيار الكهربائي أيضا وسرقت دافعات الماء خلال أحداث العام 2003 .

ونالت «كهرمانة» ايضا نصيبها من العمليات الإرهابية التي حدثت بالقرب منها وكان آخرها الهجوم الانتحاري الذي استهدف أمين بغداد أثناء زيارته الميدانية للساحة وتسبب بمقتل احد المشرفين على جمالية الساحة وبتر أطراف من التمثال وتدمير عدد من الجرار التي يختبئ بداخلها «الأربعون حرامي». ولم يكن وضع ساحات بغداد الأخرى بأفضل حال بل طالت بعضها يد العابثين.

وبهدف معرفة مصير تماثيل ونصب بغداد كان لـ«الشرق الاوسط» لقاء مع احد مسؤولي وزارة الثقافة العراقية الذي أكد أن «نصب بغداد وتماثيلها لم تكن مجرد مجسمات فنية وضعت لتجميل ساحة أو حديقة وغير ذلك بل هي رموز حرص فنانو العراق على تخليد تاريخ عاصمتهم وبلدهم بأعمال فنية لتحكي للأجيال اللاحقة بعض ما مر به هذا البلد بغض النظر عن طبيعة المعنى الذي تعطيه أو توحي إليه هذه الأعمال، وللأسف فقد تعامل البعض معها على أنها عدو أو غنيمة تدر عليه مبلغا زهيدا لا يشكل شيئا إزاء قيمتها التاريخية والحضارية والفنية والتي لا يمكن تعويضها لأسباب عديدة من أهمها أن من ابتدعها هم نحاتون عراقيون يتمتعون بمكانة فنية عالمية مثل خالد الرحال وإسماعيل فتاح الترك وسهيل الهنداوي وجميعهم رحلوا تاركين ما يخلد ذكراهم مثل نصب أبو جعفر المنصور ونصب ساحة المستنصرية وساحة المتحف العراقي وتمثال الرصافي وساحة الطيار العراقي وغيرها».

وأكد المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أن «وزارة الثقافة أبدت معارضتها لاستمرار مثل هذه الأعمال التي انتهجتها بعض الجهات بحجة أنها رموز تدل على النظام السابق، وهذا مخالف للحقيقة بدليل تمثالي أبو جعفر المنصور والرصافي وغيرهما، كما أن العديد من الدول شهدت تغيرات كالتي حدثت في العراق لكن شعوبها احتفظت برموز الأنظمة السابقة على الأقل لتذكرهم بحقبة مريرة مرت عليهم وتشجعهم على تجاوزها».

وقال المصدر «إن الوزارة تمكنت ومن خلال التنسيق مع بعض الجهات من جمع تماثيل عديدة للرئيس السابق صدام حسين وأعمال فنية كانت موجودة في القصور الرئاسية والساحات وحرصت على استحداث مخازن ضخمة لها وهذه المخازن هي الآن تحت حراسة مشددة لمنع استهدافها. ومن بين الأعمال التي جلبت نصب ساحة الاحتفالات (السيوف الضخمة) وهناك خوذ الامراء التي كانت تحيط بالقصور الرئاسية وتماثيل صنعت من مختلف المعادن لصدام حسين».

أما عن أسباب الاحتفاظ بها فقد أوضح المصدر أن «اغلبها أعمال لفنانين مبدعين رحلوا عنا، إضافة إلى أن من واجب الدولة حماية الأعمال الفنية التي تركتها الحقبة التي قبلهم وإيصالها للحقبة المقبلة، وهو عرف تسير عليه الدول، فضلا عن ان اغلب التماثيل صنعت في دول أوروبية متقدمة وتحمل لمسات فنية جميلة وأيضا صنعت من معادن غالية الثمن ومنها تمثال ساحة الاحتفالات الذي لا يصدأ أبداً ومن الممكن الاستفادة منها في أعمال فنية حديثة لا تتوفر لها الإمكانيات».

من ناحية ثانية، قال أمين عام مجلس محافظة بغداد ومسؤول لجنة تسمية شوارع وساحات بغداد عبد القادر عبد الله السوداني لـ«الشرق الأوسط» انه وبهدف توحيد وتنسيق عملية تسمية الشوارع والساحات حسب القانون «فقد حرصت اللجنة على عقد عدة اجتماعات بهذا الشأن وأصدرت جملة من المقررات أهمها الإيعاز إلى كافة المجالس البلدية بتقديم طلبات تغيير الأسماء القديمة واقتراح أسماء بديلة لكافة الساحات والشوارع والتقاطعات القديمة والمستحدثة ورفعها للجنة المركزية على ترفق مع الطلبات أسباب ومبررات إجراء التغيير ومميزات الأسماء الجديدة». وبشأن إمكانية استخدام أسماء تثير حفيظة طوائف أو فئات معينة بيّن السوداني أن «اللجنة درست هذا الأمر بشكل مستفيض وحرصت على إضافة بند يشدد على ضرورة الابتعاد عن استخدام أسماء تتضمن استفزازات طائفية أو سياسية أو دينية أو قومية والاستعاضة عنها بأسماء ورموز جغرافية أو بيئية كأسماء البحار والجبال والمدن والحضارة والزهور وأسماء الأشهر الميلادية والهجرية وغيرها من الأسماء».

وبشأن حماية الساحات والنصب القائمة واستحداث بديل عن تلك المزالة بيّن مسؤول لجنة الإعمار في محافظة بغداد أن «مجلس المحافظة ومن خلال التنسيق مع المحافظة ووزارة الثقافة وأمانة بغداد حرص على تشكيل لجنة مهمتها إزالة بعض الرموز التي تشير إلى النظام السابق لأنها تثير حفيظة المواطن البغدادي واستحداث أعمال فنية جديدة تتماشى والوضع الحالي على أن تتولى الأمانة مهمة استحداثها بالتعاون مع الدوائر التابعة للثقافة، أما حماية القائمة فتقع على عاتق الأجهزة الأمنية والأمانة أيضا فأي ملك عام هو من مسؤولية الأجهزة الأمنية أما صيانتها وتجميلها فتقوم بها مديرية تجميل محافظة بغداد التابعة لأمانة العاصمة».