«العفو الدولية» تحذر من سياسات «الخوف» المسيطرة على العالم

قالت في تقريرها السنوي إن حقوق الإنسان تراجعت خلال العام الماضي

TT

ألقت منظمة العفو الدولية المناصرة لحقوق الانسان اللوم امس على سياسات «الخوف» التي تتبعها بعض الدول؛ وعلى رأسها الولايات المتحدة، من جهة، والجماعات المسلحة من جهة اخرى في تراجع حقوق الانسان في العام المنصرم. وحذرت المنظمة في تقريرها السنوي الذي اطلقته الأمينة العامة للمنظمة، ايرين خان، في لندن أمس من ان حقوق الانسان حول العالم ستتراجع في حال مواصلة هذه السياسات، مشددة على دور الولايات المتحدة التي اتهمتها باعتبار العالم كله «ساحة قتال» في «الحرب على الارهاب»، مما ادى الى تراجع حقوق الانسان عالمياً.

وقالت خان: «كما في زمن الحرب الباردة، تتخذ القرارات في جو من الخوف يبعث عليه قادة لا مبادئ لهم». ويتحدث التقرير الذي يقع في 300 صفحة عن «عولمة انتهاكات حقوق الانسان»، مديناً استخدام الخوف في اطار استراتيجية «تقوض دولة القانون وتزيد من عدم المساواة وتغذي العنصرية ومعاداة الاجنبي وتزرع بذور موجات جديدة من العنف وصراعات مستقبلية». من جهتها، قالت دوناتيلا روفيرا من قسم الشرق الاوسط في منظمة «العفو» لـ«الشرق الأوسط»: «هناك ظاهرة جديدة حول العالم تعتمد على الخوف، اذا كانت في مناطق نزاع أو فقط الدفاع عن حق التعبير عن الرأي»، موضحة: «أصبح الناس يخافون وتستغل الحكومات والجماعات المسلحة هذا الخوف». وتطرق تقرير منظمة «العفو» لعام 2007 الى وضع حقوق الانسان في 153 دولة، ليسلط الضوء مرة اخرى على انتهاك حقوق الشعب الفلسطيني على يد الحكومة الاسرائيلية. وبدأ المؤتمر الصحافي أمس في بث شريط تسجيلي عن الوضع الانساني في فلسطين واسرائيل، في محاولة لإظهار معاناة الطرفين في حال لم يتوصل السياسيون الى حل نهائي للقضية الفلسطينية. وتفيد ارقام المنظمة إلى ان 650 فلسطينياً، بينهم نحو 120 طفلا، و27 اسرائيلياً قتلوا في أعمال العنف خلال عام 2006. وقالت خان: «كابوس انتهاك حقوق الانسان يتطور أمام عيوننا في فلسطين».

وجاء في تقرير المنظمة إن «جنوداً ومستوطنين اسرائيليين ارتكبوا انتهاكات خطيرة لحقوق الانسان ضد الفلسطينيين لاسيما عمليات قتل غير مشروعة مع الإفلات عموما من أي عقاب». وأضاف التقرير أن «الحواجز التي يقيمها الجيش (الاسرائيلي) والقيود المتزايدة التي تفرضها اسرائيل على حرية تنقل الفلسطينيين، وكذلك مصادرة اسرائيل للرسوم الجمركية التي تجمعها باسم السلطة الفلسطينية تسببت في تدهور كبير لظروف معيشة الفلسطينيين في الاراضي المحتلة». ووجهت المنظمة انتقادات شديدة الى الولايات المتحدة بسبب «الحرب على الارهاب» ومعتقل غوانتانامو وإخفاقات الحرب في العراق، لكن لائحة الدول التي باتت اطول من السنوات الماضية بسبب ازدياد عدد الدول التي تمارس سياسة الخوف لغايات سياسية وتفرض قوانين تنص على انتقاص للحقوق. واعتبرت خان ان «المجتمع الدولي بات عاطلاً عن مواجهة انتهاك حقوق الانسان بسبب سياسات الخوف وعدم الثقة والانقسامات».

ولفتت الى ان الدول الدائمة العضوية في مجلس الامن تتحمل الكثير من المسؤولية بسبب تراجع حقوق الانسان خلال العام الماضي، فبالاضافة الى الولايات المتحدة وخوضها «الحرب على الارهاب»، كل من روسيا والصين تمارس سياسات تضر حقوق مواطنيها بالاضافة الى فشلهما في الضغط على الحكومة السودانية للحد من الانتهاكات في دارفور. وقالت حسيبة حاج صحراوي من منظمة العفو الدولية ان تورط دول غربية في انتهاك حقوق الانسان جعله من الصعب الضغط على دول اخرى لاحترام حقوق الانسان. وأضافت: «كانت الدول الغربية مستعدة لانتقاد دول اخرى والضغط عليها لاحترام حقوق الانسان، ولكن الوضع تغير الآن». وتابعت: «من الضروري ان يتحلى القادة بالشجاعة واحترام المبادئ المشتركة لدى الجميع من اجل مواجهة انتهاكات حقوق الانسان». ولفت تقرير المنظمة الى ان ضرورة صيانة الامن القومي غالبا ما تكون ذريعة لقمع أي حركة تمرد، مشيرة الى امثلة في الشرق الاوسط وشمال افريقيا وروسيا «حيث الجنوح الى الاستبداد اصبح كارثيا بالنسبة للصحافيين والمدافعين عن حقوق الانسان». وتنتقد المنظمة موسكو ايضا بسبب «الجرائم التي تنم عن الكراهية، والتي تستهدف الاجانب والاقليات (...) الأمر الذي يندرج مباشرة في الحملة القومية المفرطة التي تقودها السلطات».

وأشارت خان الى «التهديد الذي تشكله الجماعات المسلحة المتطرفة». وأضافت انه «في حال لم تعالج الدول أسبابَ الغضب التي تغذي الجماعات المسلحة ستبقى تلك المجموعات تشكل تهديداً». واعتبرت خان ان العراق بشكل أفضل نموذج لهذه الحالة، قائلة: «اسوأ ممارسات نظام (الرئيس العراقي السابق) صدام حسين ما زالت قائمة في العراق، وعلى الحكومة العراقية مواجهتها». وفي «هذا العالم الذي أمسَى أخطرَ وأكثرَ انقساماً»، تركز منظمة العفو الدولية على الوضع في دارفور الذي يشكل «جرحاً لم يندمل ويدمي ضمير العالم». وتشير الى ان «ما يعيق عمل مجلس الامن الدولي هو انعدام الثقة وازدواجية خطاب الدول الاعضاء الاكثر نفوذا»، موضحة ان «السودان قام باستباق الامم المتحدة». وجاء في التقرير ان «الشرخ بين المسلمين وغير المسلمين ازداد (...) شأنه شأن ظواهر معاداة الاسلام والسامية والتعصب والهجمات على الأقليات الدينية في جميع المناطق». وطالبت خان أن تلعب «القيادات الجديدة» في الدول الفاعلة دوراً أكبر لضمان حقوق الانسان. ودعت الكونغرس الاميركي الذي انتُخِبَ العام الماضي الى مراجعة «المحاكم العسكرية» التي شكلتها الادارة الاميركية لمحاكمة من تشتبه في تورطهم بالارهاب، بالإضافة الى مطالبة الرئيس الفرنسي الجديد نيكولا ساركوزي ورئيس الوزراء البريطاني المقبل لحل القضية الفلسطينية والابتعاد عن سياسات «التخويف».