انتحار وزير الزراعة الياباني قبل ساعات من استجوابه في فضائح مالية

زعماء المعارضة يعبِّرون عن صدمتهم ويحملون رئيس الوزراء مسؤولية الحادث

TT

انتحر وزير الزراعة الياباني توشيكاتسو ماتسوكا قبل ساعات من مثوله امام جلسة المساءلة التي كان من المتوقع ان يعقدها البرلمان بسبب فضيحة تتعلق بتبرعات سياسية وعقود مزورة، حسب مسؤولين. وعثر على الوزير فاقدا الوعي في مقر لأعضاء البرلمان ونقل الى المستشفى حيث لفظ انفاسه، حسب وكالة الصحافة الفرنسية. وذكرت تقارير صحافية ان الوزير، 62 عاما، شنق نفسه باستخدام حبل تم ربطه بباب غرفة الجلوس. ويعتبر انتحاره ضربة لرئيس الوزراء الياباني شينزو ابي وحكومته التي فقدت الكثير من شعبيتها بسبب الفضيحة.

وقال مسؤولون في المكتبة الوطنية ان هذه هي أول حالة انتحار لوزير ياباني منذ الفترة التي تلت هزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية.

وقال مسؤول حكومي لرويترز «سيكون لذلك أثر سياسي بالغ ولكن في الوقت الحالي يصعب تحديد حجمه». ويأتي انتحار ماتسوكا في الوقت الذي تراجعت فيه شعبية ابي الى أدنى مستوياتها منذ توليه المنصب في سبتمبر (أيلول) الماضي، ويرجع ذلك بشكل كبير لغضب الناخبين من سوء الادارة في نظام معاشات التقاعد حيث أقرت وزارة التأمينات الاجتماعية بحدوث خطأ في بيانات 50 مليون حالة سداد مما يعني أن بعض اليابانيين يتقاضون على الارجح معاشات تقاعد أقل مما يستحقون. وقال ابي ان حكومته ستحاول حل المشكلة وضمان دفع معاشات التقاعد بالكامل ولكن الناخبين لم يقتنعوا فيما يبدو.

وتسبب تراجع شعبية ابي في زيادة امكانية خسارة معسكره الحاكم للاغلبية في انتخابات المجلس الاعلى بالبرلمان التي تمثل أول اختبار كبير لأبي.

وتوفي ماتسوكا، 62 عاما، في المستشفى بعد أن عثر عليه وقد فقد الوعي في غرفته في مجمعٍ سكني في طوكيو للمشرعين. ورفضت الشرطة التعليق على تقارير وسائل اعلام يابانية؛ بينها هيئة الاذاعة والتلفزيون اليابانية (ان.اتش.كيه) بأنه ترك رسالة انتحار وشنق نفسه.

وقال ابي الذي بدا عليه الاهتزاز للصحافيين «يغمرني الخزي. أتمنى أن ترقد روحه في سلام». وكان من المقرر أن يمثل ماتسوكا الذي نفى مرارا ارتكابه أي مخالفات أمام البرلمان ثانية في وقت لاحق من يوم امس لاستجوابه.

وقال محللون سياسيون ان منتقدين اتهموا أبي بحماية ماتسوكا. ومن المرجح أن تتأثر صورة رئيس الوزراء بشكل أكبر على المدى القصير. ولكنهم أضافوا أن الاثر على المدى الطويل قد يعتمد على كيفية تعامل ابي مع الامر. واحاطت الفضيحة بالوزير بعد ان اتهمت لجنتان شكلتا لدعم حملته الانتخابية بتلقي اموال من مجموعة من الشركات تقدمت بعد ذلك بعروض للحصول على مشاريع في الاشغال العامة طرحتها الحكومة.

واعتقل المدعون الاسبوع الماضي مسؤولين بارزين اثنين في الجهاز الحكومي الضالع في الفضيحة التي شملت عقودا لشق طرق في المنطقة التي يتحدر منها ماتسوكا.

وعقب عملية الاعتقال التي جرت الجمعة، قال ماتسوكا «انني وبكل ألم اشعر بالمسؤولية البالغة بصفتي وزيرا مشرفا... واعتقد انني كنت مسؤولا عن منع حدوث اي أمر من هذا القبيل».

وتعرض ماتسوكا كذلك الى الانتقادات بسبب تقديمه فواتير بقيمة 240 الف دولار خلال 5 سنوات للإنفاق على مكتبه، مما دفع المعارضة الى المطالبة بتفسير لذلك.

ولم يكن هناك رد فعل فوري للانباء في أسواق المال. وأبدى زعماء معارضون صدمتهم من انتحار ماتسوكا.

وقال ميزوهو فوكوشيما، زعيم الحزب الديمقراطي الاشتراكي الصغير للصحافيين، «من المؤسف أن رئيس الوزراء ابي لم يجعله (ماتسوكا) يوضح موقفه أمام الشعب.. رئيس الوزراء يتحمل مسؤولية كبيرة عما حدث». وتسجل اليابان أحد أعلى معدلات الانتحار بين الدول الصناعية. ويرجع الخبراء ذلك جزئيا لعدم حظر الدين للانتحار والعادات المتعلقة بالانتحار للتعويض عن فشل أو انقاذ أحباء من التعرض لإحراج.

وفي استطلاع للرأي أجرته صحيفة «ماينيتشي» أيد 32 % فقط من الناخبين الذين جرى استطلاع رأيهم أبي بانخفاض 11 نقطة عن ابريل (نيسان) الماضي. وفي استطلاع آخر لصحيفة «نيكي» الاقتصادية اليومية وصل تأييد رئيس الوزراء الى 41 % بانخفاض 12 نقطة.

وأظهر استطلاع «ماينيتشي» أن 42 % من الناخبين يريدون فوز الحزب الديمقراطي المعارض في انتخابات يوليو الماضي. وفي المقابل، يريد 33 في المائة فوز الحزب الديمقراطي الحر الحاكم.

والحزب الديمقراطي الحر وشريكه الأصغر في الائتلاف الحاكم، وهو حزب كوميتو الجديد بحاجة للفوز بإجمالي 64 مقعدا من 121 مقعدا في انتخابات يوليو للحفاظ على الأغلبية التي يتمتع بها في المجلس الاعلى المؤلف من 242 مقعدا. وخسارة الحزب الحاكم الاغلبية لن تؤدي لاستقالة أبي تلقائياً لان مجلس النواب هو الذي يختار رئيس الوزراء لكن قد تزيد الاصوات المطالبة باستقالته من داخل حزبه، وقد تعني أيضا أن المعارضة سيكون بامكانها عرقلة أي تشريع رئيسي وتأجيل الاصلاحات الاقتصادية.