اللبنانيون يتابعون بـ«فرح وقلق» إقرار المحكمة الدولية وجنبلاط يدعو لعدم الاحتفال بتحد بـ«اليوم التاريخي»

انتقادات واسعة لموقف قطر المخالف لموقف المجموعة العربية

TT

كان الترقب سيد الموقف في بيروت امس خلال الساعات الفاصلة عن التصويت على اقرار المحكمة الدولية في مجلس الامن. وحرص قادة قوى «14 آذار» على ضبط جماهيرها، خشية ان يؤدي الاحتفال باقرار المحكمة الى صدامات او اشكالات امنية بسبب الاوضاع المتوترة في البلاد نتيجة المعارك التي يخوضها الجيش اللبناني مع تنظيم «فتح الاسلام» والتفجيرات التي شهدتها بعض المناطق اللبنانية. وعمد الزعيمان المعنيان باقرار المحكمة، رئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط، الى ابلاغ مناصريهما بضرورة الامتناع عن مظاهر «الابتهاج والتحدي» في الشارع.

وأعد النائب الحريري رسالة متلفزة لبثها بعد اقرار المحكمة التي ستنظر في جريمة اغتيال والده رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري يحذر فيها من «طابور خامس» يحضره النظام السوري لاطلاق النار في الهواء بعد إقرار المحكمة والقيام باستفزازات ليثبت ان اقرار المحكمة «سيكون مناسبة لوقوع مشاكل كبرى في لبنان»، فيما وصف النائب جنبلاط هذا اليوم بأنه «تاريخي» قائلاً ان انشاء المحكمة هو «بداية لطريق طويلة».

ومنعت وزارة الداخلية اللبنانية سير الدراجات النارية بدءاً من الثامنة من مساء امس، كما منعت اطلاق المفرقعات. وأصدرت الوزارة بياناً تحدثت فيه عن «مناسبة اقرار المحكمة الدولية واحتمال قيام بعض المواطنين بإطلاق الاسهم والمفرقعات النارية وإطلاق النار. ونظراً الى حساسية الظروف والمرحلة الدقيقة التي تمر بها البلاد تحض اللبنانيين كافة على اعتبار هذه المناسبة فرصة للتوحد حول هذه القضية المحقة والنبيلة»، ودعتهم الى «عدم القيام بمثل هذه الاعمال بالإضافة الى عدم السير بالدراجات النارية حفاظاً على السلامة العامة». وقد اعطى وزير الداخلية والبلديات حسن السبع تعليماته الى القوى الامنية لمراقبة الموضوع واتخاذ التدابير القانونية بحق المخالفين وفقاً للأصول.

وقال النائب جنبلاط امس: «اليوم هو يوم تاريخي. أخيرا ستعتمد المحكمة. كنا نتمنى ان تعتمد محليا، لكن هناك القوى التي اعترضت وتذرعت بكل الذرائع الممكنة وخربت الاقتصاد وعطلت الصيف الماضي وهذا الصيف. لكن المهم ان نعتبر ان إنشاء المحكمة هو بداية لطريق طويل». وأضاف: «أهم شيء في هذه الليلة عندما تعلن المحكمة في نيويورك ألا تكون في الشارع عوامل ابتهاج أو تحد. المحكمة هي لإقرار العدالة من أجل حماية لبنان، كل لبنان. المحكمة ليست موجهة ضد طائفة أو حزب، ربما ضد فئة مرتبطة، كما سبق وذكرت، فئة معينة ارتبطت بالإجرام أيام الوصاية، وصاية النظام السوري. لكن فلنترك القضاء الدولي مع اللبناني، لأنها محكمة ذات طابع دولي، لتعطي النتيجة. والنتيجة قد تأخذ بعض الوقت. لكن لا نريد اليوم ان تكون هناك مظاهر تحد أو إطلاق نار. فلنفكر جليا بشهدائنا، شهداء مسيرة الاستقلال الطويلة. فلنفكر أيضا بالمعتقلين اللبنانيين في السجون السورية الذين ينتظرون الفرج مع المعتقلين السوريين. معتقلون بالآلاف، هناك 6000 معتقل سياسي ومفقودون، إضافة الى معتقلي الرأي. فلنفكر أيضا ولنحيي شهداء الجيش اللبناني الذين يضحون من أجل الاستقرار والوحدة الوطنية وحماية الأمن».

من جهته، رأى وزير الاتصالات مروان حمادة انه بعد اقرار المحكمة سيرتاح الكثيرون وخصوصاً رئيس المجلس (نبيه بري) والقوى المعتدلة في المعارضة. ان انشاء المحكمة، ويا للاسف، تم من الخارج ورفع عنهم هذا العبء الكبير الذي كانت سورية ستحاسبهم عليه». وأسف لـ«موقف قطر، البلد الشقيق، فهو نابع من اعتبارات عدة نعرف بعضها... وهذه نتيجة خلافات خليجية محلية». واعتبر النائب وليد عيدو (كتلة المستقبل) ان «موقف قطر من المحكمة الدولية مرفوض عربياً. وان للحكومة القطرية حسابات خاصة لا تنسجم مع الموقف القطري العام». وقال: «نحن ننظر بكل تقدير الى المجتمع الدولي الذي وقف مع لبنان وحقق له هذه الأمنية بأن يسير نحو عدالته وان يسير نحو إحقاق الحق، وان يتحول لبنان الى بلد للعدالة بدل ان يكون بلدا للخارجين على القانون والقتلة والمجرمين. نحن اليوم في يوم تاريخي هو يوم معرفة من يرتكب كل هذه الجرائم في لبنان عبر طريق يبدأ بالخطوة التي ستعلن اليوم بإنشاء المحكمة الدولية. ربما هذا يأخذ وقتا لكن رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة هي اليوم في مجلس الأمن». وأضاف: «ان البعض يعتبر موقف قطر محيرا. لكن من خلال قراءة العلاقات القطرية-السورية والعلاقات القطرية-الإسرائيلية يتضح تماما اين تقف قطر».

وأبدى أسفه لأن «قطر تمثل المجموعة العربية في مجلس الأمن. والمجموعة العربية عبر مجلس جامعة الدول العربية في الأسبوع الماضي اتخذت قرارها العربي الموحد في احداث لبنان ومحاولة تخليص لبنان من الإرهاب. والمحكمة الدولية هي جزء من تخليص لبنان من الإرهاب. والجامعة العربية تؤيد بكل أعضائها قرار إنشاء المحكمة الدولية في مجلس الأمن. إنما قطر تأخذ هذا القرار منفردة، ما يؤشر الى هذا الموقف المرفوض عربيا والمرفوض قطريا. ونحن نعرف ان الحكومة في قطر لها حساباتها الخاصة ولها مواقفها الخاصة التي لا تنسجم مع الموقف العربي العام والموقف داخل قطر».