مرجع مصرفي بارز لـ«الشرق الأوسط»: الاصطفاف السياسي الحاد يلجم المبادرات العقلانية وينذر بتداعيات اقتصادية شاملة لا يتحملها لبنان

TT

تبددت آمال اللبنانيين تماماً ببدء تنفيذ هدنة اعلامية وسياسية شاملة لفترة مائة يوم اعتباراً من غد (الجمعة) لتحل مكانها مشاعر القلق والخوف في ظل سريان شائعات عن تطورات دراماتيكية محتملة وتداول قوائم اهداف لتفجيرات ارهابية.

وأرخى هذا التحول في مسار الاحداث، مع استمرار أزمة مخيم نهر البارد بما تمثله من حجم وبما تعكسه من تداعيات امنياً وسياسياً، بظلال كثيفة على كامل الانشطة الاقتصادية والإنتاجية والاجتماعية تنذر ليس بضياع الموسم الصيفي فحسب، بل ببدء انهيارات متتالية في دعائم الاقتصاد ومقومات صموده وقدرته على «تقطيع» المرحلة.

ويركز مصدر اقتصادي ومصرفي بارز على «جدية الاخطار التي تتراكم تباعاً، مدعومة بتآكل متنام لمخزون الثقة الخارجية والتراجع الحاد في تصنيف لبنان واقتصاده على كل المستويات، بما يقود الى استنتاجات قد تكون قاتمة في المرحلة المقبلة الحافلة باستحقاقات كبيرة محطتها الاهم انتخاب رئيس جديد للبلاد».

ولا يتردد المصدر في ربط الجزء الاكبر من الازمة بالاصطفاف السياسي الحاد الذي «يلجم اي مبادرات عقلانية معتدلة تنطلق من القواسم المشتركة لمواقف الاطراف لحل نقاط الخلاف او فكفكتها. والمؤلم اكثر ان معظم القيادات يتعامل مع كل استحقاق تحت شعار معركة حياة او موت. ويغفل سهواً او قصداً سماع الآخر وتفهم واقعه وخلفيات مواقفه. كما يمتنع عن تثمير ما هو متقارب او مشترك».

ويتوقع المصدر ان تكون «حصيلة النصف الاول من العام الحالي انذاراً صاعقاً حول مستوى الدرك الذي ينحدر اليه الاقتصاد وقطاعاته الحيوية. وما هو ثابت، حتى الآن، تنامي المسار السلبي للنمو الاقتصادي المنطلق من ناقص 5 في المائة بنهاية العام الماضي، وازدياد الشكوك في امكانية تجهيز الارضية التشريعية والعملية هذا العام لترجمة الجزء الاكبر من التزامات المجتمع الدولي في مؤتمر باريس ـ3، اضافة الى زيادة تحفظات القطاع المصرفي في تمويل حاجات القطاعين العام والخاص تحت ضغط التأثيرات السلبية لمسار التطورات على قدراته وديناميته».

ويؤكد: «ما دام الانكشاف السياسي والأمني امر واقع ويزداد وضوحاً يوماً بعد يوم، فان الاقتصاد، الواهن اصلاً، يتعرض لاستنزاف متزايد ليس بمقدور كل القطاعات تحمله. فبعد القطاع السياحي الذي يتكبد خسائر فادحة منذ الصيف الماضي، دخل القطاع التجاري والاستهلاكي مخاض الازمة وتداعياتها من باب التفجيرات المتنقلة والشائعات المتكاثرة التي قلصت تحركات الناس الى مستوى الضروري والضروري جداً. ولن يكون القطاع المصرفي والمالي، الاكبر حجماً والاكثر دينامية، بمنأى عن ازمات بقية القطاعات. وعندها ستزول السدود التي منعت حصول انهيارات اقتصادية متمادية».