عقوبات بوش الجديدة على الخرطوم.. تأثيرها محدود وتفادت اللاعبين الكبار

لم تشمل الشركات التي تصدر مواد خاماً مهمة أو مصالح النفط الصينية في السودان

TT

ربما كان تأثير قرار الرئيس جورج بوش بممارسة ضغوط جديدة على السودان لإنهاء العنف في دارفور، محدوداً لان العديد من الناس والأعمال التي استهدفها، تتحايل على العقوبات الاقتصادية الحالية، طبقا لما ذكره الخبراء والمسؤولون عن الاعمال.

وقد استثنت اجراءات بوش بعضاً من كبار اللاعبين في الاقتصاد السوداني، ولا سيما مصالح النفط الصينية وبعض الشركات السودانية التي تصدر المواد الخام ذات الاهمية في بعض الصناعات الاميركية النافذة. وتشتري الصين ثلثي النفط السوداني، وهي اكبر مستثمر اجنبي في قطاع النفط السوداني.

واستهدف قرار بوش بعض الشركات الصغيرة في قطاع النفط والتعدين والزراعة. وذكر مسؤولون في الادارة الاميركية ان فرض العقوبات الاقتصادية على الشركات الكبيرة يمكن اعتباره قرارا «متشددا» بل و«متطرفا».

وبالرغم من ذلك، فإن المسؤولين في الادارة ذكروا انهم يأملون في ان يؤدي القرار الى «ارسال رسالة» الى الحكومة السودانية، وقالوا انهم سيدرسون بدائل اخرى اذا لم تنجح الخطوات التي اتخذت امس الاول. وكان بوش قد تحدث مرارا عن الاوضاع في دارفور، ولكن قيامه بذلك وضع نفسه وسط تيارات دبلوماسية وسياسية.

وقد جاء قرار بوش بعد جهود للأمين العام للامم المتحدة بان كي مون لإنهاء القتال في دارفور.

واشتكى المسؤولون في الامم المتحدة من ان العقوبات يمكن ان تعرقل جهود الامم المتحدة. وأعرب البعض عن املهم في ان يؤدي الموقف المتشدد للولايات المتحدة الى دفع الرئيس عمر البشير للعمل من اجل التوصل الى قرار بوقف اطلاق النار. ولكنه ذكر ايضا انه يخشى ان تؤدي الضغوط الاميركية الى حصار الرئيس السوداني المتمرد. وبالرغم من ان البيت الابيض حذر من أن العقوبات ستعلن صباح الثلاثاء، فإن الامين العام طلب مزيدا من الوقت، وبدا عليه الاندهاش من توقيت اعلان بوش. وأعرب مسؤولون في الامم المتحدة عن املهم في مزيد من الاستراتيجيات المنسقة.

وأوضح جون برندرغاست، الخبير في الشؤون السودانية في جماعة الازمات الدولية في واشنطن، «ليس الامر بمثابة شرطي جيد وشرطي سيء، الامر يتطلب استراتيجية دبلوماسية حقيقية. لا يوجد مثل هذه الاستراتيجية».

وقد شن مندوب السودان في الامم المتحدة، عبد المحمود عبد الحليم، هجوما على الولايات المتحدة حيث ذكر ان العقوبات تجاهلت التقدم الاخير. وقال ان العقوبات لم تحل مشكلة، وإن الأمين العام يميل للحوار إلا ان الاميركيين يريدون افساد الوضع. وأضاف السفير انه يعرف ان الأشخاص الثلاثة الذين وردت اسماؤهم ضمن قرار العقوبات ليس لديهم حسابات مصرفية اجنبية، وأكد ايضا انهم لا يملكون أي ارصدة يمكن تجميدها ووصف العقوبات بأنها إجراء رمزي فقط. وقال كينيث بيكون، الذي يترأس منظمة تعنى برعاية اللاجئين، ان قرار الرئيس بوش خطوة في الطريق الصحيح على الرغم من انها محدودة وجاءت متأخرة ومن جانب واحد. وأضاف انه شعر بقلق إزاء عدم وجود أي تأييد اوروبي لقرار بوش، خصوصا ان المساعدة الاوروبية ضرورية في ممارسة ضغوط حقيقية على الاقتصاد السوداني. وفي إطار التعليق حول محدودية تأثير الإجراءات التي أعلن عنها بوش، قال مسؤولون في «آدفانسد بتروليوم كو»، وهي من ضمن الشركات المحظورة في قائمة بوش، انها عملت بصورة افضل بدون العلاقات المالية مع الولايات المتحدة. وكانت الشركة قد استثمرت 40 مليون دولار للتنقيب عن النفط في دارفور دون مساعدة من شركات اميركية، حسبما جاء في تصريح لرئيسها مطلع العام الجاري. الأمر المثيرة للاهتمام يتمثل في الجوانب التي تم استثناؤها في قائمة الشركات المعنية، إذ ان شركة «تشاينا ناشونال بتروليام كو»، الصينية التي تعمل في السودان، لم تشملها العقوبات. كما لم يشمل قرار العقوبات ايضا شركة الصمغ العربي السودانية، وهي من أكبر المصدرين للصمغ الذي يستخدم في مئات المنتجات الاستهلاكية، بما في ذلك المرطبات ومستحضرات التجميل. وكانت هذه الشركة قد استثنيت من عقوبات اميركية سابقة بعد ان أعلنت شركات اميركية انها في حاجة الى الصمغ العربي بغرض الاستمرار في تصنيع منتجاتها. جدير بالذكر ان الولايات المتحدة تشتري ربع انتاج السودان من الصمغ العربي. الأفراد الذين ورد اسمهم في قرار العقوبات الاميركية هم أحمد محمد هارون، وهو وزير سوداني للشؤون الانسانية اتهم بالمساعدة على تنظيم هجمات ضد مدنيين في دارفور، فضلا عن عضو ابن عوف وقائد التمرد خليل ابراهيم، الذي يتزعم جماعة انتقدها مسؤولون اميركيون لعدم توقيعها اتفاق سلام دارفور الهش عام 2006.

*خدمة «لوس انجليس تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الاوسط» شارك في إعداد هذا التقرير غيرستنزانغ من واشنطن وسوندرز من نيروبي وبول ريشتر من واشنطن وماجي فارلي من الامم المتحدة