وزراء خارجية دول مجموعة الثماني يفشلون في حل الخلافات حول كوسوفو

لافروف يتهم الولايات المتحدة بإعادة إطلاق «سباق التسلح»

TT

انتهى اجتماع وزراء خارجية دول مجموعة الثماني أمس من دون حل الخلافات الشائكة بين تلك الدول، وخاصة بين الدول الغربية وروسيا في ما يتعلق بمستقبل كوسوفو، المتوقع تحديد نهاية الشهر المقبل. وظهر مدى الانسقامات بين روسيا والولايات المتحدة مجدداً، اذ اتهم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الولايات المتحدة باعادة اطلاق «سباق التسلح» بمشروعها نشر درعا مضادة للصواريخ في اوروبا. وكان مشروع نشر النظام الدفاعي الاميركي في اوروبا من بين القضايا العالقة التي ناقشها وزراء خارجية دول مجموعة الثماني الصناعية في بوتسدام في المانيا أمس، تمهيداً لقمة رؤساء مجموعة الثماني بين يومي 6 و8 يونيو (حزيران) المقبل.

وقال الوزير الروسي في المؤتمر الصحافي الختامي لاجتماع أمس: «أعتقد ان المدركين مهنياً لهذه المشكلة يفهمون ان لا شيء يثير الضحك في هذا الملف، لان سباق التسلح يبدأ من جديد، والاستقرار الاستراتيجي تأثر». وكان لافروف يرد على تصريحات لوزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس، التي وصفت اول من أمس المخاوف الروسية حول مشروعها الدفاعي بأنها «مضحكة».

وتريد واشنطن نشر عشرة انظمة لاعتراض الصواريخ في بولندا ورادارا شديد التطور في جمهورية تشيكيا في اطار مشروع الدرع المضادة للصواريخ الهادفة الى مواجهة اي هجوم ايراني محتمل. وفشل اجتماع وزراء الخارجية في تقريب وجهات النظر المتعارضة بين الدول الثمانية، خصوصاً بشأن ملف كوسوفو بين الغربيين وروسيا وملف المناخ بين الاوروبيين والاميركيين.

واكتفى البيان الختامي للاجتماع بالاشارة الى ان الوزراء «بحثوا مقترح» المبعوث الدولي لكوسوفو مارتي اهتيساري. واضاف البيان: «في الوقت الذي لا تزال توجد فيه تصورات مختلفة بشأن جوهر المقترح وما يجدر القيام به لاحقا، فان المباحثات ستتواصل» بهذا الصدد. وكان اهتيساري عرض نهاية مارس (اذار) مقترحاً مؤيداً لمنح كوسوفو الاقليم الصربي ذي الغالبية الالبانية، استقلالاً تحت اشراف دولي بقيادة الاتحاد الاوروبي. وعارضت صربيا مدعومة من روسيا، المقترح رافضة استقلال الاقليم. وقالت عدد من الوفود المشاركة ان قضية كوسوفو كانت احد اكثر الملفات اثارة للجدل في اجتماع بوتسدام.

وصرح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف لدى وصوله الى قصر سيسيلنهوف، الذي استقبل صيف 1945 قادة الدول المنتصرة في الحرب العالمية الثانية جوزف ستالين وهاري ترومان وونستون تشرشل، بأن «مصير صربيا ومصير كوسوفو لا ينبغي ان يتقررا في نيويورك (الامم المتحدة) او في بوتسدام او في أطر اخرى ولكن فقط من خلال مفاوضات مباشرة بين الطرفين».

وكان الأمين العام للامم المتحدة بان كي مون قد اعلن أن اصدار القرار الجديد لمجلس الأمن حول كوسوفو سيجري في أقرب وقت ممكن. وجدد في حديث للقناة التلفزيونية في بريشتبنا «آر تي في 21» أمس دعمه لخطة اهتساري، قائلاً: «أجريت عدة اتصالات مع الملوك والرؤساء ورؤساء الوزراء في دول العالم وطلبت منهم دعم الخطة». واضاف: «ما يدور حاليا من جدل حول كوسوفو لن يغير شيئا، لأن خطة مارتي اهتساري تلقى الدعم اللازم والكافي من أجل بناء مستقبل كوسوفو». ومن جهته، قال اهتساري إنه يتوقع أن يتم التصويت على خطته في مجلس الأمن في يونيو القادم وأثناء رئاسة المانيا للاتحاد الاوروبي. وقال: «السؤال المركزي هو ماذا ستفعل روسيا في مجلس الأمن» وتوقع تراجع روسيا عن موقفها الرافض لاستقلال كوسوفو، قائلاً: «اعتقادي الشخصي هو أنه ليس من مصلحة روسيا إضعاف مجلس الأمن من خلال منعه من إصدار قرار جديد حول كوسوفو». وعما يمكن أن يحصل في حال استخدمت موسكو حق النقض، قال: «كوسوفو ستصبح دولة مستقلة بهذه الطريقة أو تلك»، في إشارة لتنظيم اعتراف مباشر من قبل الدول الاعضاء في الأمم المتحدة.

وعلق لافروف في بوتسدام انه يأمل ألا تكون هناك حاجة لاستخدام حق النقض «الفيتو» على قرار لمجلس الأمن يتعلق بمستقبل كوسوفو، موضحاً: «بالنسبة ما اذا كنا سنستخدم الفيتو على قرار كوسوفو.. آمل ألا يكون هذا ضرورياً».

وقبيل ذلك أقر وزير الخارجية الالماني فالتر شتاينماير الذي يرأس الاجتماع بان «مواقف الدول (حول كوسوفو) متباعدة بدرجة لا تسمح بتوقع حصول اختراق بشأن هذه الأزمة داخل مجلس الامن» الذي تسلم هذا الملف. ومن المقرر ان يدلي مجلس الامن قريبا برأيه في تقرير يوصي باستقلال كوسوفو تحت «اشراف دولي» رغم معارضة صربيا وحليفتها التقليدية روسيا لذلك. وكانت قضية كوسوفو الموضوع الوحيد في اجتماع وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس ونظيرها الفرنسي برنار كوشنير في اول اجتماع لهما، على ما ذكر الناطق باسم الخارجية الاميركية شين ماكورماك لوكالة الصحافة الفرنسية. وبحسب مصدر دبلوماسي فرنسي فان المباحثات في الجلسة العلنية كانت «صريحة ومباشرة وحماسية نسبيا» حول ملف كوسوفو، وهو الانطباع الذي اكده مصدر ألماني.

أما ملف المناخ، فانه غير مدرج رسمياً على جدول الاجتماع لكن الخلافات بين الاميركيين والاوروبيين بشأنه أرخت ظلالا كثيفة من الشك في احتمال التوصل هذا الاسبوع الى اتفاق في هذا الملف الاساسي بالنسبة للرئاسة الالمانية. وهذا ما لمح اليه بوضوح ميتسيو ساكابا، الناطق باسم رئيس الوزراء الياباني شينزو ابيه الذي قال ان قمة مجموعة الثماني المقبلة «لن تكون بالتاكيد المحطة النهائية» في «مسيرة طويلة جدا».

وأقر شتاينماير أن «هناك خلافات حول طريقة التعامل» مع ملف الاحتباس الحراري، في حين اشارت الصحف الالمانية الى ان الاميركيين قد تكون لديهم النية في القدوم الى القمة بمقترحات مضادة.

وشارك وزيرا خارجية افغانستان رانجين دافدار سبانتا وباكستان خورشيد قاصوري في الاجتماع تلبية لدعوة من الرئاسة الالمانية لحثهما على البحث عن حل للخلاف حول عمليات توغل الاسلاميين عبر الحدود بين البلدين. واكد قاصوري ان باكستان «ليس لديها خلافات كبيرة» مع افغانستان التي اعتبرها دولة «صديقة وجارة». وكان هناك اجماع بين الوزراء حول مواضيع عدة ظهرت في البيان الختامي لاجتماع وزراء المجموعة التي تضم الولايات المتحدة والمانيا وبريطانيا وفرنسا واليابان وكندا وروسيا وايطاليا، على رأسها الملف النووي الايراني والاوضاع في لبنان والعراق. وهدد وزراء خارجية مجموعة الثماني في بيانهم الختامي باتخاذ «ما يتناسب من اجراءات اضافية» مع رفض النظام الايراني الاستجابة لطلبات مجلس الامن الدولي ووقف تخصيب اليورانيوم. وجاء في البيان الختامي: «اننا نطلب بوضوح من ايران القيام بواجباتها (..) وخاصة المتعلقة منها بانشطة تخصيب اليورانيوم». واضاف البيان «في حال واصلت ايران تجاهل نداء مجلس الامن الدولي فاننا سندعم (اتخاذ) ما يتناسب مع ذلك من اجراءات اضافية» ضدها. وأدان وزراء خارجية الثمانية خطف خمسة بريطانيين أول من أمس في بغداد، اذ جاء في البيان الختامي: «يدين وزراء خارجية مجموعة الثماني خطف خمسة مواطنين بريطانيين في بغداد ويدعون لاطلاق سراحهم بسلام فوراً».