حرب المراقد: الشيعة اتهموا «القاعدة».. والسنة لمحوا إلى إيران

باحثان إسلاميان من الطرفين اتفقا على عدم اشتعال أي حرب طائفية في العراق

TT

استبعد كل من الباحث الاسلامي المعتدل اياد جمال الدين، عضو مجلس النواب، والدكتور محمد بشار الفيضي عضو هيئة العلماء المسلمين، ان تؤدي حرب المراقد التي اشتعلت منذ تفجير مرقدي الإمامين العسكريين في سامراء قبل ما يقرب من عامين، وحتى تفجير مرقد الشيخ عبد القادر الجيلاني قبل ايام، الى حرب طائفية بين شيعة العراق وسنته.

وفيما القى جمال الدين بمسؤولية تفجير المراقد على تنظيم «القاعدة» باعتبار انهم «لا يعترفون في آيديولوجيتهم بوجود المراقد» ويطالبون بإزالتها، فإن الفيضي اعتبر ان الميليشيات الشيعية ومن ورائها ايران تقف وراء هذه العمليات.

وقال جمال الدين لـ«الشرق الاوسط» عبر الهاتف من مكتبه في بغداد أمس ان «تنظيم القاعدة هو من يقف وراء عملية تفجير المراقد بدءا بسامراء وانتهاء بالشيخ الجيلاني فهذا ضمن الايديولوجية التي يؤمنون بها، وهي ازالة المراقد الدينية، كما انهم سبق ان فجروا اكثر من 11 مقاما للائمة من السنة في محافظة الانبار وفي ديالى». وأضاف «القاعدة ذاتها التي فجرت المقامين العسكري في سامراء وآخرها مرقد الشيخ عبد القادر الجيلاني».

وقال جمال الدين، الذي يعتبر زعيم تيار شيعي معتدل يدعو الى العلمانية في الحكم، إن "استراتيجية القاعدة تعمل باتجاه إشعال حرب طائفية بين سنة العراق وشيعته وقد تأكد الجميع من ذلك عندما تم الكشف عن رسالة الزرقاوي زعيم تنظيم القاعدة في العراق الذي قتل العام الماضي والتي قال فيها ان هدفه هو اشعال حرب طائفية بين السنة والشيعة وهذا اسلوبها».

وحول اتهام بعض علماء السنة ايران ومسؤوليتها عن تفجير المراقد لاشعال الحرب الطائفية، قال جمال الدين «لإيران دور سيئ في العراق وكلنا نعرف ذلك ولكن عندما يلقون مسؤولية تفجير مرقد الجيلاني وغيره من أئمة السنة فانما يعني ذلك القاء المسؤولية على الشيعة ونحن على يقين بان شيعة العراق العرب لا علاقة لهم بايران ولا بدورها السيئ في العراق لكن الهدف من ذلك هو التحريض على اشعال الحرب الطائفية».

واوضح جمال الدين قائلا ان «للميلشيات المسلحة التي تدعمها ايران دورا كبيرا في قتل الاشخاص والتصفيات الجسدية، وموضوع تفجير المساجد السنية والحسينيات الشيعية هي من مسؤولية الميلشيات المسلحة الشيعية والسنية وتقع ضمن عمليات الحرب التي يستهدف فيها كل الآخر، واعني الميلشيات المسلحة وليس الناس، اما العمل لاشعال الحرب الطائفية فهذا من اختصاص القاعدة».

وحذر جمال الدين من قيام «القاعدة» بتفجير مرقدي الامامين الكاظمين والامام ابو حنيفة، «وهذان الهدفان من ابرز الاهداف التي ستعمل القاعدة على تفجيرهما وهما اهم معلمين شيعي وسني في بغداد»، مطالبا «الحكومة واجهزة وزارتي الداخلية والدفاع بحماية المراقد المقدسة لدى الشيعة والسنة».

وأشار جمال الدين الى «ان هناك عجزا واضحا لدى الحكومة عن حماية هذه المراقد»، مشيرا الى ان «المراقد الشيعية هناك من يحميها من قبل حراس محليين تشرف عليهم المرجعية، اما المراقد السنية فمعرضة للاستهداف وبكل سهولة».

وخلص جمال الدين الى ان «الشعب العراقي قديم ومتجانس وليس هناك من يفصل فيه بين السنة والشيعة او بين بناء الشعب العراقي كافة سواء كانوا من الاكراد او بقية القوميات والطوائف».

من جهته حمّل الباحث الاسلامي الدكتور محمد بشار الفيضي، عضو هيئة العلماء المسلمين «ايران وميليشيات شيعية مسؤولية تفجير مراقد الائمة المسلمين وخاصة السنة».

وقال في حديث لـ«الشرق الاوسط» عبر الهاتف من عمان أمس «ان القاعدة سيطرت على مدينة سامراء لاكثر من ستة اشهر ولم يضربوا المرقدين، كما سيطروا على محافظة نينوى (الموصل) ولم يفجروا أيا من مراقدها، فلماذا ينسفون اليوم جامعا او حسينية او مرقدا».

واضاف فيضي قائلا «منذ اكثر من ثلاثة اشهر ومرقد الشيخ الجيلاني تحت سيطرة جيش المهدي وهم من يقوم بحمايته ومن ثم قاموا بتفجيره، ولو ارادت القاعدة ان ترد على الاخوة الشيعية ما كانت ابقت لهم حسينية او مسجدا».

واعترف فيضي بان «القاعدة لا تعترف بوجود المراقد ولكن سياستها الان لا تريد ان تغرق في الدم ولا تخريب البلد».

وانتقد فيضي الشرطة العراقية لاتهامها بوجود انتحاري في كل العمليات التي تقوم في بغداد وبالتالي فهذا يعني اتهاما ضمنيا للسنة، وقال «دائما تخرج علينا الشرطة العراقية وبعد ثلاث دقائق من حدوث أي انفجار لتعلن ان سبب الانفجار هو انتحاري ولا ندري كيف تكتشف ذلك بعد ثلاث دقائق بينما الموضوع وحسب اخصائيين يحتاج لاكثر من ساعتين للكشف فيما اذا كانت السيارة مفخخة او يقودها انتحاري، وفي هذا اتهام ضمني للسنة كون العمليات التي ينفذها السنة يكون وراءها انتحاريون»، منوها الى ان «من المعروف ان الشرطة مرتبطة باجندات اجنبية تعمل لاشعال الحرب الطائفية».

واضاف عضو هيئة العلماء المسلمين قائلا «عندما حدث تفجير مرقد الشيخ عبد القادر الجيلاني ايضا قالت الشرطة ان سببه انتحاريون لكن شهود عيان اكدوا ان الانفجار حدث بسبب وجود سيارة ملغومة او مفخخة وهذا ما اعلن رسميا فيما بعد».

واستبعد الفيضي ان «تقود مثل هذه الممارسات العراقيين الى حرب طائفية»، وقال «يوم بعد آخر نكتشف ان معدن الشعب العراقي، شيعة وسنة واكرادا، هو انقى من الذهب، وان تماسكهم وصبرهم اقوى من كل المؤامرات التي تريد ان تقوده للاقتتال فيما بينه لاسباب طائفية، والاحتقان الطائفي اليوم يتعاظم ضد الحكومة التي هي مثل ورق الكارتون وتقوم بتنفيذ اجندة ايرانية»، مشيرا الى ان «هذه اسوأ حكومة جاءت الى العراق ولا تعمل لصالح العراق او الشعب العراقي بل تعمل لمصلحة ايران وان آخر ما تفكر به هو العراق».

واكد الفيضي ان «الميلشيات الشيعية المسلحة بدأت تخسر منذ ان دخلت حرب المراقد والمساجد وهذه حرب ضد رب العالمين»، معترفا بان فلسفة الجماعات المتشددة هي ضد المراقد «ويعتبرون هذه المراقد غير شرعية، وليس دفاعا عنهم اذا قلت لك انه ليس من سياستهم الحالية تفجير المراقد وربما عندما تؤول لهم مسألة حكم البلد عند ذاك سيزيلون كل المراقد».