رحيل والده دفعه لحمل العصا للدفاع عن نفسه من الموت

حوطة سدير والمجمعة محطتان مهمتان في سيرته الكبرى

TT

عاش الشيخ عبد العزيز بن عبد المحسن التويجري اليتم وهو صغير، وتجرع مرارته وذاق مواجعه بعد أن رحل والده وهو في سن مبكرة، وذلك بالقرب من الجبيل، اثناء عودته من رحلة علاجية الى البحرين، ويومها لم يكن الصغير يعرف شيئاً عن فكرة الحياة والموت وأسهم ذلك في تكوين شخصيته الابوية الحانية.

وعن وقع خبر وفاة والده الشيخ عبد المحسن بن محمد التويجري يقول الراحل: «جاء الخبر إلى والدتي فلبست السواد وحاولت أن تتماسك وتتجلّد وتستقبل الفاجعة بصبر كي لا ينزعج أطفالها، إلا أن الفجيعة ليست سهلة ولاحظنا حالة الحزن اتشاحها بالسواد، فبدأنا نسأل ونبكي كلّما رأيناها تبكي، وبعد يومين قالت: لقد ذهب والدكم إلى ربه». وأضاف: «كنتُ يومها لا أعرف شيئاً عن فكرة الحياة والموت، فارتبكتُ وصرتُ أصرخ، ومع هذه الحالة بدأت أخاف من الموت، فصرتُ لا أنام إلا وعصاي بيدي لا تفارقني لأدافع عن نفسي إذا جاء إليّ الموت».

ويبدو أن اليتم في طفولة الشيخ عبد العزيز التويجري اسهمت في تكوين شخصيته الابوية الحانية، حيث برزت معاناته من ذلك حتى كتب «اليتم الموجع أثر في حياتي، وعجزت عن احتماله أو تفهمه آنذاك».

ورغم ذلك فان الشيخ الراحل حمل ذكريات جميلة في كل من مسقط رأسه حوطة سدير وبلدته المجمعة، وحول ذلك يقول كاتب السير المعروف محمد بن عبد الله السيف في رصده لمحطات في سيرة الشيخ الكبرى في حوطة سدير، جنوباً عن المجمعة، عاش عبد العزيز التويجري سنوات طفولته، وتشكّلت له صداقات مع عدد من أبنائها، الذين زاملوه في الكُتّاب، غير أنه انفرد عن أطفال القرية بميله إلى العزلة والهروب عن أهله، ويتذكر الشيخ عبد العزيز أنه هرب ذات يوم ومعه قليل من التمر والماء ولاذ بغارٍ مجاور للقرية وبقي فيه ليلة موحشة لم يساعده على تجاوزها إلا غلبة النوم عليه، وكان أكثر ما أخافه ما كان يسمعه من الكبار من أحاديث وقصص عن الجن، فعلقت في نفسه مخاوف لم يحتملها قلب الطفل، الذي أجهش بالبكاء وشعر بالندم وخرج من الغار، لكن خوفه من الطريق كان أكثر! فبات ليلته تلك في الغار، وفي الصباح التقى براعي أغنام تناثرت أغنامه حول الغار، فخرج إليه الطفل يخبره بحاله ويسأله عن الجن والذئاب؟ فرد الراعي بأنه لا يوجد جن ولا ذئاب وأخذ بيده وعاد به إلى أمه وسلمه إياها، وكان أهل القرية قد بذلوا جهداً لمعرفة مصيره، لكنهم لم يفكروا بالغار! إلى المجمعة مرة ثانية

* بعد سنوات، انتقل الطفل إلى المجمعة، ليعيش في كنف أخيه الأكبر حمد، الذي سبق وعيّنه الملك عبد العزيز مديراً لمالية المجمعة وسدير والزلفي، خلفاً لوالده، عام 1347هـ، وحمد التويجري، هو الابن الثاني في الترتيب من بين أبناء الشيخ عبد المحسن، بعد محمد، الذي رفض أن يتولى شيئاً من شؤون الدنيا، ورعاً وزهداً. في المجمعة عمل الشاب عبد العزيز مع أخيه حمد في إدارة بيت المال ورعاية شؤون الأسرة. وذات يوم وهو خارج من بلدته يتمشى في أحد أوديتها، كما هي عادته، كان له موقف قادته الظروف إليه، دونما تخطيطٍ أو موعد مضروب! هذا الموقف سيكون له الأثر الأبرز في حياة الشاب عبد العزيز، أو سيكون المنعطف الأهم في مسيرته الثقافية والعلمية، إذ بينما هو يسير في الوادي تناهى إلى سمعه صوت رجل مسنٍ حكيم يُردد قول المتنبي: كفى بك داءً أن ترى الموت شافياً وحسبُ المنايا أن يكن أمانيا هذا البيت أوقف الشاب، الذي أدار حواراً طويلاً مع الشيخ الحكيم، فعرّفه بالمتنبي وبأبي العلاء المعري، اللّذين يسمع بهما الشاب لأول مرة في حياته، فسأله عنهما فأجابه الشيخ بما أسرّه، وبما وجهه إلى عالمٍ آخر أوسع من عالم القرية آنذاك، ومنذُ ذلك الحين لا يزال حواره قائماً مع المتنبي والمعري، حيثُ ظل لهما تلميذاً إلى اليوم، يتعلم منهما ويختلف معهما ويحاورهما ويجادلهما، وقد وثّق حواراته معهما ومناجاته لهما بكتابيه الشهيرين: «في أثر المتنبي بين اليمامة والدهناء» و«أبا العلاء: ضجر الركب من عناء الطريق». عن ذلك الشيخ المُسن الحكيم، الذي أباح لي باسمه ذات مساء، يقول التويجري: «لا استبعد أن الشيخ في اختياره لذلك المكان المعزول في وادٍ صغير مجاور لمقبرة قديمة، أراد أن يخلق لنفسه عالماً خاصاً يؤنسه في غربته الروحية والفكرية، استنتج ذلك من أول صوت سمعته منه، ونظرتي تلاقت مع نظرته وهو ينشد بصوت رفيع: كفى بك داءً أن ترى الموت شافياً». مع حوار ومناقشة ذلك الشيخ الحكيم في أحد أودية المجمعة، انطلق عبد العزيز التويجري إلى آفاق واسعة في الثقافة، فأخذ يُعلّم نفسه بنفسه، ويقرأ كثيراً، حتى اشتد أمره وأصبح أحد متعلمي بلدته ومثقفيها، من دون أن يدخل مدرسة أو معهداً، فقد تخرج في جامعة الحياة وكلية التاريخ، التي الهمته وعلمته الكثير. إلى عسير

* في عام 1353هـ حدث في التاريخ السعودي ما يُعرف بـ«حرب اليمن» وكانت هذه الحرب كفيلة بإخراج الفتى عبد العزيز التويجري من حدود بلدته الوادعة، الغافية في أحضان نجد إلى مرتفعات وشواهق عسير، على الطرف الجنوبي من بلاده السعودية، حينما قرر الانضمام متطوعاً ـ مع غيره من أبناء المجمعة وسدير ـ في الجيش السعودي المتجه إلى الحدود مع اليمن، فكانت هذه أول مهمة خارج بلدته، وجاء انضمامه ضمن الفرقة الرابعة، التي كان على رأسها الأمير محمد بن عبد العزيز، والتي انطلقت من الرياض إلى عسير، غير أنها ما إن وصلت إلى أبها حتى كان الصلح قد تمّ بين الملك عبد العزيز والإمام يحيى، رحمهما الله، فعادت الفرقة أدراجها من حيثُ جاءت. ورغم عدم مشاركة الشاب عبد العزيز في الحرب، إلا أنّ لهذه الرحلة الطويلة من الرياض إلى أبها أثراً كبيراً في حياته، فقد تعوّد منها الصبر والاحتمال وتدرّب فيها على الجوع والظمأ والإيثار، في ما بين رفاق الرحلة، ولا يزال الشيخ يستعيد ذكرياته مع المطايا والصحراء وسُرى الليل والحادي، وما تخلل تلك الرحلة الطويلة التي قطع بها الفيافي والسباسب والمهام على ظهور المطايا. رئاسة بيت المال

* بما أن الفرقة الرابعة في الجيش السعودي، التي شارك فيها الشاب عبد العزيز التويجري قد انطلقت من الرياض، فهذا يعني أن الشاب زار الرياض وعرفها، لذا ظلت الرياض حاضرة في ذهنه، يقوده الطموح إليها، فبعد أربعة أعوام من زيارتها، عاد إليها ثانيةً يحدوه عزم الرجال في البحث عن العمل في دولة عبد العزيز، لذلك فقد فكّر في توجيه خطاب إلى الملك عبد العزيز يطلب فيه عطفه وتوجيهه، فيّمم وجهه ذات يوم من أيام 1357هـ، شطر الرياض، برفقة صديقٍ له من البادية، وكان قد استأذن والدته، فأذنت له، وحظيَ الشاب الطموح بلقاء مليكه وسيده، الذي أبرق لحمد التويجري مخبراً إياه بتعيينه مديراً لمالية القصيم وتعيين أخيه عبد العزيز بديلا عنه في رئاسة مالية المجمعة والزلفي وسدير، فكان أن ذهب حمد إلى القصيم وتسلم الشاب عبد العزيز أولى مهامه في عالم الإدارة السعودية، التي استمرت معه إلى اليوم، نائباً مساعداً في الحرس الوطني ورجلا من رجالات الدولة، وحامل رسائل ملكية. لم تكن مقابلة الشاب عبد العزيز لمليكه في الرياض هي الأولى، إذ سبق أن وقف بين يديه وحظيَ بقبلةٍ حانيةٍ منه، وذلك قبل عشرة أعوام من لقاء الرياض، ففي عام 1347هـ، وبعد أن وضعت معركة «السبلة» أوزارها، زار الملك عبد العزيز المجمعة واستضافه مدير ماليتها الشيخ حمد التويجري، وفي منزله جاء أشبال أُسرة التويجري ليسلموا على المليك المؤسس، وكان في مقدمتهم عبد العزيز، فسلّموا عليه وقبّلهم جميعاً وأمر لكل واحدٍ منهم بعشرة ريالات فضية. أما اللقاء الثالث، فكان في عام 1358هـ، فقد كان الملك عبد العزيز مخيماً في «الشوكي» فرأى مدير المالية أن يذهب للسلام عليه، فانتخب ثلاثة من أبناء المجمعة وذهبوا إليه، وذات يوم وبعد صلاة الفجر دُعي التويجري ورفاقه لمقابلة عبد العزيز والسلام عليه. عن هذا اللقاء الأول بين المليك عبد العزيز والموظف الجديد وما يثيره في الذاكرة، يقول التويجري: «الشيء الذي تثيره هذه المناسبة، التي هي أول لقاء لي بالملك عبد العزيز بعد أخذي الوظيفة، هو ما لا أقوى على وصفه. لكن ما بقي معي منه ما زال يبهرني ويذهلني. عملاق، والرجال من حوله يومها في تقاصر عن هامته. كلّما تذكرته واقفاً والرجال يحيطون به وقوفاً صعّدتُ بصري إليه وإلى شبه الجزيرة العربية فتراجعت الحيرة عندي». طيلة الفترة الممتدة من عام 1357هـ إلى عام 1381هـ، ظل التويجري في المجمعة يُدير ماليتها وما ارتبط بها من مدن وقُرى، يتلقى أوامر سيده المليك فينفذها، وتكشف رسائل عديدة متبادلة بين المليك المؤسس ومدير المالية عن توجيهات ملكية حانية وتعكس ما كان عليه الملك عبد العزيز من حرص واهتمام بشؤون وطنه ومواطنيه، من ذلك مثلا برقية أرسلها الملك عبد العزيز في عام 1359هـ، يسأل فيها عن أحوال المزارعين بعد هطول الأمطار، وأخرى تحمل توجيهاً بأن المليك أرسل حبوباً وإبلا لتوزع على مزارعي المنطقة لمساعدتهم على القيام بمهام الزراعة. ومن أراد التوسع في هذا المجال فليعُد إلى كتابي «لسراة الليل هتف الصباح» و«عند الصباح حمد القوم السُرى». حوار الثقافة

* في منتصف الخمسينات 1955 استقبلت مدن وقُرى نجد أعداداً كبيرة من المعلمين من مختلف البلاد العربية، خاصة مصر، بغرض التدريس في مدارسها، فكانت فرصة ثقافية واسعة لعدد من أبناء نجد، الذين أجروا حوارات ومناقشات مع عددٍ منهم، وكان من أبرز شباب نجد، الذين اشتهر وعُرف عنهم اهتمامهم بالمعلمين العرب، الشيخ عبد العزيز التويجري، الذي فتح لهم بيته في المجمعة، فغدا منتدى ثقافياً، تُناقش فيه كثير من قضايا الثقافة في التاريخ والأدب والتفسير وغيره، ولقد أنِس التويجري بهذه الصفوة وانسوا به، واستفاد منهم وأفادهم من هذه اللقاءات، التي أضافت إلى رصيده المعرفي والثقافي، لاسيّما بعد أن بدأ يقرأ ويطلع على صحف ومجلات عربية، وفي تلك الفترة كانت البلاد العربية تموج بحركة نشيطة من الأفكار، خاصة القومية منها، بعد قيام عبد الناصر بتأميم قناة السويس ومن ثمّ العدوان الثلاثي على مصر، الذي ألهب مشاعر المواطنين العرب، وأبرز شخصية الرئيس عبد الناصر كرمز قومي تعاطفت معه وهتفت له الجماهير، حيثُ أظهرت هذه الأحداث البُعد العربي في ثورة عبد الناصر، فكان الالتفاف الشعبي العربي حول مركزية مصر وقيادة عبد الناصر. عبد العزيز التويجري وكأحد المثقفين العرب، كان متفاعلا مع هذه الأحداث القومية، وقد شكّلت نقطة انعطاف في مسيرته الفكرية وهويته القومية، لذلك حرص الشاب العربي الغاضب من هذا الاعتداء على مقابلة عبد الناصر، وذلك حينما ذهب ومعه ستة من شباب المجمعة إلى مصر، فكان أن التقوا بالرئيس عند مدخل إحدى دور السينما، وقد روي لي الشيخ في حوارٍ مسائي جميل مدى انبهار الشباب، وهم يلتقون الرئيس! حياة التويجري في المجمعة، ورغم بُعدها عن الحواضر السعودية، إلا أنها لم تكن حياةً تقليدية كما قد يتصورها البعض، بل كانت حياة شاب طموح قلق متوثب، عانى خلالها قلقاً فكرياً وصراعاً نفسياً، لكنه انتصر في النهاية بقوة إرادته وبصدق عقيدته وبتأمله في ملكوت الله وآياته في الكون. في هذا الصدد، يتذكر التويجري موقفاً حدث له وهو خارج من بيته في المجمعة إلى المسجد، لأداء صلاة الفجر، حينما صادفه رجل فسأله: أين أنت ذاهب؟ فرد الشاب قائلا: إلى المسجد، فقال الرجل: خذ هذا الكتيب ليساعدك على معرفة المسجد أكثر!! أخذ الشاب الكُتيبَ ووضعه في جيبه، وبعد صلاة الفجر أخذ يقرأ فيه، وكلّما قرأ أكثر شعر بشيء مبهم يغشى مشاعره وأحاسيسه ويثير عنده صوراً تشكلها في خياله ألفاظ ما سمعها من معلم الكُتّاب ولا من إمام مسجده. وقد أثارت عنده شيئاً من المراهقة الذهنية وأوجدت بعض الارتباك، لأن ما في الكتيب ـ كما يقول التويجري ـ مثير لتساؤلات كثيرة ومجيب عن بعضٍ منها بأجوبة أقل ما أقول عنها اليوم: إنها آتية من فكر بخس لا أملك وعياً كافياً لخطورته آنذاك. يصف التويجري أثر تلك الحادثة على نفسيته، فيقول: «وقعتُ فريسة للصراع الذاتي والنفسي فيما بين من اصطادني في الظلام وأنا ذاهب إلى مسجدي وبين ما علمتني إياه الأمهات والجدات الطيبات، لقد حاول هذا المتلصص أن يطفئ لدي نور الإيمان، كان كلُ ما في الكتاب خليطا صاغته فلسفة مداعبة لكل غريزة، منازلة لها». طالت آلام التويجري وعجزت دموعه عن أن تطفئ الحريق في نفسه، فقام بعدة رحلات إلى دولة عربية وإلى خارجها، وقادته تلك الرحلات إلى طبيب نفساني التقاه في القاهرة عام 1375هـ، فبعد أن حكى الشاب كلّ ما في نفسه والطبيبُ يكتب ويكتب، التفتَ اليه وقال له: «ما قيمة الحياة يا ابني من غير الدين والإيمان بالله؟ لكن تنقصنا المعرفة به ونحن نتخبط بعقولنا القاصرة في طريقنا إليه، نسير ونتعثر، وهذه العثرات هي عبادة لله، لأننا نمشي إليه بتساؤلات عنه وعن عظمته في آياته الكبرى». ارتاح قلب الشاب واطمأن، وسأل طبيبه قائلا: ما الذي تقوله عن هذا الإعياء والسقوط؟ أهو خوف من أن لا أصل؟! فقال له الطبيب: «أشدُ على يدك وعلى روحك وإرادتك وأدفع بك في اتجاه التأمل وعبادة الله وحده بنبض جوارحك». يتحدث التويجري عن تلك التجربة وذاك الطبيب فيقول: «قدم لي نصائح كل ما فيها يحاول به أن يدنيني من الله، جلّ وعلا، ويبعدني عن شياطين نفسي وأبالستها، واستمرت الجلسات عدة أشهر، وبعدها ودعت هذا الإنسان الطيب وأحسستُ بأن إرادتي ولله الحمد صارت أقوى من مخيفاتها من الأشباح». إلى الحرس الوطني

* بعد 24 عاماً من العمل في رئاسة بيت المال في المجمعة والزلفي وسدير، وبعد ما حقّقه التويجري من حسن إدارة ومن صيتٍ طيب وسمعة حسنة لدى ولاة أمره وبين الناس، انتقل إلى الرياض للعمل في الحرس الوطني وكيلا لسمو رئيسه الأمير سعد بن سعود بن عبد العزيز، وذلك بموجب المرسوم الملكي الكريم الذي أصدره الملك سعود بن عبد العزيز، ذي الرقم 6-12-2322 وتاريخ 28-5-1381هـ، والمتضمن أنه بناءً على مقتضيات المصلحة، فقد تم تعيين عبد العزيز التويجري وكيلا للحرس الوطني بالمرتبة الأولى وبراتبها المُقرّر لها. وقد أشارت صحيفة «القصيم» بعددها الصادر بتاريخ 29-5-1381هـ، إلى أن تعيين التويجري وكيلا للحرس الوطني يأتي بديلا عن الفقيد الشيخ سليمان بن جبرين، وأضافت الصحيفة تقول: إن الشيخ عبد العزيز باشر عمله بعد أن اجتمع ومديري الأقسام بالحرس الوطني بسمو رئيس الحرس الوطني، حيث استمع الجميع إلى توجيهات وإرشادات سموه، التي تهدف إلى التعاون والعمل الجدي لما يحقق المصلحة العامة. ومضت بالقول: «هذا وقد عُرف عن سعادة الشيخ عبد العزيز أنه الرجل الحكيم البصير في مثل تلك الأعمال لخبرته الطويلة وخدماته الكثيرة في الدولة، مما جعل أفراد تلك الرئاسة مسؤولين وغيرمسؤولين يستبشرون خيراً ويؤملون في شخصه تعديل ما اعوج من الأوضاع التي لا تخدم المصلحة بفضل توجيهات سمو الرئيس، الذي لا يدخر وسعاً في ما يحقق الأهداف السامية التي يدعو إليها صاحب الجلالة الملك المعظم. فنهنئ سعادة الشيخ عبد العزيز ونتمنى له التوفيق والنجاح». بعد انتقال التويجري إلى الرياض حلّ مكانه في بيت مال المجمعة وسدير ابن عمه حمد بن ناصر التويجري ثم ابنه إبراهيم وما تزال رئاسة بيت المال في أبناء التويجري إلى اليوم منذُ مائة عامٍ وعام. غادر التويجري المجمعة ووادي المشقر وأُشي، حيثُ ذكريات الطفولة وأحلام الشباب الغامر، غير أنها كانت وما تزال لديه هي أجمل الذكريات وأرحبها في نفسه. يقول عنها وبشيء من الحزن: «هي اليوم تلتقي بي وأنا على آخر عتبات سلّم الحياة، ولقاء كهذا يرمي بالحجر الثقيل في أعماق النفس فتنفجر بالأحزان وتشق طريقها إلى قيعان الذات التي أمحلت، وأتساءل مع نفسي: هل صحيح أن الحياة مرّت بنا على هذه الطريق الطويلة من الذكريات من دون أن نشعر بها إلا حين أكل الصيف أيام الربيع عندنا؟!». في الحرس الوطني، عمل التويجري بكل جدٍ وإخلاص في إدارة هذه المؤسسة العسكرية، فكان أحد بُناتها الذين أرسوا دعائمها وكان أحد الذين وقفوا خلف مساهمتها في العمل الثقافي من خلال مهرجانها الكبير «الجنادرية»، الذي أسّس للحوار الثقافي بين مثقفي الوطن العربي بمختلف أفكارهم وتوجهاتهم، حينما التقى القومي العربي مع اليساري مع الإسلامي في رحاب الرياض، كما أن هذا المهرجان قد أسّس تالياً للحوار الوطني، الذي نتفيء ظلاله اليوم.