6 قتلى وإطلاق نار على مكتب هنية.. بعد إعلان هدنة هشة بين حماس وفتح

نجاة وزير الصحة من الاغتيال.. و70 ألف طالب جلسوا للامتحانات وسط مخاوف

TT

تصاعدت حدة التوتر في الاراضي الفلسطينية أمس بعد فترة وجيزة من اعلان هدنة بين حركتي فتح وحماس أبرمت بوساطة من مسؤولين مصريين. وأطلق مسلحون النار على مكتب رئيس الوزراء الفلسطيني في قطاع غزة أمس مما أدى الى فض اجتماع للحكومة، كما قتل 6 فلسطينيين في مناطق متفرقة. وقال مساعد لرئيس الوزراء اسماعيل هنية القيادي في حركة حماس لرويترز من المبنى حيث توقف اجتماع الحكومة بسبب اطلاق النار من سطح مبنى مجاور «نتعرض لاطلاق النار». ولم يصب هنية بسوء. وأنحى المسؤول باللائمة على مقاتلين موالين لحركة فتح التي يتزعمها الرئيس محمود عباس والتي لم يكن حاضرا من وزرائها الاجتماع سوى وزير واحد. ونفت فتح ذلك. ووقعت عمليات اطلاق النار متفرقة في أماكن أخرى في أعقاب الهدنة الجديدة بما في ذلك هجوم على مكتب وزير الصحة من حماس.

وذكرت وزارة الداخلية الفلسطينية أن أحد أفراد القوة التنفيذية التابعة لوزارة الداخلية في بلدة بيت حانون قتل اثر إطلاق نار عليه. وفي نفس البلدة، قتل اب واثنان من اولاده لدى عملية اطلاق النار داخل مستشفى البلدة. وفي مدينة غزة، قتل اثنان من عناصر جهاز المخابرات العامة في اشتباكات في محيط جامعة القدس المفتوحة. وقال مسؤول شارك في المفاوضات بشأن الهدنة «يسير وقف اطلاق النار على عكازين ويواجه خطر الانهيار اذا لم تتوقف الانتهاكات على الجانبين».

وبعد هذه المعركة قال شهود ان مسلحين من كلا الحركتين شرعوا في ازالة حواجز الطرق من الشوارع الرئيسية طبقا لاتفاق الهدنة. وتجول مسؤولو الامن المصريون الذين ساعدوا في ابرام الهدنة من خلال المفاوضات في شوارع غزة لمراقبة التقدم في تطبيقها. واتفقت الحركتان برعاية الوفد الامني المصري، على وقف اطلاق النار وسحب كافة المظاهر المسلحة من الشوارع وإزالة الحواجز التي تعمل على تعطيل حركة تنقل المواطنين الفلسطينيين.

واستمر المسلحون من الجانبين في سد التقاطعات الرئيسية في غزة من خلال نقاط تفتيش رغم بنود الاتفاق التي تدعو الى سحب المسلحين من الشوارع. والاقتتال الاخير هو الاعنف منذ اعلان هدنة قبل شهر أعقبت موجة عنف قتل فيها أكثر من 50 فلسطينيا في غزة معظمهم من المسلحين. ومن ضمن الاهداف الرئيسية وراء الهدنة الجديدة السماح لنحو 70 ألفا من طلاب المدارس الثانوية في قطاع غزة والضفة الغربية بأداء امتحانات نهاية العام في سلام. وأمام احدى المدارس الثانوية في مدينة رام الله بالضفة الغربية حيث تجري الامتحانات أعرب الرئيس الفلسطيني محمود عباس عن أسفه لهذه الاشتباكات مضيفا أن فتح وحماس لا زالتا تعملان لانهائها. وقال شهود ان الامتحانات بدأت في موعدها في غزة لكن معظم الطلبة سلكوا طرقا طويلة غير مباشرة للوصول الى مدارسهم لتجنب المسلحين مع تردد أصوات اطلاق النار.

ومر مصباح أبو الخير، 17 عاما، عبر عدة نقاط تفتيش اقامها مسلحون في طريقه الى المدرسة من مخيم للاجئين خارج مدينة غزة. وقال لرويترز «لا تقدر فتح أو حماس حقيقة أننا نؤدي امتحانات نهاية العام اليوم». وأضاف «كيف لنا أن نؤدي الامتحانات وسط أصوات الاعيرة النارية وأبواق سيارات الاسعاف».

واعرب اللواء برهان حماد رئيس الوفد الامني المصري عن استيائه الشديد من تجدد الاقتتال على الرغم من توصل الطرفين الى العديد من اتفاقيات وقف اطلاق النار. وقالت حركة حماس ان وزير الصحة الدكتور باسم نعيم، احد قيادات حركة حماس قد نجا صباح امس من محاولة اغتيال، عندما تم اطلاق النار على مكتبه في الوزارة، من قبل عناصر من حركة فتح. وذكرت أن عناصر من حركة فتح قاموا باختطاف 5 من عناصر حماس في حادثين منفصلين. وأعلنت الشرطة الفلسطينية أن مسلحين مجهولين قاموا بإطلاق قذيفة على مقر شرطة العباس غرب مدينة غزة دون أن تقع اضرار.

وكان مسلحون قد اعدموا مساء اول امس إمام احد المساجد في مدينة غزة، بعد اختطافه من بيته. وقالت حماس إن الشيخ محمد الرفاتي إمام مسجد العباس في غزة قد اختطف من قبل مسلحين ينتمون الى حركة فتح، الذين قاموا بنقله الى موقع «انصار» العسكري وضربه وتعذيبه بوحشية قبل اطلاق النار عليه والإلقاء بجثته بالقرب من الجامعة الاسلامية.

من ناحيتها اتهمت حركة فتح مسلحين من حماس باختطاف احد عناصر حرس الرئاسة وإلقاء جثته من فوق احد الابراج السكنية في مدينة غزة. وذكرت مصادر طبية فلسطينية أن عدد الفلسطينيين الذين قتلوا في حوادث الاقتتال بين حركتي فتح وحماس منذ الخميس الماضي قد وصل الى سبعة وعشرات الجرحى.

ودعا الرئيس عباس عناصر حركتي فتح وحماس إلى التوقف فوراً عن الاقتتال، معتبراً ان الاقتتال «عيب بحقنا وحق شعبنا وحضارتنا ومستقبلنا». وقال إن الصدامات التي تحصل بين فترة واخرى في قطاع غزة «مؤسفة ومسيئة جداً إلينا». واستدرك: «لكن الطرفين يعملان بكل جد إلى جانب اِلأشقاء المصريين من أجل القضاء على هذه الظواهر التي تؤثر علينا وعلى مستقبلنا»، مشدداً على أن «الكل ملام، فهذا عيب بحقنا وبحق شعبنا وحضارتنا ومستقبلنا».

من ناحيته حمّل امين سر كتلة حماس البرلمانية النائب مشير المصري، الرئيس عباس كامل المسؤولية عن الأحداث التي تعصف بقطاع غزة، قائلاً ان هذه الاحداث تتم على أيدي حرسه وأجهزة الأمن الموالية له و«الانقلابيين في حركة فتح»، على حد تعبيره. وفي تصريح صحافي صادر عنه، قال المصري «إن الجريمة الكبرى أن يؤوي رئيس السلطة محمود عباس القتلة والمجرمين داخل مقره، وأن تُلتقط معهم الصور بابتسامات عريضة، لم نشهده يبتسم بها مع رئيس الوزراء إسماعيل هنية أو أي من وزراء الحكومة». وأضاف المصري أن ما يعرف بمنتدى الرئيس «تحوّل إلى مقر للقتل والخطف والتعذيب»، مبيناً أنه في «العالم كله لم يحدث أن رعى الرئيس القتلة والانقلابين».

وعقب المصري على حادثة اغتيال الشيخ الرفاتي، معتبراً أن هذه الأحداث «حرب على العلماء وأئمة المساجد». وأضاف «الفئة الانقلابية تريد أن تعبث في الساحة الفلسطينية حسب مزاجها وحسب الخطة الأميركية التي تم الكشف عنها مؤخراً».

اما ماهر مقداد الناطق باسم حركة فتح في قطاع غزة فقد قال ان اتفاقيات وقف اطلاق النار لا تصمد طويلاً لان «هناك قرارا داخل حماس باستمرار التصعيد». وأكد مقداد أن حركة فتح تتعاطى مع كل فرصة يمكن من خلالها حقن الدم الفلسطيني مؤكدا أن الأمور لن تستقيم إلا إذا كانت هناك نوايا حسنة لدى حماس» رحمة بالشعب الفلسطيني الذي يتعرض لأبشع الجرائم والتي كان آخرها إلقاء شاب مناضل من الدور الخامس عشر في برج الغفري شرق غزة»، على حد قوله. وقال موسى أبو مرزوق، نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إن هناك إصرارا من قبل فئة محددة لإبقاء الأوضاع متوترة في الأراضي الفلسطينية، مشيرا إلى أن هناك تدخلا خارجيا يسعى لإخراج حماس من المعادلة السياسية. ودعا في اتصال مع وكالة الأنباء الألمانية إلى ضرورة وجود إرادة سياسية جامعة لوقف هذه «المهازل» التي تحدث في قطاع غزة، ودعا أيضا لوقف حالة الفلتان الأمني قبل الفلتان السياسي.

من ناحيته دعا الدكتور أحمد بحر رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني بالإنابة إلى تهدئة الأوضاع الداخلية وسحب المسلحين ورفع الحواجز والنزول عن الأبراج. وندد بحر في بيان صادر عنه بمن اسماها بـ«الأيدي العابثة بهذا الوطن.. التي تطل بين الفينة والأخرى لتنشر القتل والتخريب وتشعل نار الفتنة بين أبناء شعبنا الفلسطيني، وذلك في أعقاب حالة الهدوء السائد في قطاع غزة وتوحد المقاومين في مواجهة الاحتلال». وأضاف «اليوم قامت هذه الفئة بإشعال نار الفتنة في مدينة غزة وقتل العلماء وأئمة المساجد وإقامة الحواجز واعتلاء الأبراج السكنية وتهديد المواطنين الآمنين في بيوتهم».