عبوات حقيقية ووهمية تحيط بالمؤسسات التربوية وإنهاء مبكر للدراسة

مدارس لبنان تخشى «امتحان» الإرهاب

TT

لم تختلف نهاية العام الدراسي في لبنان عن بدايته، فالتلاميذ الذين استهلوا سنتهم الدراسية على وقع أخبار حرب يوليو (تموز) وما تلاها من مآس على البلاد والعباد، ها هم اليوم يعيشون الحالة نفسها وان بنسب متفاوتة بين منطقة وأخرى، ما أجبر معظم المدارس اللبنانية على اتخاذ اجراءات استثنائية لانهاء العام الدراسي. فحرب نهر البارد المستمرة في شمال لبنان منذ أكثر من ثلاثة أسابيع وما يرافقها من انفجارات متنقلة، لم تعد أي منطقة في لبنان بمنأى عن أخطارها، كبلت تحرك اللبنانيين وشكلت عامل ترويع وقلق للأهل والتلاميذ وادارات المدارس على حد سواء.

متفجرات وعبوات وهمية وأخرى معدة للتفجير وجدت مزروعة على أبواب بعض المدارس، سبب كان كفيلا باثارة الرعب في نفوس الأهل والمسؤولين وأجبر القوى الأمنية على تكثيف وجودها في محيط المؤسسات التربوية التي اتخذت بدورها اجراءات أمنية مشددة وأجبرت المدرسين على ملء بطاقات تعريف وزعتها وزارة الداخلية والبلديات على المؤسسات في كل المناطق اللبنانية توضع على السيارة لتعرف بصاحبها وبمكان وجوده.

اضافة الى هذه الأجواء المتوترة، يتلقى اللبنانيون الشائعات من كل حدب وصوب، وكان أشدها وقعا تلك المتعلقة باستهداف المدارس، اذ سرت شائعة في المرحلة الأخيرة مفادها أن تنظيم «فتح الاسلام» أصدر بيانا يحذر فيه من الاعتداء على المدارس وحافلات نقل طلابها وخصوصا منها التابعة لطائفة معينة، اضافة الى الاعلانات الكاذبة والحقيقية التي تتلقاها القوى الأمنية كل يوم عن وجود عبوات في محيط بعض المدارس.

هذا الذعر الذي أصاب المؤسسات التربوية كان مدار بحث ادارات المدارس التي اختلفت قراراتها وتفاوتت بين الانهاء القسري أو استكمال العام الدراسي مع اجراءات خاصة في ما يتعلق بالامتحانات النهائية، اذ عمد بعض منها الى اتخاذ قرار مفاجئ خلال فترة اجراء الامتحانات النهائية ومفاده انهاء قسري للعام الدراسي بسبب الأوضاع الراهنة حفاظا على سلامة التلاميذ وتداركا لأي حوادث أمنية بالامكان تفادي آثارها السلبية. من جهة أخرى، وفي ظل رفض وزير التربية اللبناني الدكتور خالد قباني اصدار أي قرار من شأنه حث المسؤولين في المدارس على انهاء العام الدراسي أو تعديل في مواعيد الامتحانات الرسمية، فقد اتخذت كل مدرسة على حدة تدابير خاصة للاسراع في انهاء البرامج والامتحانات نهاية الأسبوع المقبل حدا أقصى. الأمانة العامة للمدارس الكاثوليكية في لبنان اصدرت بيانا بعد اجتماع لها في نهاية الأسبوع الماضي، تركت فيه الحرية لادارة كل مدرسة تابعة لرعايتها باتخاذ القرار المناسب بحسب المنطقة الموجودة فيها والأوضاع المحيطة بها.

وانطلاقا من هذا البيان، الذي اعتبره البعض اعلانا غير مباشر للاسراع في انهاء السنة الدراسية، اختلفت القرارات المتخذة من المدارس الكاثوليكية التي يبلغ عددها في لبنان 365 مدرسة. فقد أعلن عدد كبير من المدارس في اليوم التالي لاصدار البيان أيقاف الدروس في كل الصفوف باستثناء المرحلة الثانوية، وحتى تلك التي كانت في صدد اجراء الامتحانات النهائية ما عدا التلاميذ الذين يعانون ضعفا في مواد معينة، فاما أن يخضعوا الى امتحانات خاصة لتقويم وضعهم أو أن يؤجل هذا الموعد الى بداية السنة الدراسية المقبلة أي في سبتمبر (أيلول) المقبل. من جهة أخرى لم تعمل بعض المدارس على ادخال أي تعديل في مواعيد الامتحانات طالما أن الوضع لم يتغير كثيرا ولبنان يعيش منذ بداية هذا العام أوضاعا غير مستتبة ومتأرجحة بين التصعيد حينا والهدوء حينا آخر. أما جمعية المقاصد التي يزيد عدد مدارسها المنتشرة في كل المناطق اللبنانية عن الـ 50، فاختلف القرار الذي اتخذته في ما يتعلق بالاجراءات الواجب اتخاذها في ظل الظروف الأمنية المتردية التي يعيشها لبنان. ويقول مدير الشؤون التربوية في الجمعية الدكتور كامل الدلال لـ«الشرق الأوسط»، «لم نتخذ أي اجراءات استثنائية في محافظات بيروت والبقاع والجنوب. البرامج المدرسية انهيت بشكل طبيعي من دون أي تعديل لمواعيدها، وتلامذتنا في هذه الفترة يجرون الامتحانات النهائية وسيختتم العام الدراسي في 20 يونيو (حزيران) الحالي».

وفي ما يتعلق بمدارس المقاصد في محافظة الشمال الموزعة بين منطقة المحمرة حيث تدور المعارك، ومناطق ببنين ودير عمار ووادي الجاموس القريبة من مواقع الاشتباك، والتي توقف التدريس فيها لأيام عدة عند بدء معركة البارد، يضيف الدلال «قررنا عدم اجراء الامتحانات النهائية والاعتماد للحصول على النتيجة النهائية على معدل الفصلين الأول والثاني وما تيسر من علامات الأسابيع الأولى للفصل الثالث، على أن نبدأ العام الدراسي المقبل في وقت مبكر مقارنة بالسنوات الماضية، أي في الأسبوع الأول من شهر سبتمبر (أيلول)».