المنظمات الفلسطينية في لبنان: نفوذها تأثر بعمليات الانقسام والانقلاب وانحسار الدعم

TT

تنتشر الفصائل الفلسطينية في مختلف المناطق اللبنانية وفقا لتوزع مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في الجنوب والبقاع والشمال مرورا بالعاصمة. وتضاف إلى المخيمات المواقع العسكرية المنتشرة في كل من الناعمة جنوب بيروت وقوسايا وحلوى وكفرزبد في البقاع عند الحدود اللبنانية ـ السورية. وكانت مناطق نفوذ الفصائل قد تنقلت من فصيل إلى آخر جراء عمليات الانقسام والانقلاب وانحسار الحضور والدعم للبعض وتعزيزه لدى البعض الآخر. ويبدو تعداد مناصري الفصائل أمرا غير دقيق على الإطلاق خصوصا أن التنظيمات نفسها تحرص على إعطاء صورة أكبر عن حجمها.

* حركة «فتح»: تعتبر حركة «فتح» أكبر المنظمات الفلسطينية ويعود تاريخ انطلاقها إلى مطلع العام 1965. وقد أنشاها ياسر عرفات في الكويت وظل يتبوأ منصب الزعامة فيها حتى وفاته عام 2004. ويشغل هذا المنصب حاليا رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس «أبو مازن».

يتركز وجود «فتح» في لبنان حاليا في مخيمات الجنوب وخصوصا مخيمي عين الحلوة (جنوب شرقي مدينة صيدا) ومخيم الرشيدية (جنوب مدينة صور). وكانت قيادة الحركة قد غادرت بيروت عقب الاجتياح الإسرائيلي للبنان في العام 1982. وأعقب ذلك انشقاق العقيد محمد موسى الملقب بـ«أبو موسى» عن الحركة ليعلن «فتح الانتفاضة» التي استولت على مكاتب الحركة الأم في شمال لبنان وبقاعه والتي آلت مسؤوليتها في لبنان الى «أبو خالد العملة». وساهمت المعارك التي خاضتها حركة «فتح» ضد حركة «أمل» اللبنانية بين العامين 1985 و1987 بتقليص حضور «فتح» إلى حده الأدنى في بيروت.

وتنشط حركة «فتح» حاليا من خلال ما يعرف بمنظمة التحرير الفلسطينية التي يعود الإعلان عن ولادتها إلى مؤتمر القمة العربي الأول الذي عقد بدعوة من الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر في العام 1964. وهي تضم نحو 12 تنظيما بعدما انسحبت منها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ـ القيادة العامة بزعامة أحمد جبريل. ولم تنضو تحت جناحها «حركة المقاومة الإسلامية» (حماس) و«حركة الجهاد الإسلامي».

* «فتح ـ الانتفاضة»: يعود تاريخ إنشائها إلى العام 1983 على يد كل من قائد قوات «العاصفة» نمر صالح الملقب بـ«أبو صالح» والعقيد محمد موسى الملقب بـ«أبو موسى» وموسى محمود العملة المعروف بـ«أبو خالد العملة». وقد انتفضت هذه المجموعة على قيادة عرفات بعد انتقاله إلى تونس في أعقاب الاجتياح الإسرائيلي للبنان. وكان أبو موسى قد فصل أخيرا أبو خالد العملة من منصبه على خلفية ما حصل في مخيم نهر البارد الذي سيطرت عليه «فتح الإسلام» في انقلاب على «فتح الانتفاضة». وبعد خسارتها مواقعها في نهر البارد تحتفظ «فتح ـ الانتفاضة» بحضور عسكري في موقعين في البقاع اللبناني، هما الوادي الأسود القريب من بلدة حلوى وسهل كفر زبد وكانت وسائل إعلام لبنانية نقلت عن مصادر متابعة معلومات حول تعزيزات عسكرية شهدها الموقعان، وتحدثت عن راجمات صواريخ ومدافع هاون وعناصر من جنسيات مختلفة.

* «فتح الإسلام»: يقود هذا التنظيم شاكر العبسي. وهو ظهر إلى العلن منذ أقل من سنة. وبخلاف ما أشيع حول اقتصار عديده على نحو 40 مقاتلا بينت المواجهات الأخيرة بينه وبين الجيش اللبناني عن حجم وقدرة قتالية لم يكونا بالحسبان. وتتحدث المعلومات عن 300 عنصر يتبعون لهذا التنظيم. وقد استولى العبسي على مواقع «فتح الانتفاضة» التي كان مسؤولا فيها. ويقتصر حضور هذا التنظيم على مخيم نهر البارد رغم وقوع أحداث خارج المخيم نسبت إليه. ويقال ان هذا التنظيم هو أحد فروع تنظيم «القاعدة». إلا أن بعض الفرقاء اللبنانيين يتهمون سورية بالوقوف وراءه.

* الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ـ القيادة العامة: في العام 1959 أسس أحمد جبريل وعلي بشناق «جبهة التحرير الفلسطينية» التي أعلن عنها في العام 1965. وحصلت محاولة دمج بين الجبهة وحركة «فتح» لم تدم أكثر من بضعة أشهر. وأعاد جبريل تجربة الانضمام إلى كل من شباب الثأر وتنظيم أبطال العودة في إطار ائتلاف «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين». لكنه انسحب ومجموعته في العام 1968 مبقيا على الاسم مع إضافة تعبير القيادة العامة. وشاركت الجبهة في المعارك إلى جانب «فتح الانتفاضة» ضد حركة «فتح» في العام 1983 في شمال لبنان. وهي تسيطر على 3 «قواعد» عسكرية محصنة في لبنان. القاعدة الأولى في منطقة الناعمة جنوب مدينة بيروت. أما القاعدتان الأخريان ففي منطقة البقاع قرب بلدتي السلطان يعقوب وقوسايا وهناك معلومات عن موقع في بلدة حشمش القريبة من قوسايا. وقد عززت الجبهة ترسانتها العسكرية بعد الانسحاب السوري من لبنان. وتحدثت معلومات عن استقدامها عناصر فلسطينيين وسوريين وعراقيين. ورفضت نزع سلاحها رغم أن مواقعها تقع خارج مخيمات اللاجئين الفلسطينيين وقد خلصت طاولة الحوار اللبنانية التي ضمت الفرقاء السياسيين إلى ضرورة إيجاد حل لهذه المسألة. ووقعت مواجهات محدودة بينها وبين الجيش اللبناني أسفرت عن بعض الإصابات. ولا تزال هذه المواقع تخضع لرقابة عسكرية مشددة.

* الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين: يعود تاريخ نشأتها إلى العام 1967 ومؤسسيها جورج حبش ووديع حداد يشغل منصب أمينها العام حاليا أحمد سعدات المعتقل في سجن عوفر الإسرائيلي لاتهامه باغتيال وزير السياحة الفلسطيني رحبعام زئيفي في العام 2006. ويمثل الجبهة في لبنان أبو عماد رامز.

* حركة «حماس»: تعتبر «حماس» امتدادا لحركة الإخوان المسلمين، وهي وزعت بيانها التأسيسي في ديسمبر (كانون الاول) 1987 ويتولى قيادة جناحها السياسي خالد مشعل المقيم في دمشق. ويمثل الحركة في لبنان أسامة حمدان. وهي موجودة في معظم مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.

* «حركة الجهاد الإسلامي»: أنشأ الدكتور فتحي الشقاقي «حركة الجهاد الإسلامي» أواخر السبعينات من القرن الماضي. وبعد اغتياله على يد الموساد الإسرائيلي في مالطا في العام 1995 خلفه في قيادة الحركة عبد الله شلح المقيم في دمشق أيضا. وكما «حماس» تتمتع الجهاد بحضور مقبول في معظم المخيمات الفلسطينية في لبنان. يضاف إلى هذه التنظيمات «عصبة الأنصار» و«جند الشام» و«أنصار الله» و«الحركة الإسلامية المجاهدة». وتتمركز هذه التنظيمات حصرا في مخيم عين الحلوة قرب صيدا وخصوصا في منطقة التعمير. وكانت معلومات لفتت إلى إمكانية أن يكون تنظيم جند الشام أرسل متطوعين للقتال إلى جانب «فتح الإسلام» في مخيم نهر البارد.