إجماع خليجي على عدم دقة المعلومات المعتمدة في تقارير المنظمات الحقوقية

الخارجية الأميركية تتهم 16 دولة في العالم بالاتجار بالبشر

TT

أجمعت دول خليجية، وردت أسماؤها ضمن تقرير أميركي، اتهم 16 دولة في العالم بالاتجار بالبشر، بأن المعلومات التي تصل لهذه المنظمات الحقوقية، واعتمدت عليها في تقاريرها، غير مؤكدة.

وشددت هذه الدول على انها اتخذت خلال السنوات الأخيرة العديد من الاجراءات الكفيلة بحفظ حقوق مواطنيها، وكذلك المقيمين على أراضيها، إضافة إلى أن بلدانها مفتوحة دوما للمنظمات الحقوقية والإنسانية.

في السعودية أكد الدكتور مفلح القحطاني، نائب رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، أنهم طلبوا من مساعدة وزيرة الخارجية الأميركية لحقوق الإنسان، خلال زيارتها للبلاد في الأسابيع الماضية، الالتقاء بمسؤول ملف الاتجار بالبشر بالخارجية الأميركية.

وقال القحطاني لـ«الشرق الأوسط»، يبدو أن القائمين على هذا التقرير، ليسوا على دراية بالأنظمة والقواعد التي تتبعها البلاد في التعامل مع العمالة الوافدة، التي تنطلق من منطلقات دينية وشرعية تمنع الاتجار بالبشر، أو استغلالهم بأي شكل من الأشكال.

وأكد القحطاني أن ما نسب إلى بلاده في التقرير الأميركي، عن حالات استغلال جسدي أو جنسي، أمر غير موجود، وقال «إن وجد مثل هذا الأمر، فالسلطات تعمل جاهدة لمنع وقوعه»، مشيرا إلى القرارات التي أصدرتها السلطات السعودية، والتي كان بعضها على اتصال بمنع الأطفال من المشاركة في سباقات الهجن.

وأشار القحطاني إلى معدي التقرير، بقوله «يبدو أن هؤلاء تنقصهم الخبرة والدراية الكافية بالأنظمة المعمول بها داخل البلاد»، لافتا إلى أن السعودية عملت خلال السنوات الماضية على سن التشريعات القاضية بتحسين العوامل المحيطة بالعمالة الوافدة، ولعل أهمها القرار الصادر بإلغاء مصطلح الكفالة».

واضاف «ان هذه التقارير بدأت تفقد صدقيتها، وانها تستخدم لاهداف سياسية، ما يجعل الانتفاع منها محدودا ويجعل الناشطين في حقوق الانسان يشككون فيها».

من جانبه قال محمد آل زلفة عضو مجلس الشورى السعودي لوكالة الصحافة الفرنسية، ان «مجلس الشورى أقر في السنوات الثلاث الماضية العديد من الاتفاقيات الدولية، التي تحرم الاتجار بالبشر»، مفيدا بأن قصورا كان موجودا في السابق، غير أن الوضع الآن مختلف.

وتعمل السعودية جاهدة على تحسين كل الظروف، التي من شأنها حماية العمالة العاملة على أراضيها، ومنها نظام العمل والعمال الجديد، الذي أقره مجلس الوزراء السعودي في 27 سبتمبر (أيلول) 2005.

ومن أبرز ملامح النظام الجديد، الذي اشتمل على 16 بابا، و245 مادة، شموله لبعض الفئات التي لم تخضع له سابقاً، كما نص على لائحة خاصة بخدم المنازل ومن في حكمهن. وأضاف مكسباً جديداً للعمال في ما يتعلق بالإجازة المستحقة لهم برفعها من 15 يوماً إلى 21 يوماً سنوياً، تزداد إلى 30 يوماً لمن أمضى خدمة خمس سنوات متصلة.

وسعى النظام الجديد إلى تنظيم ساعات العمل وفترات الراحة خلال اليوم، بحيث لا يعمل أي عامل أكثر من خمس ساعات متتالية، من دون فترة للراحة والصلاة والطعام لا تقل عن نصف ساعة في المرة الواحدة، خلال مجموع ساعات العمل، وبحيث لا يبقى العامل في مكان العمل أكثر من إحدى عشرة ساعة في اليوم الواحد.

وقد أفرد النظام بابا كاملا للأحداث، حيث جرَم تشغيلهم في الأعمال الخطرة أو الصناعات الضارة، أو في المهن والأعمال التي يحتمل أن تعرض صحتهم أو سلامتهم أو أخلاقهم للخطر، بسبب طبيعتها أو الظروف التي تؤدى فيها. ونص النظام على عدم جواز تشغيل أي شخص لم يتم الخامسة عشرة من عمره، كما لا يسمح له بدخول أماكن العمل. كما حظر النظام تشغيل الأحداث أثناء فترة من الليل، لا تقل عن اثنتي عشرة ساعة متتالية، إلا في الحالات التي يحددها الوزير بقرار منه.

وفي الكويت أكد الشيخ صباح الخالد وزير الشؤون الاجتماعية والعمل الكويتي أهمية «تعزيز أوجه التعاون والتنسيق العربي والخليجي في ما يتعلق بالسياسات العمالية»، مضيفا أن «الكويت وجهت الدعوة للوزراء للمشاركة في منتدى خاص بالعمالة، ستنظمه تحت عنوان الحقوق والواجبات للدول المرسلة والمستقبلة للعمالة».

وعلق جاسم الخرافي رئيس البرلمان الكويتي على التقرير بقوله «أذكر الأصدقاء في الولايات المتحدة الأميركية بقضية المحتجزين في القاعدة الأميركية في غوانتانامو»، مشددا على أن «من بيته من زجاج لا يقذف الناس بالحجر».

أما مقرر لجنة حقوق الإنسان البرلمانية النائب وليد الطبطبائي فأقر بحسب وكالة الصحافة الفرنسية «بوجود بعض التجاوزات خاصة في قطاع الخدم، لكن أميركا هي آخر من يجب أن يتحدث عن حقوق الإنسان».

وشعبيا فقد وصف علي البغلي عضو مجلس إدارة الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان التقرير «بأنه موضوعي لكن فيه بعض المبالغات، فنحن لا ننكر أن أشياء كثيرة تحدث، لكن بشكل فردي وليس منتظما».

وأضاف البغلي «لسنا راضين عن وضع العمالة الوافدة، وهناك أجهزة حكومية مقصرة في عملها، مثل مخافر الشرطة التي تساء فيها معاملة هذه العمالة إذا تقدمت بشكوى، وعلى الحكومة عدم المكابرة لنثبت للعالم أننا راغبون في إصلاح هذه الأمور».

وبحرينيا اعتبر الرائد محمد بن دينه مدير إدارة الإعلام الأمني في وزارة الداخلية اتهام الأميركي لبلاده بأنه «أمر غير مقبول»، مؤكدا في الوقت ذاته مطالبة البحرين بأي أدلة أو كشوفات لأسماء تم الاعتماد عليها في تقرير الخارجية الأميركية.

وقال الرائد محمد بن دينه لـ«الشرق الأوسط»: «فوجئنا بتقرير وزارة الخارجية الأميركية وما تضمنه من مزاعم تتهم البحرين بالتقاعس عن منع بيع البشر، بالرغم من أن البحرين بلد مفتوح للمنظمات الحقوقية والإنسانية».

وأكد بن دينه أن وزارة الداخلية البحرينية لم تتلق شكاوى من أي من السفارات الأجنبية بهذه المزاعم مسبقا، وأضاف «كيف لم تصل إلينا مثل هذه الشكاوى عن مثل هذه الانتهاكات». مطالبا بضرورة إرسال اية قضايا أو اسماء أو كشوفات اعتمد عليها التقرير لوزارة الداخلية البحرينية، «نرغب في إبقاء سجلنا خاليا ونظيفا من أي انتهاكات، ونرغب في إمدادنا بمثل هذه المعلومات. نحن على ثقة من أن السفارات الأجنبية هي أول من يبلغنا في حالة حدوثها حتى نفتح باب التحقيق فيها».

واضاف «نحن بلد تأتي له العمالة وترغب بالعمل فيه ولم نلحظ أي انتهاك صارخ سوى حالات فردية تحدث في كل مكان».

وبحسب الرائد بن دينه فإن البحرين تلقي القبض بين الحين والآخر على مجموعات تمارس مثل هذه الجرائم «لكننا نتعامل معهم بالقانون، ونبلغ سفاراتهم بإجراءاتنا، بل ونبلغ ايضا سفارات الأشخاص المرتكبة بحقهم هذه الجرائم».

وكانت البحرين قد أعلنت في مايو (ايار) الماضي على لسان وزير شؤون خارجيتها، أنها بصدد إصدار قانون لمكافحة الاتجار بالبشر، مشيرا إلى أن القانون ينتظر انتهاء إجراءات الصياغة على أن يتم إقراره من الحكومة والبرلمان.

وقامت الحكومة البحرينية باتخاذ عدد من الخطوات في اتجاه مكافحة الاتجار بالبشر، حيث تم تشكيل فريق عمل معني بالاتجار بالأفراد من وزارات الداخلية والعمل والتنمية الاجتماعية والعدل، وكذلك النيابة العامة ودائرة الشؤون القانونية.

ويقول حقوقيون بحرينيون أن تجارة الفري فيزا، والمقصود بها بيع تأشيرات العمالة، تؤثر على سمعة البحرين، كما أنها تخلق ارباكات في هذا الملف. وتطالب جمعيات حقوقية بحرينية بسن قوانين خاصة لخدم المنازل تتناسب مع التشريعات الدولية، وكذلك تشديد الرقابة على الفنادق والأماكن السياحية للقضاء على تجارة الدعارة.

وقامت وزارة العمل البحرينية، التي تعنى بقضايا العمالة الوافدة محل الاتهام في البحرين، باتخاذ مجموعة من الخطوات للتخلص من قضية الاتجار بالبشر، من ضمنها تشديد الرقابة على شركات التوظيف والقيام بتفتيش دوري ومستمر عليها. كما وضعت وزارة العمل آلية لاستقبال شكاوى الضحايا والتحقيق فيها ومحاولة حسمها في الوزارة أو إحالتها للعدالة لملاحقة المخالفين قضائيا.

وفي قطر، قال علي بن صميخ المري، الامين العام لمنظمة حقوق الانسان القطرية (حكومية) ان تقرير الخارجية الاميركية «غير عادل البتة، خاصة لانه اغفل العديد من التطورات الايجابية التشريعية والتنفيذية في قطر، سواء في ما يتعلق بحقوق العمال او بحقوق الانسان بصفة عامة».

وذكر المري بشكل خاص «انشاء مكتب وطني لمكافحة الاتجار بالبشر»، والعمل على اصدار قانون لمكافحة الاتجار بالبشر.

واعتبر المري ان قطر تسجل في هذا المجال «سبقا على بقية الدول المجاورة» و«لا يجوز وضعها على قدم المساواة مع البقية».

وفي سلطنة عمان، قال رئيس الاتحاد العام للعمال عبد العزيز بن عباس البحراني «الاتجار بالبشر معدوم في عمان والعمل القسري معدوم، هذه امور غير موجودة تماما، وفي القوانين العمانية الحريات مكفولة والحق بالتظاهر والاضراب وحرية العبادة ايضا مكفولة للجميع».

وكان تقرير سنوي صادر عن الخارجية الأميركية، أول من أمس، اتهم دول الجزائر، السعودية، البحرين، بورما، كوريا الشمالية، كوبا، غينيا، ايران، الكويت، ماليزيا، سلطنة عمان، اوزبكستان، قطر، السودان، سوريا، فنزويلا، بأنها الأسوأ في ما يتعلق بالاتجار بالبشر.

ويتضمن التقرير ثلاث فئات، الاولى للدول التي تفي بالحد الادنى من المعايير الاميركية، والفئة الثانية لتلك التي تبذل جهودا حثيثة لتحقيق ذلك، والفئة الثالثة وهي البلدان التي تتقاعس عن الوفاء بالحد الادنى من المعايير الاميركية لمكافحة الاتجار في البشر، أو بذل جهود ملموسة لتحسين سجلاتها.