أحمدي نجاد يقول إن عقوبات الأمم المتحدة على إيران «لا تساوي فلسا»

غيتس يتهم طهران بتزويد طالبان بكمية كبيرة من الأسلحة

TT

استبق الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد امس احتمال صدور قرار جديد عن مجلس الأمن يشدد العقوبات على ايران بسبب برنامجها النووي بالقول: إن هذه العقوبات «لا تساوي فلسا».

ويأتي ذلك فيما اتهم وزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس من رامشتاين بالمانيا ايران بتزويد حركة طالبان في افغانستان بكميات «كبيرة» من السلاح، معتبرا ان من الصعب الاعتقاد بان طهران لا تعلم شيئا عن هذا الامر. وفي تصريح للصحافيين قال غيتس، الذي تجنب في السابق توجيه اصبع الاتهام الى النظام الايراني، ان التحليل الأخير للوضع «يظهر بصورة كافية وجود تدفق كبير للاسلحة» من ايران الى افغانستان. وقال غيتس في القاعدة الاميركية في رامشتاين «أقول انه نظرا للكميات التي تم رصدها، من الصعب الاعتقاد بان لذلك علاقة بالتهريب او بالاتجار بالمخدرات او بأن ذلك يحدث من دون علم الحكومة الايرانية».

وقال احمدي نجاد ، موجها خطابه الى الدول الكبرى في مجلس الأمن بطهران امس: «اذا اردتم المضي في هذا الاتجاه ذاته وتبنيتم من جديد قرارا شبيها بالقرارات السابقة التي لم يكن لها اي تأثير علينا، فاعلموا ان الأمة الايرانية تعتبر ان هذه القرارات لا تساوي فلسا». ومن المتوقع ان تناقش الدول الكبرى خلال الاسابيع المقبلة موضوع فرض عقوبات جديدة على طهران لإرغامها على التخلي عن انشطتها النووية الحساسة. واضاف احمدي نجاد في خطاب اتسم بلهجة تحد ألقاه في محافظة سمنان بشرق البلاد، مسقط رأسه، وبثه التلفزيون ان «الطاقة النووية ملك للأمة الايرانية التي ستدافع عن حقها بشجاعة».

واصدر مجلس الامن الدولي في خلال أقل من عام ثلاثة قرارات حول البرنامج النووي الايراني فرض بموجب اثنين منها عقوبات على ايران لإرغامها على تعليق تخصيب اليورانيوم. إلا أن طهران ردت على قرارات مجلس الأمن بتكثيف انشطتها النووية. فقد كشف تقرير الامين العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي ان ايران كانت في منتصف مايو (أيار) تشغل اكثر من 1300 جهاز طرد مركزي في محطة ناتنز النووية.

وبحسب دبلوماسي كبير قريب من الوكالة الذرية، فان الجمهورية الايرانية قد ترفع هذا الرقم الى ثلاثة الاف اعتبارا من نهاية يونيو (حزيران). وخلال محادثات خاصة مع مسؤولين سياسيين، قال البرادعي، ان ايران ستشغل ثمانية الاف جهاز طرد مركزي بحسب دبلوماسي آخر في فيينا.

وفي قدرة منشأة تضم 3000 جهاز طرد مركزي وتعمل باقصى طاقتها ان تنتج في غضون عام واحد كمية من اليورانيوم عالي التخصيب كافية لصنع قنبلة ذرية. إلا أن بعض الخبراء شككوا في قدرة ايران في هذه المرحلة على تشغيل اجهزتها الطاردة بالفاعلية اللازمة لانتاج قنبلة ذرية.

والملف النووي الايراني مدرج في جدول اعمال مجلس حكام الوكالة الذي يضم 35 دولة هذا الاسبوع في فيينا. وأمل البرادعي لدى افتتاح هذا الاجتماع في «نزع فتيل» هذه الازمة. وتقول واشنطن انها تفضل الحل الدبلوماسي في هذا الملف، لكنها لم تستبعد الحل العسكري. وبالاضافة الى عقوبات الامم المتحدة، طلبت الولايات المتحدة من حلفائها تشديد ضغوطهم المالية على طهران.

وأشار احمدي نجاد الى الدول التي «تستجمع من جديد قواها لكي تضغط اكثر على الأمة الايرانية»، موضحا ان «هذا الضغط يحمل اسما هو العقوبات». وأضاف الرئيس الايراني ان الذين «يعتقدون ان التهديد سيردعنا مخطئون، لأن الامة الايرانية لن تخضع ابدا ولن تتراجع قيد انملة». وترفض ايران تعليق انشطتها النووية الحساسة وفي طليعتها تخصيب اليورانيوم وبناء مفاعل نووي يعمل بالماء الثقيل، بالاضافة الى رفضها تزويد الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالمعلومات التي تحتاجها حول البرنامج النووي الايراني. وألغي اجتماع بهذا الخصوص كان مقررا عقده الاثنين بين جواد وعيدي احد المفاوضين الايرانيين في الملف النووي ومدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية لعدم وجود اي جديد لدى الطرف الايراني على ما اعلنت مصادر دبلوماسية. ومن المقرر ان يلتقي الممثل الاعلى للسياسة الخارجية للاتحاد الاوروبي خافيير سولانا كبير المفاوضين الايرانيين في الملف النووي علي لاريجاني في موعد لم يحدد حتى الساعة في محاولة لايجاد حل تفاوضي للازمة النووية الايرانية. وتؤكد الجمهورية الايرانية ان برنامجها النووي مخصص لاهداف مدنية فقط بينما يخشى عدد من الدول ان تكون له اغراض عسكرية.

وفي فيينا، قال دبلوماسيون ان الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعتقد أن ايران يمكنها تشغيل ثمانية الاف جهاز طرد مركزي لتخصيب اليورانيوم بحلول نهاية العام مما يثير قلقا كبيرا بشأن قدرتها على صنع قنابل ذرية.. لكن الجميع لا يتفقون في هذا الصدد. ورغم خطوات ايران للتحول من برنامج بحثي صغير للوقود النووي الى الانتاج الصناعي في الاشهر القليلة الماضية يبقى من غير الواضح ما اذا كان بمقدور طهران تشغيل عدد كبير من اجهزة الطرد المركزي في اتساق تام وهو مفتاح انتاج اليورانيوم المستخدم في صنع القنابل.

وتشتبه القوى الغربية في ان ايران التي تمتلك ثاني أكبر احتياطيات عالمية من النفط والغاز تهدف سرا الى تنقية اليورانيوم الى مستوى مرتفع لازم لصنع اسلحة نووية بدلا من المستوى المنخفض اللازم لتوليد الكهرباء وفق ما تقول. وأدهشت ايران المراقبين المطلعين على مدى تعثر عملية البحث، حيث لم يكن بمقدورها الا تشغيل عدد قليل من اجهزة الطرد في نفس الوقت وذلك عندما قامت بتشغيل حوالي 2000 جهاز منذ فبراير (شباط)، ومعظمها لتخصيب اليورانيوم في شبكات متصلة. وقال دبلوماسيون اطلعوا على عمليات تفتيش اجرتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية ان طهران في طريقها الى تشغيل 3000 جهاز طرد مركزي في يوليو (تموز) وهو ما يكفي لانتاج يورانيوم مخصب لصنع قنبلة ذرية في غضون عام.

واضافوا ان المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية قال لزعماء الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي الذين يحاولون احباط الطموحات النووية الايرانية عبر العقوبات ان سياستهم «تجاوزتها الاحداث»، وان طهران تتطلع الى هدف تشغيل 8000 جهاز طرد مركزي في ديسمبر (كانون الاول). لكن بعض الدبلوماسيين والمحللين يتشككون فيما اذا كان البرادعي يمكنه حقا التنبؤ بالتطور النووي الايراني اخذا في الاعتبار عدم معرفة الوكالة بمدى تطور البرنامج الايراني وانه قد يغالي في هذا الصدد لدفع الغرب الى حل وسط يعتقد أن هناك ثمة حاجة اليه لتجنب حرب أميركية ايرانية.

وقال محلل الشؤون النووية البارز مارك فيتزباتريك من المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية «لأكثر من 16 شهرا الان لم يكن متاحا للوكالة الدولية للطاقة الذرية دخول الورش التي تصنع فيها ايران اجهزة الطرد المركزي او مخازن المواد الخام». وأضاف «العام الماضي قدرت مصادر الوكالة الدولية للطاقة الذرية ان ايران لديها مكونات تكفي 5000 جهاز طرد مركزي. لكن الكثير منها يتهاوى ومكونات أخرى لا تلبي معايير ضبط الجودة... اذا تمكنت ايران من ان يكون لديها 8000 جهاز طرد مركزي تعمل بنهاية العام فهذا يعني ان ايران نجحت مجددا في تفادي القيود على الصادرات». وقال البرادعي الاسبوع الحالي، في كلمة خلال اجتماع لمجلس محافظي الوكالة المؤلف من 35 دولة، ان تطور ايران في مجال التخصيب وفشلها في الاجابة عن اسئلة الوكالة ومقرها فيينا بشأن طبيعة نشاطها النووي وتزايد القيود على دخول المفتشين جعل ايران اكبر مبعث للقلق في مجال الانتشار النووي في العالم. وهدف ايران النهائي هو اقامة 54 الف جهاز طرد مركزي في ناتنز. ورفضت طهران وقف تخصيب اليورانيوم مقابل الحصول على مزايا تجارية رغم تعرضها لمجموعتين من العقوبات تحظر نقل المواد النووية والتقنية الى طهران مع عقوبات اوسع نطاقا للامم المتحدة تلوح في الافق. وقال دبلوماسي من فيينا أن من الممكن أن تنتج ايران كل أجهزة الطرد المركزي التي تحتاج الى تشغيلها حاليا بدلا من جلب اجزاء من السوق السوداء الاجنبية كما كان يحدث من قبل. لكن بينما كان تقدير البرادعي دقيقا استنادا الى ما تعرفه الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن التطور الايراني الراهن اضاف «الامر أيضا غير مكتمل فيما يتعلق بنوعية المادة المنتجة.. يبدو انها لا تزال محل شك».