علي مهدي: تأجيل مؤتمر المصالحة الصومالي بسبب طلب زعماء القبائل وقتا لاختيار ممثليهم

TT

نفى الرئيس الصومالي عبد الله يوسف أن يكون قد اتهم باكستان وإيران ودولا عربية أخرى بدعم النشاط الإرهابي الذي تمارسه فلول المحاكم الإسلامية في البلاد، وقال عبدي حاجي جوبدون الناطق الرسمي باسمه، إن تحريفا جرى على مقابلة أدلى به مؤخرا لافتا إلى أن حقيقة الأمر أنه قال إن عناصر باكستانية كانت من بين الإرهابيين الذين تم قتلهم خلال القصف الذي شنته القوات الأميركية مؤخرا ضد معاقل للمتطرفين في إقليم البونت لاند شمال شرق الصومال.

من جهة أخرى، وكما كان متوقعا، أعلن الرئيس الصومالي الأسبق علي مهدي محمد الذي يترأس اللجنة المكلفة التحضير لمؤتمر المصالحة الوطنية عن تأجيل المؤتمر الذي كان مقررا عقده اليوم في العاصمة الصومالية مقديشيو، إلى منتصف شهر يوليو( تموز) المقبل.

وهذه هي المرة الرابعة على التوالي التي يتم فيها تأجيل هذا المؤتمر الذي يخطط الرئيس الصومالي الانتقالي عبد الله يوسف لعقده بمشاركة 1230 من مختلف القبائل والعشائر ومنظمات المجتمع المدني الصومالية.

وفيما أرجع علي مهدي التأجيل إلى طلب قادة القبائل والعشائر منحهم فرصة للانتهاء من اختيار ممثليهم في المؤتمر، فإن مصادر دبلوماسية عربية وأفريقية قالت في المقابل إن استمرار الوضع الأمني المتدهور في العاصمة دفع الكثيرين إلى إلغاء حضورهم بسبب المخاوف من تصعيد محتمل في نشاطات تنظيم المحاكم الإسلامية وحركة شباب المجاهدين أبرز المناوئين للحكومة الصومالية وللتواجد العسكري الإثيوبي في البلاد.

وقال مسؤول حكومي صومالي إن التأجيل تم في ضوء إعلان بعض الأطراف الرئيسية المدعوة لحضور المؤتمر مقاطعتها له.

وكان الحاج عبدي إمام عمر زعيم قبيلة الهوية أكبر القبائل المهيمنة على العاصمة الصومالية قد أعلن أول من أمس أن قبيلته لا ترى أي مبرر لحضور المؤتمر في ظل تجاهل مطالبها الخاصة بانسحاب القوات الإثيوبية.

وأوضح عمر في تصريحات له أمس في مقديشيو تلقت «الشرق الأوسط» نصها أن القبيلة التي تعارض التدخل العسكري والسياسي المتزايد لحكومة رئيس الوزراء الاثيوبي ميلس زيناوي في الشؤون الصومالية طلبت في مذكرة رفعتها إلى علي مهدي محمد الرئيس الصومالي الأسبق ورئيس اللجنة المكلفة بالتحضير للمؤتمر الاستجابة إلى بعض مطالبها لكنها لم تحصل على رد.

وأنه لاحظ أن المؤتمر لا يتوافر على أية أجندة سياسية لحل الخلافات بين مختلف الفرقاء الصوماليين و..«لذلك فان قبيلته الهوية لا ترى ما يشجعها على الذهاب إلى المؤتمر وحضور جلساته».

كما أعلنت المحاكم الإسلامية على لسان رئيس مجلسها التنفيذي الشيخ شريف شيخ أحمد مقاطعتها للمؤتمر، ووصف شريف لـ«الشرق الأوسط» في اتصال هاتفي من العاصمة القطرية الدوحة التي يزورها حاليا، المؤتمر بأنه فاشل ومحكوم عليه مسبقا بالفشل.

ولمح إلى أن العمليات التي تشنها المقاومة الشعبية وفلول المحاكم الإسلامية ضد القوات الصومالية والإثيوبية ستتصاعد خلال الفترة المقبلة، مشيرا إلى أن المحاكم مازالت موجودة داخل البلاد وليس صحيحا أنها فقدت كل إمكانياتها العسكرية والأمنية.

ونفى شريف إعلان المحاكم تشكيل جبهة وطنية موسعة في العاصمة الاريترية أسمرة تضم جبهة تحرير إقليم الأوجادين الإثيوبية وكل عناصر المعارضة المناوئة للحكومة الصومالية وللتواجد العسكري الإثيوبي في البلاد.

وكشف شريف عن اتصالات تجريها المحاكم الإسلامية مع عدة عواصم عربية لإطلاعها على وجهة نظرها حيال مستقبل الوضع السياسي الراهن في الصومال ومعارضتها لعقد مؤتمر مصالحة، بينما يستمر ما وصفه بالاحتلال الإثيوبي للبلاد.

وأكد مجددا معارضة «المحاكم الإسلامية» لأي وجود عسكري أجنبي في البلاد بما في ذلك قوات حفظ السلام الأفريقية أو حتى تلك التي تخطط الأمم المتحدة لإرسالها لاحقا إلى الصومال.

وقال إن ما يحتاجه الصوماليون في الوقت الراهن هو إخراج قوات الاحتلال الإثيوبية أولا وتنظيم مؤتمر وطني خارج الصومال بمشاركة جميع الأطراف المعنية بإيجاد تسوية عادلة وحل سياسي للأزمة الصومالية.

من جهة ثانية، وفى لفتة غير مسبوقة، قام الرئيس الانتقالي عبد الله يوسف ورئيس وزرائه علي محمد جيدي وأعضاء حكومته بزيارة الرئيس الصومالي السابق عبد القاسم صلاد بمقر إقامته في منطقة الكيلو 4 في العاصمة مقديشيو.

وقالت مصادر صومالية لـ«الشرق الأوسط» إن يوسف وجيدي قدما اعتذارهما الرسمي للرئيس السابق بسبب قيام جنود صوماليين وإثيوبيين باقتحام منزله الأسبوع الماضي ومصادرة الأسلحة الخاصة بالحراس المرافقين له، مشيرة إلى أن يوسف تعهد بتقديم حماية أمنية مستمرة لعبد القاسم، ووعد بمعاقبة من اقتحموا منزله.

وكان محمد عمر حبيب «ديري» عمدة العاصمة الصومالية مقديشيو قد أعلن قبل يومين عن اعتقال 16 من أعضاء حركة شباب المجاهدين المحسوبة على تنظيم المحاكم الإسلامية واكتشاف مخازن أسلحة هائلة في بيوت سكنية بعضها يرجع إلى الرئيس الصومالي السابق والشيخ حسن طاهر أويس رئيس التنظيم المختفي عن الأنظار منذ بضعة أسابيع.

وأكد ديري أن عملية أمنية موسعة قامت بها الشرطة الصومالية مدعومة بالجيش الإثيوبي أسفرت عن اعتقال مجموعة قال إنها تضم عناصر غير صومالية أعضاء في تنظيمات إرهابية دولية في إشارة إلى تنظيم «القاعدة».

على صعيد آخر، مازالت الطائرات العسكرية الأميركية تلاحق عناصر فارة من تنظيمي المحاكم الإسلامية والقاعدة في منطقة جبلية نائية داخل إقليم البونت لاند الذي يتمتع بالحكم الذاتي في شمال شرق الصومال منذ عام 1998.

وأكد أرتان إسماعيل وزير الداخلية ومسؤول الأمن في حكومة البونت لاند(ارض اللبان) أن حكومته تتعاون مع القوات الأميركية لمنع من وصفهم بالإرهابيين من الحصول على موطأ قدم وملاذ آمن في الإقليم الذي كان مسرحا الشهر الماضي لمواجهات دامية أسفرت عن مصرع 12 شخصا بينهم عرب وأميركان وغربيون نتيجة لقصف الطائرات الأميركية مواقع المشتبه فيهم بثلاث قذائف صاروخية.

ونفى عبد الرحمن هيرسي نائب رئيس حركة تحرير إقليم الأوجادين الإثيوبية إعلانها التحالف مع تنظيم المحاكم الإسلامية في الصومال ضد التواجد العسكري الإثيوبي في البلاد.

وقال مسؤول الحركة التي تخوض منذ سنوات حرب عصابات مريرة للانفصال عن الدولة الإثيوبية، إنها ليست مرتبطة بأي تحالف مع تنظيم المحاكم الإسلامية وأن المزاعم التي تروجها حكومة أديس أبابا حول وجود تحالف استراتيجي بين التنظيمين تستهدف إفراغ حركة الأوجادين من أجندتها الوطنية لصالح تيار سياسي معين بما يخدم مصالح النظام الإثيوبي.

وأبلغ هيرسي «الشرق الأوسط» أن حركته ليست لها أية علاقة بتنظيمات إرهابية أو بهجمات تعرضت لها أهداف مدنية مؤخرا في العاصمة الإثيوبية، لافتا إلى أن القوات الإثيوبية تشن حاليا سلسلة عمليات غير معلنة لتصفية سكان الإقليم بما في ذلك اغتصاب النساء وقتل الأطفال.