صربيا الثانية عالميا في عدد الضحايا من الصحافيين ورجال الإعلام

50 اعتداء بينها جرائم قتل منذ 2006 و6 اعتداءات شهريا تطال الصحافيين في صربيا

TT

لم تكد صربيا تتخلص من مافيا الحزب الحاكم، المستأمن على حاضر ومستقبل البلاد، حسب دعاية الاستبداد السابق في عهد الديكتاتور سلوبودان ميلوسيفيتش، حتى سقطت في يد مافيا جديدة كانت على علاقة وثيقة بذلك الارث الاستبدادي، مما يؤكد أن سقوط نظام لا يعني بالضرورة تخلص البلاد من أوزاره. فقد تحولت مافيا الحزب الأوحد ولوازم الديكور السابقة إلى مافيات منظمة تقتل البشر ولا سيما الصحافيين وتهددهم وتبتزهم وتنغص عليهم حياتهم. بينما تولت هذه المهمة في بلدان أخرى سقطت أنظمتها الديكتاتورية مليشيات سياسية أخرى معظمها كان في المعارضة. بالامس تعرضت الصحافية الصربية اللامعة، راديسلافا فوياسينوفيتش، للتهديد بالقتل، وذلك لا يعني في صربيا سوى شيء واحد، هو الشروع في القتل كما أثبتت التجربة. وتزيد مخاوف الصحافيين في البلاد كلما تعرض أحدهم للتهديد أو القتل، إذ أنه لم يتم إصدار اي أحكام حتى الآن ضد متهمين بقتل أو تهديد الصحافيين، وجميع الحالات سجلت ضد مجهولين. ومنذ 13 سنة لم يعرف حتى الآن أي شيء يذكر عن حيثيات مقتل الصحافيتين الصربيتين دوغا راديسلافا، ودادا فوياسينوفيتش. فقد عثر على راديسلافا فوياسينوفيتش مقتولة في 8 أبريل (نيسان) 1994 في منزلها، ولم تعرف حتى الآن هوية المجرم. وقالت زميلتها الصحافية فيسنا ماليشيتش لـ«الشرق الأوسط» إن دادا فوياسينوفيتش، دفعت ثمن نضالها ضد الفساد والجريمة المنظمة التي تشرف عليها السلطة الحاكمة «وتابعت» قتلوها وقالوا انتحرت والذي يعرف دادا يدرك أنها من ذلك النوع الذي لا يستسلم لليأس، وممن يمقت أولئك الذين يوالون على قدر الاستفادة. وقال الصحافي فانيا بوليتش: دادا قامت بعدة تحقيقات أثناء الحرب في يوغوسلافيا، وتحدثت عن بيع بعض الاطراف داخل الجهات الصربية لاسلحة للمسلمين في إطار الفساد المستشري، ولذلك قتلوها. وذكر بأن الشرطة أعلنت في حينها أنها عثرت على بصمات قد تكون للقاتل أو أحد القتلة ولكن تم انكار ذلك بعد فترة قليلة. واليوم يعتقد الجميع بأن الصحافية دادا تم اسكاتها إلى يوم القيامة، ولكن بقتلها أباحوا السر الذين عملوا على إخفائه إلى الأبد. وقال والد الصحافية دادا أنه «تم العثور على سلاح آلي بجانب جثة دادا قامت الشرطة بمصادرته ولم يتم ذكره في التحقيقات المنشورة». ويسود الأوساط الاعلامية والسياسية والمجتمع المدني في صربيا قلق شديد بعد الاعتداء المسلح الذي تعرض له منزل الصحافي بجريدة «فريمينا» ديان أناستاسيفيتش عن طريق إلقاء قنبلة يدوية من نافذة منزله إلى داخل غرفة نومه، ولكن القنبلة إصطدمت بأسفل النافذة محدثة أضرار بالجدار والزجاج. وقال أناستاسيفيتش في اتصال هاتفي أجرته معه «الشرق الأوسط» «أنا متعاطف جدا مع كل الصحافيين الذين يتعرضون للاعتداءات في أماكن كثيرة من العالم، وأتبنى قضية أي صحافي، بل أي انسان يتعرض للعدوان». وتابع «الاعتداء على منزلي كان بهدف قتلي فلو نفذت القنبلة إلى داخل المنزل لقتلتني مع زوجتي». وأضاف «الجريمة السياسية متأصلة في صربيا ولست أول صحافي يتعرض لمحاولة تصفية بل قتل صحافيون وسياسيون في السابق وما جرى يدل على أن هناك من لا يزال يؤمن بالديكتاتورية وتكميم الافواه والقمع». وقال إن محاولة قتله لن ترهبه ولن تثنيه عن مواصلة رسالته الاعلامية. وقال الصحافي دراغن بوشوفيتش في مؤتمر صحافي عقدته نقابة الصحافيين في بلغراد «الاعتداء كان يهدف الى قتل ديان أناستاسيفيتش، ولكن حسن الحظ حال دون ذلك». وذكرت نقابة الصحافيين أنها سجلت 50 اعتداء على الصحافيين سنة 2006 وفي العام الحالي تم تسجيل ما نسبته 6 اعتداءات شهريا. وقال دراغن بيوشوفيتش «من الصعب الآن أن تكون صحافيا في صربيا أكثر مما كان أثناء حكم ميلوسيفيتش». من جهته قال الرئيس الصربي بوريس طاديتش إن «الاعتداء على أي صحافي مهما كان توجهه هو اعتداء على الدولة، وعلى كافة الأجهزة الامنية والقضائية أن توفر الحماية والعدالة للصحافيين «وطالب» بإنزال أقصى العقوبات على من يحرم صحافي من حقوقه أو يضايق أو يعتدي على صحافي».