برلمانيون عراقيون: تسليح العشائر سلاح ذو حدين

خشية استخدامه ضد الحكومة.. ووصوله لاحقا إلى أيدي «القاعدة» والبعثيين

TT

اعرب برلمانيون عراقيون عن تحفظهم ازاء إعلان الجيش الاميركي تسليح العشائر العراقية التي اعلنت عن رغبتها في قتال عناصر تنظيم القاعدة في العراق، ووصفوا الخطوة بأنها «سلاح ذو حدين».

وقال النائب البارز في البرلمان جلال الدين الصغير عن كتلة الائتلاف الحاكم في البلاد، انه يجب ان ينتبه لهذه الخطوة لأنها قد تؤدي في النهاية الى «تسليح القاعدة». وقال الصغير في حوار مع «الشرق الاوسط» من بغداد «اننا يجب الا نحسب حساب اللحظة الزمانية فقط، بل ان ننظر للمستقبل كذلك». وقال ان من الممكن لعناصر تنظيم القاعدة والبعثيين التسلل الى هذه الجماعات وبالتالي حصولهم على السلاح. ولم يستبعد الصغير ضلوع عناصر حزب البعث في هذا القتال، ووصفهم بـ«الكفوئين ويلبسون اكثر من ثوب»، وبالتالي «سيحصلون على السلاح». وقال الصغير ان بعض هذه الجماعات المسلحة قد تفتعل القتال فيما بينها ليتم إمدادها بالسلاح.

وأضاف الصغير أن الاميركيين «أثبتوا أنهم ليسوا (كفوئين) في الدخول الى المجتمع العراقي وفهم بنيته»، ودعا الى ان تتم عملية التسليح بإشراف الحكومة العراقية وفقا لآليات وضوابط «كأن يسحب السلاح مجددا من تلك الجماعات حال انتهاء المعارك مع القاعدة». وأضاف الصغير أن على الحكومة ان تشجع العشائر لمقاتلة تنظيم القاعدة «وفق آليات محدودة» لتجنب نشوء «تجارة جديدة للسلاح».

وكانت معارك ضارية قد نشبت بين تنظيم «الجيش الاسلامي في العراق»؛ وهو إحدى الجماعات المسلحة السنية، وبين عناصر تنظيم القاعدة في منطقة العامرية منذ اسابيع قلائل، وأسفر القتال في حينها عن مقتل عدد من المسلحين من كلا الطرفين، وكان هذا القتال الاول من نوعه في العاصمة العراقية؛ إذ شهدت محافظة الأنبار، غرب العراق، التي تعد معقلا للمقاتلين السنة معارك مماثلة بين عدد من العشائر وتنظيم القاعدة.

ومنذ حين بدأ عدد من الجماعات المسلحة السنية باتخاذ موقف معاد لتنظيم القاعدة المتشدد الذي يعد مسؤولا عن العديد من الهجمات المسلحة العشوائية التي طالت السنة والشيعة على حد سواء. وفي بعض المناطق قدم عدد من الجماعات المسلحة معلومات مهمة الى الجيش الاميركي حول عناصر القاعدة أنفسهم او عن هجمات يرومون تنفيذها.

ووفقا لصحيفة «واشنطن بوست» فان التعاون ما بين الاميركيين وتلك الجماعات المسلحة قد شهد تقدما ملحوظا في محافظة الانبار، حيث طلب القادة العسكريون الاميركيون مساعدة زعماء القبائل لحث ابناء تلك القبائل على الانخراط في صفوف الشرطة، بينما فضل عدد آخر منهم العمل كجزء من الميليشيات المحلية في مدنهم على الانضمام في صفوف القوات الأمنية العراقية.

ووفقا للصحيفة، فان جماعات مسلحة كالجيش الاسلامي وكتائب ثورة العشرين قد تلقت بالفعل السلاح والذخيرة من خلال الجيش العراقي، كما تم توفير النقل والطعام وقيود اليدين فضلا عن مساعدات مباشرة من قبل الجيش الاميركي. وكان رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي قد اعلن عن خشيته من ان يؤدي إمداد العشائر بالمال والسلاح الى «نشوء ميليشيات مسلحة جديدة».

ووصف النائب السني سليم عبد الله عن جبهة التوافق العراقية اكبر الكتل السنية في البرلمان، هذه العملية بأنها «سلاح ذو حدين». وقال عبد الله في حوار هاتفي مع «الشرق الاوسط» من بغداد «اننا نعالج مشكلة موجودة حاليا للتصدي للعصابات الاجرامية والارهابية ...لكن الأفضل ان يتم ذلك وفق ضوابط». واقترح عبد الله أن يقوم رؤساء العشائر مثلا بترشيح مندوبين لتسلم السلاح. وان يكون لهؤلاء «ارتباط بالمؤسسة العسكرية وان تسري عليهم قوانين المؤسسة العسكرية».

وقال عبد الله ان خطة تسليح العشائر قد بدأت بالفعل في محافظة ديالى التي تقع شمال شرقي العاصمة العراقية. وقال ان هناك لقاءات جانبية بين برلمانيين يمثلون المحافظة وبين مسؤولين عراقيين واميركيين.

ووفقا له، فقد أسفرت هذه المحادثات عن فتح مخافر في ديالى تشرف على تشكيل مجموعات مسلحة من أبناء العشائر في مناطق عدة من المحافظة، ويتألف قوام المجموعة الواحدة من 100 شخص من مختلف المذاهب ويتم إمدادهم بالسلاح ويناط بهم توفير الأمن في حال ضعف الجيش وعدم قدرته على اتخاذ الاجراءات الامنية او اختراقه من قبل عناصر مسلحة.

وأقر النائب الكردي محمود عثمان بفعالية تسليح العشائر العراقية لتقويض قوة تنظيم القاعدة في العراق، إلا انه في الوقت ذاته وصف الجماعات المسلحة السنية الاخرى بأنها «تأخذ السلاح والمال وسيتحولون الى مشكلة في المستقبل»، وأضاف في حديث مع «واشنطن بوست» بأنهم «سياسيا ضد الاميركيين وضد الحكومة العراقية».

إلا ان النائب المستقل في البرلمان مثال الآلوسي أبدى دعمه لتسليح العشائر، وقال ان «القاعدة تعد الخطر الأول في العراق».

وأضاف الآلوسي أن «على رئيس الوزراء ان يدرك بأن ما يجري ليس استعراض الرجل الواحد»، وقال «ليس بإمكاننا ان نثق بالحكومة للقضاء على تنظيم القاعدة او ان تلعب هذه اللعبة بمفردها، نحن ممنونون جدا للخطوة الأميركية ولوجهة النظر الأميركية».