اشتعال جبهات الجنوب: 140 قتيلا وجريحا في مواجهات بين قوات «التحالف» وجيش المهدي

إنزال جوي في العمارة وحظر تجول في الناصرية.. ومحافظة ميسان تقرر رفع دعوى ضد القوات البريطانية

TT

في أعنف مواجهة بين قوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة وجيش المهدي التابع للصدر منذ بدء حملة أمنية في العراق قبل أربعة أشهر، سقط ما لا يقل عن 140 شخصا بين قتيل وجريح خلال اشتباكات دارت أمس في محيط العمارة القريبة من الحدود الايرانية في جنوب العراق، قبل ان تندلع مواجهات اخرى في الناصرية (جنوب).

وذكر مصدر في شرطة مدينة العمارة كبرى مدن محافظة ميسان، لوكالة الأنباء الألمانية أن مدينة العمارة ومنطقة «المجر الكبير» وجنوبها تشهد منذ مساء أول من امس اشتباكات عنيفة بين القوات البريطانية ومقاتلي «جيش المهدي»، أسفرت حتى الآن عن مقتل 40 مسلحاً على الأقل، كما أصيب نحو 100 بجروح حسب مصادر أخرى. وأشار المصدر إلى أن الاشتباكات ما زالت مستمرة، وأن القوات البريطانية عززت من وجودها وقامت بعملية انزال جوي في منطقة المجر الكبير لإسناد عملياتها في هذه المنطقة.

من جانبه، قال الجيش الاميركي ان «قوات التحالف قتلت 20 ارهابيا وجرحت ستة آخرين واعتقلت ارهابيا مشتبها به خلال عملية استهدفت خلايا سرية في العمارة والمجر الكبير في محافظة ميسان». وأوضح بيان للجيش ان «الاشخاص الذين اعتقلوا أعضاء في خلية سرية تابعة لشبكة ارهابية يعرف بأنها تساعد في تهريب أسلحة ومتفجرات خارقة للدروع من ايران الى العراق، كما انها ترسل ناشطين الى ايران لتلقي تدريبات ارهابية». وأكد ان «العملية كانت بالتنسيق مع الحكومة العراقية».

وأضاف البيان ان «قوات التحالف تعرضت لإطلاق نار من اسلحة خفيفة وقاذفات ار بي جي في منطقة العمارة والمجر الكبير، مما اضطر الى استدعاء غطاء جوي لإسكات نيران العدو». وأشار الى «تقارير استخباراتية تؤكد ان العمارة والمجر الكبير معروفتان كملاذ آمن لخلايا ارهابية سرية تعمل على تسهيل وتهريب الاسلحة من ايران».

وأضاف ان «التقارير الاستخباراتية تؤكد ايضا ان العملاء الايرانيين أو العراقيين الذين يعملون كضباط ارتباط للاستخبارات الايرانية التي تنشط في داخل العراق يستخدمون العمارة والمجر الكبير كموقع آمن لهم». من جهته، صرح مصدر عسكري بريطاني ان «قوة خاصة عراقية تدعمها قوة بريطانية، قامت بعملية عسكرية قرب العمارة». وقال اللفتنانت كولونيل كريستوفر جارفر المتحدث العسكري الاميركي لرويترز، إن القوات الاميركية شاركت أيضا في العملية التي وصفها بأنها واحدة من أكبر العمليات خارج العاصمة العراقية بغداد منذ أشهر لاستهداف الشبكات التي تهرب أسلحة من إيران.

بدوره، قال المتحدث باسم مكتب الصدر في العمارة عودة البحراني «قامت قوات بريطانية بإنزال جوي في أحياء المعلين الجديد والشهداء (غرب العمارة) وقضاء المجر الكبير (30 كلم جنوب العمارة)»، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.

وألقت مروحيات بريطانية بمنشورات في العمارة اكدت ان «الحكومة العراقية لن تتسامح مع الارهاب ولن تستمر ميسان منطقة آمنة لقوات القدس الإيرانية ووكلائهم الذين يرغبون في اضعاف سيادة العراق». وتضمنت المنشورات اسماء وصور ثلاثة اشخاص كتب تحتها «لقد حان وقتكم». وقال لطيف التميمي عضو مجلس محافظة ميسان ورئيس اللجنة الامنية في المحافظة إن «العدد النهائي لشهداء المداهمات بلغ 16 شهيدا وأربعين جريحا بينهم امرأتان وطفل تم قتل غالبيتهم بالقنابل التي ألقتها الطائرات البريطانية وهم نيام على سطوح منازلهم». وأضاف التميمي ان «محافظة ميسان عقدت اجتماعا طارئا مع ثلاثة برلمانيين يمثلون المحافظة وقررنا المطالب التالية: رفع دعوى قضائية ضد القوات البريطانية والعراقية المداهمة وتوضيح موقف الحكومة».

ويؤكد ضباط اميركيون أن معظم قادة جيش المهدي التابع للزعيم الشيعي رجل الدين مقتدى الصدر انتقلوا الى المدن الجنوبية وخصوصا العمارة التي تعتبر من أهم معاقلهم. وكانت العمارة قد شهدت بصورة متكررة معارك أسفرت عن وقوع العديد من القتلى. وتسلمت السلطات العراقية الأمن في محافظة ميسان في ابريل (نيسان) 2007 بعد ان انسحبت من العمارة الى قواعد خارج المدينة في اغسطس (آب) 2006.

وفي الناصرية، قال ضابط في الشرطة ان «مواجهات مسلحة تدور بين عناصر جيش المهدي من جهة وقوات الجيش والشرطة العراقية وسط المدينة (منذ فجر أمس)، مما أسفر عن مقتل سبعة أشخاص وإصابة العشرات بجروح». وأكد الضابط لوكالة الصحافة الفرنسية، رافضا الكشف عن اسمه «مقتل ثلاثة من عناصر الشرطة وإصابة اربعة آخرين بجروح في هجوم استهدف مديرية شرطة سوق الشيوخ (30 كلم جنوب الناصرية)»، مشيرا الى ارتفاع عدد جرحى الاشتباكات الى 45 شخصا. وكان قد أعلن عن «مقتل أربعة اشخاص بينهم طفل وشرطي وإصابة 26 آخرين». وأوضح أن «الاشتباكات اندلعت وسط الناصرية، لكنها امتدت الى أحياء جنوب وغرب المدينة»، مؤكدا «فرض حظر التجول إثر المواجهات».