لندن تعرب عن قلقها من ردود باكستان على تكريم سلمان رشدي

اسكتلنديارد تراجع إجراءاتها الأمنية لحمايته بعد منحه رتبة فارس

TT

أعلن ناطق باسم وزارة الخارجية البريطانية امس، أن لندن أعربت لباكستان عن «قلقها العميق» حيال اعتبار وزير باكستاني ان تكريم سلمان رشدي من جانب ملكة بريطانيا يبرر تنفيذ هجمات انتحارية.

وصرح المتحدث ان السفير البريطاني في اسلام اباد روبرت برينكلي توجه الى مقر وزارة الخارجية الباكستانية و«عبر بوضوح عن قلق الحكومة البريطانية العميق بشأن ما أعلنه وزير الشؤون الدينية». وقال ان «الحكومة البريطانية واضحة جدا: لا شيء يبرر الاعتداءات الانتحارية».

وأعلن وزير الشؤون الدينية الباكستاني إعجاز الحق أمام الجمعية الوطنية أمس «إذا شن أحدهم هجوما بحزام ناسف دفاعا عن كرامة النبي فهو مبرر». لكنه تراجع بعد ذلك، موضحا للصحافة الفرنسية: «أن منح سلمان رشدي لقب فارس سيؤجج التطرف. وتساءل «إذا فجر أحد نفسه فسيشعر بان ذلك مبرر. كيف نكافح الإرهاب إذا كرم الغرب كافرا؟».

ولا يزال قرار الملكة اليزابيث الثانية السبت منح الكاتب سلمان رشدي ،60 عاما، لقب فارس يثير استياء في باكستان وايران. وأحرق اسلاميون باكستانيون صورا للملكة التي انتقدها محافظون في إيران بشدة. وطالب مجلس الشيوخ الباكستاني بـ«نزع لقب فارس» من مؤلف كتاب «آيات شيطانية» منددا بما اعتبره «قلة احترام كبيرة لمشاعر المسلمين».

ومنذ الاحد، تحدثت ايران عن «اعتداء على الاسلام».

ووجه محافظون ايرانيون الثلاثاء انتقادات شديدة لاليزابيث الثانية وفي مقدمهم صحيفة «جمهوري اسلامي» الاصولية. ووسط هذه الأجواء، استبعد قصر باكينغهام ان يتسلم سلمان رشدي لقبه قبل تشرين (اكتوبر الاول). وقالت متحدثة باسم القصر «لا أملك أدنى فكرة عن موعد مجيئه لتسلم اللقب». بدوره، رفض ناشر رشدي، الذي أهدر دمه عام 1989 بناء على فتوى اصدرها آية الله الخميني، التعليق على القضية.

وصرح كريستيان لويس، المتحدث باسم دار «راندوم هاوس» للنشر «لن ندلي بأي تعليق، لا نريد صب الزيت على النار». وأضاف انه يجهل مكان وجود الكاتب حاليا، علما بانه يمضي وقته عادة بين لندن ونيويورك.

واعتبر مجلس المسلمين في بريطانيا ان هذا التكريم «مثال اضافي على اللامبالاة إزاء المسلمين ما سيؤدي بهم الى مزيد من العزلة».

وأضاف في بيان «حيال هذا الاستفزاز، يدعو المجلس جميع المسلمين الى التزام الهدوء وضبط النفس».

ويجئ ذلك بعد أن راجعت شرطة اسكتلنديارد الاجراءات الامنية حول الكاتب سلمان رشدي بعد منحه رتبة فارس السبت الماضي، تصاعد الغضب في باكستان امس وغضب المسؤولين الباكستانيين والرأي العام من القرار الذي أعلن السبت في لندن بتكريم رشدي، الذي أثارت روايته الصادرة في الثمانينات «آيات شيطانية» احتجاجات غاضبة في باكستان وفي عدد آخر من الدول الإسلامية حول العالم.

وفي لندن قال اللورد المسلم نذير احمد لـ«الشرق الاوسط» انه اصيب بحالة من الغضب والصدمة لمنح رشدي رتبة فارس، مشيرا الى ان رشدي لم يقدم شيئا للمجتمع البريطاني، فيما هناك العشرات من الكتاب والصحافيين النابهين الذين ينحازون للقضايا الانسانية لم يحصلوا على هذا التكريم بعد. وقال ان رشدي كلف دافع الضرائب البريطاني الملايين من الجنيهات بسبب الاجراءات الامنية المشددة لحراسته قبل ان يغادر الى نيويورك للعيش فيها. وأوضح ان تكريم رشدي جعل مهمة جوردون براون خليفة بلير غاية في الصعوبة». ورفضت متحدثة باسم اسكتلنديارد ان تكشف عن طبيعة الاجراءات الامنية لحماية رشدي، او تتحدث عن تكلفة حمايته التي ذكرت مصادر اعلامية انها بلغت نحو 10 ملايين استرليني منذ صدور الفتوى الايرانية لإهدار دمه». وأعرب اللورد احمد عن استغرابه من تكريم رشدي برتبة فارس عقب اسبوعين من حديث رئيس الوزراء البريطاني توني بلير لبناء جسور بين بريطانيا والعالم الاسلامي، مشيرا الى ان تكريم رشدي اساء للمسلمين والمسيحيين على السواء، لانه استخدم ايضا ألفاظا مسيئة ضد يسوع المسيح». وقال ان رشدي اثار بكتاباته العنف حوله، وهناك اناس قتلوا بسببه».

من جهته قال وسيم ساجد زعيم الكتلة البرلمانية بحزب الاتحاد الإسلامي الحاكم في باكستان أثناء مناقشة مشروع القرار في البرلمان «منح رشدي لقب فارس هو إهانة للمسلمين. وسيوسع هذا القرار الهوة بين المسلمين والمؤمنين بالديانات الأخرى».

وتمت الموافقة على القرارين بالإجماع وتمت المطالبة بسحب لقب (سير) من رشدي.

وأدان كل من البرلمان ومجالس السند والبنجاب القرار بينما تعهدت وزارة الخارجية بتوصيل مشاعر الباكستانيين للحكومة البريطانية. وحذر وزير الشؤون الدينية الباكستاني إيجاز الحق من أن منح رشدي رتبة فارس سيؤدي إلى استفزاز المسلمين للقيام بعمليات انتحارية ضده.

وقام مؤيدو التحالف الديني المعروف باسم «متحدة مجلس العمل» بتنظيم مظاهرات في مدينتين في وسط البنجاب امس. بينما دعا التحالف للمزيد من المظاهرات في كل أنحاء البلاد يوم الجمعة القادم. واضطر رشدي الكاتب البريطاني الهندي المولد إلى الاختباء لسنوات بعد أن أصدر الزعيم الروحي للثورة الإسلامية الايرانية آية الله الخميني فتوى باهدار دمه في عام 1989.

وتم التخلي عن هذه الفتوى في علم 2001 في عهد الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي الذي قال إن الحكومة ليس لديها نية لتنفيذ العقوبة، لكن الحكومة الإيرانية أدانت السبت منح لقب فارس لسلمان رشدي.

وكان كتاب سلمان رشدي المعنون «آيات شيطانية» قد اثار احتجاجات واسعة عمت العالم الاسلامي، وادت بالزعيم الديني الايراني آية الله الخميني الى اصدار فتوى عام 1989 بإهدار دم رشدي. لكن وزارة الخارجية البريطانية اصرت «ان سلمان رشدي يستحق التكريم بجدارة». يذكر ان رشدي البالغ من العمر 60 عاما كان ضمن قائمة تضم 950 شخصا كرمتهم الملكة اليزابيث بمناسبة حلول عيد ميلادها لمساهماتهم وخدماتهم الجليلة للبلاد.

من جهته صرح نائب رئيس البرلمان الايراني محمد رضا بهونار امس بأن ملكة بريطانيا اليزابيث الثانية أذت مشاعر المسلمين في مختلف أنحاء العالم بمنح الكاتب البريطاني الجنسية الهندي المولد سلمان رشدي لقب فارس. وأضاف بهونار في جلسة للبرلمان أن «الخطوة التي اتخذتها ملكة بريطانيا أضرت مرة أخرى بمشاعر جميع الدول الاسلامية والسؤال هو ما الذي تريد أن تحققه الملكة في بريطانيا بإثارة مشاعر أكثر من مليار ونصف مليار مسلم في مختلف أنحاء العالم. وأدانت طهران بشدة منح ملكة بريطانيا رشدي لقب فارس يوم السبت الماضي قائلة إن تلك الخطوة تشير إلى عداء بريطانيا للاسلام وتضع بريطانيا ضد المجتمعات الاسلامية.