الملك عبد الله يدعو المجتمع الدولي لسرعة التحرك لنزع فتيل الأزمة

الملك خوان كارلوس: الوضع مأساوي ونحيي جهود خادم الحرمين للعودة إلى السلام

TT

قال خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز إن منطقة الشرق الأوسط تعاني الكثير من المآسي، فهناك إرهاب دموي إجرامي، وحروب أهلية على وشك الوقوع، ونزاع إسرائيلي عربي متفجر وعملية سلمية جامدة تراوح في مكانها، وكل هذه التحديات تفرض على المجتمع الدولي ومؤسساته والدول الكبرى التحرك بسرعة وفعالية لنزع الفتيل قبل أن تذهب الفرصة ويفلت الزمام. جاء ذلك في كلمة القاها خادم الحرمين الشريفين خلال حفل عشاء اقامه الملك خوان كارلوس ملك اسبانيا مساء اول من امس بالقصر الملكي (قصر الشرق) تكريما للملك عبد الله بن عبد العزيز بمناسبة زيارته الحالية الى اسبانيا. وفي كلمته تحدث ايضا العاهل الاسباني عن الوضع في منطقة الشرق الأوسط قائلا «انه بات مأساويا وهو الأمر الذي يثير قلقنا بشدة».

وخاطب ملك اسبانيا خادم الحرمين قائلا «لهذا فإننا نحيي في جلالتكم، سداد الرأي والجهود الحثيثة الرامية إلى حلحلة هذا الوضع المعقد والعودة إلى طريق السلام والمفاوضات».

وكان خادم الحرمين الشريفين قال في كلمته خلال حفل العشاء: بسم الله الرحمن الرحيم صاحب الجلالة الصديق العزيز الملك خوان كارلوس ملك إسبانيا أيها السيدات والسادة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:

أشكركم يا صاحب الجلالة على دعوتكم الكريمة وعلى ترحيبكم الحار وعلى ما عبرتم عنه من مشاعر نبيلة نحو المملكة ونحوي، وأؤكد لكم أنني وكل أفراد الشعب السعودي نكن الكثير من المودة والتقدير لشخص جلالتكم وللشعب الإسباني الصديق.

صاحب الجلالة:

إن ما قمتم به من مبادرة لإنشاء البيت العربي ومعهده الدولي للدراسات العربية والعالم الإسلامي هو موضع التقدير والامتنان من كل عربي وكل مسلم، وإنني أتطلع إلى أن تسهم هذه المؤسسة الرائدة في إقامة حوار بين الحضارات يزيل سوء التفاهم ويعزز التعاون والصداقة.

صاحب الجلالة:

إن منطقة الشرق الأوسط تعاني الكثير من المآسي، فهناك إرهاب دموي إجرامي، وحروب أهلية على وشك الوقوع، ونزاع إسرائيلي عربي متفجر وعملية سلمية جامدة تراوح في مكانها، وكل هذه التحديات تفرض على المجتمع الدولي ومؤسساته والدول الكبرى التحرك بسرعة وفعالية لنزع الفتيل قبل أن تذهب الفرصة ويفلت الزمام، وان إسبانيا الصديقة بفضل تراثها الغني وموقعها المتميز مؤهلة لأن تلعب دورا رئيسيا في عملية إقرار السلام، إننا في العالم العربي والإسلامي لن ننسى دعم إسبانيا الدائم للحقوق الفلسطينية المشروعة. كما أن التاريخ سوف يذكر أن أول محاولة جادة جماعية لبدء العملية السلمية ارتبطت باسم مدريد، عاصمتكم العظيمة.

صاحب الجلالة:

إنني أتطلع إلى أن نستكمل خلال هذه الزيارة تطوير التعاون الذي بدأناه خلال زيارتكم الأخيرة للمملكة العربية السعودية، وإنني على ثقة تامة أن مستقبل العلاقات الإسبانية السعودية سوف يكون مستقبلا مشرقا مليئا بالمنجزات إن شاء الله.

وختاما اسمحوا لي أن أكرر لجلالتكم الشكر ولأسرتكم الكريمة، وأتمنى لكم دوام الصحة والعافية، وأتمنى للشعب الإسباني الصديق بقيادتكم المزيد من الازدهار والرفاه. وشكرا جزيلا».

اما الملك خوان كارلوس فقال في كلمته في حفل العشاء صاحب الجلالة:

إن زيارة الدولة التي تقومون بها إلى إسبانيا، وهي الأولى من نوعها التي يقوم بها عاهل سعودي منذ ست وعشرين سنة، لتعكس العلاقة الوثيقة والأخوية التي تربط دولتينا وشعبينا وأسرتينا الملكيتين.

ولقد سبق أن حظينا بشرف استقبالكم في عام 1984م أثناء الزيارة الرسمية التي قمتم بها كولي للعهد.

واليوم ونحن نعرب لكم مجددا عن ترحابنا الصادق بكم في إسبانيا، فإننا نستقبلكم أنتم وحاشيتكم المميزة بنفس الحفاوة الأخوية التي دأبت الأسرة الملكية السعودية على إحاطتنا بها للملكة ولي شخصيا، ولأمير استورياس .

وهي الحفاوة ذاتها، التي ما فتئنا نلمسها من جديد طيلة مقامنا الأخير في الرياض، السنة الماضية.

ونحن واثقون من أن زيارة الدولة هذه، ستفسح المجال أمام مزيد من التعاون بين الوطنين القويين والديناميين، العربية السعودية وإسبانيا. ولا يسعنا أن نفهم ماهية إسبانيا دون التقاء مختلف الشعوب التي صهرت هويتنا.

صاحب الجلالة:

ولقد تمخضت ثمانية قرون من التعايش الحميم مع العالم العربي، عن إسهامات مصيرية في مجالات شتى من العلوم والفلسفة والفنون.

وقد أنار فلاسفة عظام من قبيل ابن خلدون وابن رشد عهدا كاملا، بمعارفهم، التي كانت محط إعجاب العالم برمته. ويحفل تاريخنا بشهادات حية للحضور العربي والإسلامي في إسبانيا، وهو الحضور الذي أسهم في إثراء ثقافتنا ونسج أواصر خاصة بيننا.

وعربونا على ذلك، التدشين الأخير لمؤسسة «البيت العربي» التي تصبو إلى الإسهام في توطيد وتعزيز العلاقات بين إسبانيا والعالم العربي والإسلامي، والمضي قدما في ترسيخ التعارف المتبادل.

صاحب الجلالة:

إن هذا القصر احتضن في عام 1991م مؤتمر مدريد للسلام الذي شكل انطلاق «عملية السلام للشرق الأوسط» التي لم تأل إسبانيا جهدا في دعمها.

لكن، ويا للأسف فإن تلك التطلعات إلى السلام والازدهار لم تتبلور، واليوم فإن الوضع في المنطقة بات مأساويا وهو الأمر الذي يثير قلقنا بشدة. ولهذا فإننا نحيي في جلالتكم، سداد الرأي والجهود الحثيثة الرامية إلى حلحلة هذا الوضع المعقد والعودة إلى طريق السلام والمفاوضات. وما زال يحدونا الأمل، في أن تتمكن مبادرة السلام العربية التي تمت إعادة إطلاقها في قمة الرياض العربية الأخيرة، من إعادتنا إلى مشهد يتم فيه السعي إلى حل عادل ودائم للنزاعات التي تعصف بالمنطقة.

صاحب الجلالة:

إن بلدينا يعانيان من لذع سياط الإرهاب، الذي ندينه بقوة. ومن واجبنا أن ندرأ التأويلات غير العادلة، التي تسعى إلى استعمال العقائد والثقافات بغية زرع بذور البغضاء والشقاق بيننا.

صاحب الجلالة:

ومن واجبنا تقوية الجسور التي مددناها على مر الزمن بين شعبينا وثقافتينا. وقد كنا وقعنا خلال زيارتنا الرسمية الأخيرة إلى الرياض، عدة اتفاقات مهمة. وسيتم بمناسبة زيارتكم هذه، توقيع أخرى غدا، لا تقل عنها أهمية، ستمكن من رفع مستوى علاقاتنا الثنائية الجيدة.

وبودي أن أشير إلى الصندوق الإسباني ـ السعودي للبنية التحتية الذي سيفسح لنا المجال لتعزيز علاقاتنا الاقتصادية بشكل متميز، وذلك من خلال إشراك القطاع الخاص بشكل فعال.

صاحب الجلالة:

إن إسبانيا تراهن على مستقبل واعد مشترك بين بلدينا، وشراكة استراتيجية بين الشعبين السعودي والإسباني، اللذين يطمحان إلى تقديم نموذج يحتذى في هذه المشارف من القرن الحادي والعشرين.

وبهذه الروح، أود أن أعرب لكم عن أطيب تمنياتي بالرفاه لكم ولأسرتكم الملكية الحميدة، وبالازدهار للمملكة العربية السعودية والصداقة بين شعبينا.

ولكم منا جزيل الشكر.