معركة بيروقراطية بين الخارجية الأميركية والكونغرس بشأن مخصصات سفارة بغداد

السفير الأميركي في العراق إلى رايس: أكبر سفارة في العالم تفتقر للمؤهلين.. وقواعد الأمن يصعب فهمها

TT

أبلغ رايان كروكر، سفير الولايات المتحدة الجديد، لدى العراق، وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس في برقية تحمل تاريخ الحادي والثلاثين من مايو (أيار) الماضي بأن السفارة في بغداد، وهي الأكبر والأغلى ثمنا في العالم، تفتقر الى ما يكفي من العاملين المؤهلين، وان قواعدها الأمنية صارمة بالنسبة لموظفي الخدمة الدبلوماسية الى حد أنها تجعل من الصعب عليهم أداء وظائفهم.

وقال كروكر في مذكرته انه «ببساطة لا يمكننا أن نقوم بالعمل الأكثر اهمية للبلد اذا لم يكن لدينا أشخاص من أفضل العاملين في الوزارة».

وتؤكد البرقية صراع وزارة الخارجية من أجل ان تجد دورها وسط الاضطراب في العراق. وبميزانية عام 2007 التي تزيد على مليار دولار وموظفين زادوا على ألف أميركي وأربعة آلاف من مواطني بلد ثالث، أصبحت مركز معركة بيروقراطية بين كروكر، الذي يريد تعزيز الموظفين، وبعض أعضاء الكونغرس من المتشككين على نحو متزايد بشأن التكاليف المتصاعدة للمهمة الدبلوماسية.

وكتب كروكر قائلا ان «القضية في الجوهر هي ما اذا كنا وزارة وخدمة دبلوماسية في زمن حرب. واذا كان الأمر على هذا النحو فاننا بحاجة الى التنظيم وتحديد الأولويات بطريقة تعكس هذا الوضع، وهو ما لم نفعله حتى الآن».

وقال واحد من المسؤولين الحكوميين عاد مؤخرا من بغداد انه «يشعر بالذعر»، مضيفا ان كروكر يحمل عبئا ثقيلا؛ ذلك ان الولايات المتحدة تضغط على الحكومة العراقية من اجل تلبيتها المعايير والمطالب السياسية.

وقال المسؤول «يمكنك أن تستخدم قسما سياسيا منظما من 50 شخصا» يعرفون ما يقومون به، ولكن كروكر لا يمتلك ذلك لأن الكثير من العاملين في السفارة ما زالوا «ذوي خبرة فتية بالنسبة لمثل هذا العمل». وأضاف المسؤول، وهو يتحدث، مشترطا عدم الاشارة الى اسمه لأنه غير مخول بالحديث الى وسائل الاعلام «انهم بحاجة الى جهد متماسك ودؤوب على كل الأصعدة».

ولكن بعض المشرعين شعروا بالإعاقة مما يعتبرونه التوسع المنفلت للسفارة. وقال السناتور الديمقراطي باتريك ليهي لرايس خلال جلسة استماع الشهر الماضي «بقينا نكرر القول لأنفسنا بأننا لا نريد أن ينظر الينا كقوة احتلال في العراق، ونحن نشيد أكبر سفارة ويبدو الأمر يتعاظم ويتعاظم. هل يمكننا ان نقوم بمراجعة لنعرف من الذي نحتاجه حقا ونعيد بقية الأشخاص الى الوطن؟».

وقالت وزارة الخارجية في الأسبوع الماضي، ان 99 في المائة من المواقع الوظيفية في السفارة وفي فرق اعادة الاعمار الاقليمية كانت قد أشغلت. ولكن مسؤولين في الوزارة قالوا سرا إنه في أثناء الاندفاع لملء الفراغات لم يول اهتمام كاف لإدارة تدفق الأشخاص.وقال شون ماكورماك، المتحدث باسم وزارة الخارجية، انه «في اطار العراق وأفغانستان وضعت الوزيرة وزارتها على أرضية حرب. واذا كان أحد سفرائها يقول انه بحاجة الى شيء ما فانها ستحققه له».

وأكد كروكر في مقابلة معه صحة البرقية. وأصر على انه لم يكن مقصودا منها انتقاد رايس او العاملين. وقال ان البرقية عكست الطبيعة الملحة للمهمات التي يواجهها منذ ان عين سفيرا.

وبعد فترة قصيرة من وصوله الى بغداد، طلب كروكر من رايس أن ترسل بات كنيدي، مدير السياسة الادارية في وزارة الخارجية، الى بغداد ليقوم بتقييم واسع للموظفين والقضايا الأمنية. وجرى توجيه كنيدي للتوصل الى خطة تحقق تنظيما أفضل في عمل موظفي السفارة، وتعزز الأقسام السياسية والاقتصادية، والتوثق من أن الادارة تتحكم بصورة اكبر بقرارات التوظيف. وتضمن تقرير كنيدي الذي ضم 80 صفحة 88 توصية بما في ذلك مضاعفة عدد الموظفين العاملين في مجال التحليل السياسي والاقتصادي. وفقا لما قاله مسؤول في الوزارة. وكان يعمل في السفارة سابقا 15 من الموظفين في القضايا السياسية، وحصل كروكر على 11 اضافيين. أما فريق الموظفين الاقتصاديين الذي يضم تسعة فسيزيد على 21 كما سيضاف اربعة متعاقدين. وفي البرقية قال كروكر إن مكتب الموارد البشرية في وزارة الخارجية «قام بمساع بطولية لتوظيف عاملين في السفارة، ولكن هذا القسم ظل الى حد كبير يعمل لوحده». كما دعا كروكر الى التوثق من أن مسؤولية التوظيف في السفارة تكون لدى مكتب شؤون الشرق الأدنى الذي يغطي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وقال كروكر في المقابلة معه ان وزارة الموارد البشرية لا تمتلك القدرة على التوثق من ان أفضل الناس موجودون في بغداد. وقال «لا يمكنهم القيام بهذا»، في حين أن مكتب الشرق الأدنى، الذي يشرف على بغداد لديه القدرات على «تشخيص الناس المناسبين الذين يتمتعون بالقدرات المطلوبة». ويعترف مسؤولو وزارة الخارجية بأن التوظيف كان يعتمد على الصدفة ولكن فريقا تشكل في مكتب الشرق الأدنى من اجل العمل مع قسم الموظفين. كما اشتكت برقية كروكر من قواعد الأمن «الصارمة» التي يتعين على الدبلوماسيين التمسك بها بسبب قانون أقر بعد تفجيرات عام 1983 للسفارة في بيروت. وقال كروكر انه «اذا ما طبقت معايير العمل المألوفة للوزارة بصورة كاملة فانه لن يكون لدينا وجود دبلوماسي في العراق». وقال كروكر ان الدبلوماسيين «غير قادرين على انجاز المهمات المطلوبة» مثل اللقاء مع المسؤولين في مدن مثل النجف في ظل القواعد الأمنية.

* شاركت كارين دي يونغ في إعداد هذا التقرير

* خدمة «واشنطن بوست» (خاص بـ«الشرق الأوسط»)