صندوق البيئة الدولي: تحلية مياه البحر تنعكس سلبا على البيئة

تقنية المرشحات وتبخير مياه البحر تطلق ثاني أوكسيد الكربون المضر بطبقة الأوزون

TT

حذر صندوق البيئة الدولي (WWF ) من «حلقة مفرغة» في دورة حياة الماء، تنجم عن تحلية مياه البحار، وتنعكس سلبيا على البيئة وعلى نسبة الماء العذب على كوكب الأرض. وألقت المنظمة البيئية العالمية المسؤولية على التقنيات التقليدية المستخدمة في تحلية الماء المالح، التي تنتشر في اكثر من 10 آلاف منشأة على المستوى العالمي، التي ما زالت تلحق أضرارا كبيرة في البيئة رغم تحسن طرقها في السنوات الأخيرة.

وجاء في تقرير حديث للمنظمة أن أمم الأرض، في معرض مسعاها لتوفير مياه الشرب، تستخدم تقنية المرشحات وتبخير مياه البحر على مراحل لهدف تحلية المياه المالحة. إلا أن الطاقة المستخدمة في أنتاج الماء العذب ما زالت مرتفعة جدا، كما أن الغازات المنطلقة عن العملية، وخصوصا غاز ثاني أوكسيد الكربون، تلحق أكبر الضرر بطبقة الأوزون وبطبقات الجليد في قطبي الأرض. ويؤدي الاستخدام المفرط للطاقة في تحلية مياه البحر، وتساعدها في ذلك الغازات الضارة بالبيئة، إلى تفاقم ظاهرة ارتفاع سخونة الأرض وبالتالي إلى ذوبان الجليد في القطبين واختلاطه مجددا بمياه البحر والمحيطات. ويشكل الجليد الأزلي في القطبين والمناطق الجبلية العالية 69% من احتياطي المياه العذبة على الأرض. ويؤدي تفاقم سخونة الأرض إلى ذوبان هذه الثلوج وذوبان القسم الأعظم منها في مياه البحار أساسا، وهذا يعني أن العملية تؤدي إلى الإخلال بالتوازن بين احتياطي الماء العذب والمالح، وستدفع الإنسان، بمرور الوقت، إلى تحلية ماء البحر مجددا في دورة مفرغة» وضارة بمصادر المياه العذبة. علما، وكما هو معروف، فان مصادر المياه العذبة، بما في ذلك الجليد والمياه الجوفية، لا تشكل سوى 2.6ـ3% من مجموع المياه على الكوكب الأزرق.

وانخفضت الطاقة المستخدمة في محطات تحلية المياه، بالنظر لتطور تقنيات الترشيح والتبخير، من 700 كيلوواط/ساعة لكل متر مكعب إلى 100 كيلو واط/ ساعة، إلا أن الرقم ما يزال مرتفعا. وتضاعف حجم المياه العذبة المكتسبة بواسطة محطات التحلية، على المستوى العالمي من 18 مليون متر مكعب عام 1993 إلى 25 مليونا عام 2004. كما يتوقع أن تنخفض كلفة تحلية مياه البحر بنسبة 50% عام 2025، إلا ان التوجه نحو تشغيل المحطات على مصادر الطاقة البديلة لا يجري بنفس السرعة. ولا يشكل الماء العذب، المكسوب من المحطات العاملة بيئيا، سوى 0,02% حاليا من مجموع المياه التي تتم تحليتها في العالم.

وينصح التقرير البلدان الواقعة في المناطقة «العطشى» من الأرض، وهي الاكثر استخداما من غيرها لتقنيات تحلية مياه البحر، مثل استراليا والمملكة العربية السعودية واسبانيا وليبيا، بالتركيز على «تدوير مياه الشرب» بدلا من تحلية البحر. واعتبرت المنظمة أن منشآت تحلية مياه البحر الكبيرة تحمل معها إلى هذه البلدان «ضعف الوعي» بأهمية الاستخدام الحصيف لمصادر المياه العذبة.

وانتقد التقرير «التفريط» بالمياه المحلاة من البحر لأغراض الزراعة مشيرا إلى ظاهرة الاستخدام «غير العقلاني» لهذه المياه البالغة الثمن. إذ لا يزال سعر تحلية المتر المكعب يتراوح حول 1 يورو لكل متر مكعب كمعدل على المستوى العالمي (160 سنتا في المملكة العربية السعودية، 100 سنت في ليبيا و244 سنتا في مكسيكو). ويرى خبراء صندوق البيئة الدولية، مقارنة بكلفة تحلية مياه البحر، أن من المستبعد تماما أن تصبح زراعة الحنطة والقطن وغيرها من المحاصيل، بالمياه المحلاة، ذات فائدة لاقتصاد أي بلد.

وأشار التقرير إلى أكثر من 10 آلاف منشأة في العالم لتحلية مياه البحر، يقع حوالي نصفها في منطقة الخليج العربي. وتعتمد دول الخليج الغنية بالنفط، والفقيرة بالمياه، على هذه المنشآت في توفير 60% من احتياجاتها من الماء العذب. وعدا عن انتشار هذه المنشآت في اسبانيا واستراليا، فقد توقع الخبراء أن تنتشر محطات تحلية مياه البحر بقوة في الهند والصين والولايات المتحدة، وخصوصا في مناطق الجفاف التي يسكنها مئات الملايين.

وهذا ليس كل مصدر قلق خبراء البيئة في صندوق البيئة الدولي. فأعمال تحلية مياه البحر، وما يقابلها من ذوبان لجبال الجليد ستترك آثارها على نسبة ملوحة البحر، وسيكون لها ضرر كبير على البيئة البحرية وأحيائها.