في اليوم الاول للشهر الثاني من المواجهات بين الجيش اللبناني وتنظيم «فتح الاسلام» الاصولي في مخيم نهر البارد الفلسطيني في شمال لبنان، استطاع الجيش امس السيطرة بصورة كاملة على آخر المواقع القتالية الرئيسية المحصنة للمسلحين الاصوليين في ما يسمى المخيم الجديد بحيث انتقلت غالبية من تبقى منهم، ولاسيما قيادتهم، الى القسم القديم من المخيم الذي لا يزال يضم الاف الفلسطينيين المدنيين الذين لم ينزحوا..
وينتظر ان يتبلور في الساعات المقبلة مصير الوساطة التي يقوم بها وفد «رابطة علماء فلسطين» الذي قابل امس مدير المخابرات في الجيش اللبناني العميد جورج خوري وسلمه الالية المقترحة لتسليم المسلحين انفسهم بعد اعلان توقفهم عن اطلاق النار، على ان تتولى قوة مشتركة من الفصائل الفلسطينية مسؤولية الامن في المخيم القديم بالتنسيق مع القيادة اللبنانية.
وافاد رئيس وفد الوساطة الشيخ داود مصطفى عقب الاجتماع مع العميد خوري ان قيادة الجيش «ستدرس هذه الالية. ومن ثم يتم الرد عليها» رافضا كشف مضمونها «حرصا على اهميتها» ومعربا عن تفاؤله بالوصول الى «حلول تنهي هذه الازمة».
وكانت وحدات الجيش اللبناني بدأت منذ التاسعة من صباح امس دك آخر مواقع المسلحين في مركز التعاونية بالمدفعية الثقيلة. واشتبك الجنود مع فلول المسلحين في محيط مركز صامد والتعاونية وحي المهاجرين وحارة بيت غنام وبيت عبد العامر. وانتهت الاشتباكات بسيطرة الجيش على مركز وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الاونروا) ورفع العلم اللبناني عليها. فيما واصلت فرق الهندسة تنظيف المباني المحيطة بمواقع التعاونية وناجي العلي و«الاونروا» من الالغام والمتفجرات التي زرعها المسلحون قبل انسحابهم منها.
وكتب مراسل «الشرق الاوسط» في شمال لبنان انه بعد شهر كامل على اندلاع المواجهات في مخيم نهر البارد استطاع الجيش اللبناني السيطرة على المواقع الرئيسية لتنظيم «فتح الاسلام». لكن المعركة لم تنته بعد، اذ ان معظم المسلحين، ولاسيما قيادتهم، انتقلوا الى المخيم القديم حيث يبدو انهم يأملون في ان تنجح الوساطات والمساعي في ايجاد حل لا يضعهم في قبضة الجيش الذي سيحيلهم على القضاء لينالوا جزاءهم.
وكان الجيش نجح مساء أول من أمس في السيطرة الميدانية على مركزي التعاونية وناجي العلي، وهما آخر معقلين اساسيين في ما يسمى منطقة المخيم الجديد. الا ان المسلحين المتمركزين داخلهما واصلوا اطلاق النار امس. الامر الذي استدعى معاودة القصف المدفعي المركز من قبل الجيش على هذين الموقعين. واضافة الى ذلك، استمر القصف المدفعي على محيط مدارس «الاونروا» حيث يختبئ بعض المسلحين في ازقة محددة بعدما خرجوا من مجمع المدارس.
الى ذلك، طاول القصف المدفعي بعض المواقع على الجبهة الجنوبية لجهة بحنين حيث عمد بعض المسلحين الى اطلاق رصاص القنص على وحدات الجيش. كما استهدفت بعض المواقع المحددة في الجهة الجنوبية الغربية من المخيم.
وتمكن الجيش امس من رفع العلم اللبناني على تجمع مدارس «الاونروا». فيما سجلت اشتباكات بالاسلحة الرشاشة المتوسطة والثقيلة في محيط مسجد خالد بن الوليد الذي تعتبر منطقته احد مداخل المخيم القديم.وفي انتظار ان يتم الاعلان عن سقوط اخر معاقل المسلحين في يد الجيش، تبقى الاسئلة المطروحة هي: هل سيستطيع المسلحون جر المخيم القديم الى معركة جديدة، ام ان المسلحين التابعين لبعض الفصائل والمنتشرين في هذه المنطقة سينجحون في ابعاد مسلحي «فتح الاسلام»؟ وما سيكون مصير هؤلاء وخصوصا ان بعضهم، ولاسيما الجرحى، لجأوا الى البقعة المشار اليها وبات مكان وجودهم معروفا، وبينهم المسؤول العسكري السابق «ابو هريرة» المصاب اصابات بالغة في رجليه؟
على صعيد عمليات الاغاثة للنازحين من اهالي المخيم، وصلت امس الى مطار بيروت الدولي طائرة عسكرية كويتية، هي الثانية خلال يومين حاملة عشرة اطنان من المواد الطبية والإغاثية قدمتها الحكومة الكويتية الى الحكومة اللبنانية لتوزيعها على النازحين والمنكوبين في شمال لبنان. وأفاد القائم بالأعمال الكويتي، طارق الحمد، ان 16 شاحنة ستصل الى لبنان اليوم عن طريق البر محملة بـ230 طنا من المواد الانسانية والغذائية لتوزيعها ايضا على النازحين والمنكوبين في منطقة الشمال، مشيرا الى ان هذا الامر يتم بالتنسيق مع رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة والحكومة اللبنانية.