وزير الداخلية السعودي: نعمل على دراسة علمية لتطوير المناهج الدراسية في مجال مكافحة المخدرات

أكد أن المجتمع بأجهزته الرسمية وغير الرسمية مطالب بالقيام بدوره في مجال الوقاية من هذه الآفة

TT

أوضح الأمير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات، أن دراسة علمية تتم في الوقت الحاضر حول تطوير المناهج الدراسية في مجال مكافحة المخدرات، بهدف إدخال مفردات ومفاهيم تربوية حول أضرار المخدرات في المناهج الدراسية في مراحل التعليم العام والتعليم العالي.

وبين وزير الداخلية، في حديث لوكالة الأنباء السعودية، بمناسبة اليوم العالمي الـ21 لمكافحة المخدرات، الذي يصادف غدا الثلاثاء، أن المملكة العربية السعودية اتخذت العديد من الإجراءات الضرورية لمواجهة هذه الآفة.. فإلى نص الحديث...

> صدر قرار مجلس الوزراء بتفعيل دور اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات، وأسندت لكم رئاسة هذه اللجنة.. هل لنا أن نتعرف على أبرز مهام اللجنة؟

ـ في البداية أشكر سيدي خادم الحرمين الشريفين وولي عهده على تكليفي برئاسة هذه اللجنة، وهذه اللجنة في الواقع كانت موجودة وتؤدي عملها في مجال التوعية منذ زمن، إلا أن قرار مجلس الوزراء، الذي نص على تفعيل دور اللجنة، منحها جملة من المهام الوطنية في مجال وضع السياسات والخطط الاستراتيجية للجوانب الوقائية والعلاجية والتأهيلية وتنسيق أداء الأجهزة المعنية في هذا الخصوص، كما نص القرار على إنشاء صندوق خيري يعنى بدعم ورعاية المتعافين وأسرهم، بهدف إعادة تأهيلهم ليصبحوا أعضاء منتجين ومساهمين في بناء المجتمع. وصدور هذا القرار، وفي هذا التوقيت، يعكس حرص واهتمام الدولة، رعاها الله، بأبناء هذا الوطن بشكل عام وحمايتهم من آفة المخدرات بشكل خاص. وأنا على يقين بأنني وزملائي أعضاء اللجنة ندرك هذا الحرص، ونأمل، إن شاء الله، في أن نوفق لتحقيق الغاية المنشودة والأهداف المرسومة بمشاركة الأجهزة الحكومية والأهلية المعنية، وبحضور فاعل لكافة شرائح المجتمع.

> هل ترى أن قضية المخدرات من القضايا الكبيرة التي أصبحت تحتاج إلى اهتمام خاص؟

ـ في الواقع إن استتباب الأمن وطمأنينة المواطن وراحته مطلب أساسي في سائر بلاد العالم، ونحن في المملكة العربية السعودية، بفضل من الله سبحانه وتعالى، ثم بفضل حرص قيادتنا الرشيدة، نتميز بتطبيق الشريعة الإسلامية المستمدة من كتاب الله وسنة رسوله عليه أفضل الصلاة والسلام. هذه الخاصية وفرت لدى المجتمع السعودي حصانة داخلية ضد كثير من المؤثرات الأمنية والسلوكية الخاطئة، ومنها بالطبع المخدرات التي حرمتها كافة الشرائع السماوية. ومع كل هذا لا بد من القول بأن قضية المخدرات من القضايا التي تعاني منها كافة دول العالم، والمملكة في الواقع تؤثر وتتأثر بما يدور حولها، خصوصاً في ظل التقدم والتطور التقني الذي سهل عملية الاتصال والتأثر بين شعوب العالم كافة. ونحن في المملكة نحرص على وقاية المجتمع من التأثيرات السلبية التي قد تصاحب مثل هذه التطورات والتغيرات الإقليمية والدولية، وفي مقدمتها بالطبع المخدرات التي تهدد مكونات المجتمع الدينية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية والأمنية. وفي اعتقادي أن تفعيل دور اللجنة الوطنية يأتي منسجماً مع متطلبات الواقع ومواكباً للمستجدات العالمية.

> تعلم أن قضية المخدرات تعد من القضايا الشائكة، وتحتاج إلى تكاتف الجهود بين الجهات ذات العلاقة، اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات ـ حرس الحدود ـ الجمارك ـ الإدارة العامة لمكافحة المخدرات، ألا ترى أهمية توثيق العلاقات وزيادة التعاون في ما بينها من أجل الحد من انتشار تلك الآفة؟

ـ ليست هذه الجهات فقط هي المعنية بالحد من ظاهرة المخدرات، ولكن المجتمع بأجهزته الرسمية وغير الرسمية، مطالب بالقيام بدوره في مجال الوقاية من المخدرات. المهم هو أن نشعر بأن العمل في هذا المجال لا يأتي فقط من منطلق المسؤولية العلمية ولكن أيضا من منطلقات دينية ووطنية، تحتم على الجميع التكاتف والتعاضد لحماية المجتمع من التأثيرات السلبية التي يروج لها أصحاب السلوك والفكر المنحرف. وعموما اللجنة الوطنية مطالبة بتنسيق هذه الجهود وتقويمها بما يكفل تحقيق أهدافنا الوطنية المنشودة.

> قضية المخدرات من القضايا التي يتدخل في مسار حركتها متغيرات محلية وإقليمية ودولية، فهل استطاعت المملكة من خلال علاقاتها الدولية أن تكون حائط صد أمام شبكات التهريب العالمية؟

ـ كما قلت في السابق إن تطور وسائل الاتصال بقدر ما له من فوائد ومزايا، له أيضا بعض السلبيات الناتجة عن استغلال الخارجين على النظام لهذه الوسائل، لتحقيق أهدافهم ومصالحهم الخاصة. وبطبيعة الحال فإن جريمة تهريب المخدرات من الجرائم الدولية التي استفادت أيضا من هذا التطور التقني وأساءت استخدام وسائل التقنية. ونحن في المملكة العربية السعودية اتخذنا العديد من الإجراءات الضرورية لمواجهة هذه الآفة، لعل أهمها تطوير قدراتنا الأمنية وتزويدها بكل ما هو جديد من فنون التدريب والتأهيل، حتى تصبح قادرة على مواجهة التطور المتواصل في أساليب التهريب عبر الحدود الدولية. كما تربطنا بدول الجوار والدول الشقيقة والصديقة علاقات متميزة أثمرت عن تعاون إيجابي في مجال تبادل المعلومات الأمنية، مما أسهم في إفشال محاولات التهريب وإحباطها في مهدها. ومما لا شك فيه أننا سنسعى إلى تنمية هذا التعاون، وإلى تنظيم ومشاركة في المؤتمرات واللقاءات الدولية، التي تهدف إلى تبادل الخبرات والاطلاع على التجارب العالمية حتى يكون المخطط الاستراتيجي والمنفذ الميداني على دراية بكل ما هو جديد في مجال البرامج الوقائية والعلاجية والتأهيلية.

> الدراسات العلمية لها دور بارز في توفير مقومات النجاح، خاصة في مجال مكافحة المخدرات، ما هو توجه اللجنة في هذا الخصوص؟

ـ يعلم الجميع أن الدراسات والأبحاث تمثل رافدا مهما من روافد العمل الوطني في مختلف المجالات وإذا كنا في اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات مطالبين بإعداد استراتيجية وطنية للمكافحة، فإننا بلا شك سنعتمد في المقام الأول على الجانب العلمي المبني على أرقام وإحصاءات ميدانية لصياغة مكونات هذه الاستراتيجية، وسنحرص على الاستفادة من الخبرات العلمية المتوفرة في جامعاتنا ومراكز البحوث المتخصصة في الداخل والخارج، حتى نستطيع تصميم وتنفيذ أفضل البرامج الوقائية والعلاجية والتأهيلية.

وهنا أود الإشارة إلى أننا في الوقت الحاضر نقوم بإجراء دراسة علمية حول تطوير المناهج الدراسية في مجال مكافحة المخدرات بهدف إدخال مفردات ومفاهيم تربوية حول أضرار المخدرات في المناهج الدراسية في مراحل التعليم العام والتعليم العالي، وستنتهي هذه الدراسة، التي يشارك فيها ممثلون عن وزارة التعليم العالي ووزارة التربية والتعليم ومختصون من أساتذة الجامعات وخبراء تربويون وأمنيون، بإذن الله، في العام القادم، كما أن اللجنة الوطنية تشرف على دراسة خليجية بعنوان «تدابير خفض الطلب على المخدرات»، وهي في مراحلها الأخيرة، ويمكن نشر نتائجها، بعد إقرارها إن شاء الله.

> لقد حققتم نجاحا كبيرا في مكافحة الإرهاب، وما زالت وزارة الداخلية تحقق النجاح تلو النجاح في هذا الجانب، هل ترون بوجود علاقة بين المخدرات والإرهاب؟

ـ سبق أن ذكرت في لقاءات أخرى أنه توجد علاقة طردية بين الإرهاب والمخدرات ولا شك في أن المجموعات الإرهابية عالميا تقوم بتمويل عملياتها عن طريق الاتجار بالمخدرات، إضافة إلى وجود علاقة بين تعاطي المخدرات وبعض السلوكيات المضادة للمجتمع ورفاهيته، مثل الإجرام والعنف الذي يستخدم في الغالب لتمويل متطلبات التعاطي.. وهنا أدعو الجميع علماء ومشائخ ورجال الدعوة وأساتذة وإعلاميين وأولياء أمور أن يشاركوا ويساهموا في العمل في مجال التوعية بأضرار المخدرات، حتى نحافظ على مكتسباتنا الوطنية وفي مقدمتها بالطبع الرفاهية الأمنية والاقتصادية.

> أشير في قرار مجلس الوزراء الخاص بتفعيل دور اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات إلى إنشاء صندوق خيري لدعم مرضى إدمان المخدرات وأسرهم ما هو دور هذا الصندوق؟

ـ في الواقع إن هذا الصندوق يختص بدعم مرضى المخدرات وأسرهم، ولا شك أن مدمن المخدرات هو شخص يعد مريضا يحتاج إلى العلاج والتأهيل والمتابعة. وبرنامج الدعم الذاتي الذي يعتبر من مهام اللجنة الوطنية ويمول من الصندوق الخيري هو لصالح مريض الإدمان، لكونه يهدف إلى إعادة تأهيل هذا المريض ليعود كما كان مواطنا صالحا مشاركا في ميدان الإنتاج.

ولعلي أشير أيضا إلى أننا لن نقتصر على تقديم المساعدات والمعونات المباشرة ولكن سنعمل على تصميم برامج تدريبية تتناسب واحتياجات المتعافين، بهدف إكسابهم مهارات جديدة تتوافق ومتطلبات سوق العمل، حتى يمكن إلحاقهم بفرص العمل المتاحة وسيتم التنسيق في هذا الخصوص مع صندوق تنمية الموارد البشرية والصندوق الخيري الوطني وغيرها من الجهات المتخصصة لتنفيذ البرامج بالشكل المطلوب.

> تدرك أهمية الجانب التعليمي والتوعوي وبالذات أثناء التجمعات الشبابية، ومن أهمها مهرجان الجنادرية، الذي يعد من أهم الملتقيات الثقافية والشبابية ويقصده كل عام الآلاف من أبناء هذا الوطن بمختلف شرائحه، وكذلك المقيمون والزائرون من الدول العربية والأجنبية فهل سيكون هناك موقع مستقل للجنة على أرض الجنادرية يقوم باستضافة هؤلاء الزوار ويعرفهم بأعمال اللجنة ودورها وأنشطتها؟

ـ المهرجان الوطني للتراث والثقافة من الفرص الكبيرة للتواصل مع الشباب وشرائح المجتمع عامة واللجنة الوطنية كانت في السابق تشارك ضمن جناح وزارة الداخلية، وتقوم بعرض إصداراتها التوعوية وارشاداتها الأسرية وطرق الوقاية والعلاج وشرح كيفية التواصل مع اللجنة.

ولكن بعد صدور قرار تفعيل دور اللجنة الوطنية وإنشاء أمانة عامة مستقلة لها، وبمهام وواجبات وطنية متعددة، أتوقع أن تواكب المشاركة القادمة هذه المهام والواجبات، ونتطلع إلى أن يكون للجنة معرض مستقل في الجنادرية حتى تتحقق الأهداف المأمولة منها.

وفي الختام أتمنى أن نتعاون جميعاًَ لتعزيز المرتكزات الوطنية بشكل عام والمرتكز الأمني بشكل خاص حتى نستطيع أن نواصل مسيرة التنمية المتوازنة ونحقق للمواطن الذي هو هدفها الرئيس كل مقومات الرفاهية المتكاملة.