بري لـ«الشرق الأوسط» : أبواب الحلول لم تقفل.. وانتخابات رئاسة الجمهورية هي المخرج

قال إن المشكلة هي عدم ثقة المعارضة بموقف الموالاة من حكومة الوحدة

TT

بين زواره مساء كل يوم، حيث يمارس رياضة داخلية في صالون الاستقبالات في مقره، بعدما حرم من الرياضة في الهواء الطلق لأسباب أمنية، كان رئيس مجلس النواب نبيه بري يتحدث بالتفصيل عن المسعى الذي قام به وفد عربي رافقه الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى.

قال الرئيس بري انه لم يستغرب حملة تشويه الحقائق التي انطلقت بعد رحيل موسى، واستهدفت موقف المعارضة وموقفه الشخصي خلال الايام الماضية، مشيرا الى ان بعض السيناريوهات التي وردت بخط وزير في حكومة الرئيس فؤاد السنيورة، كما تدل بصماته عليه، لم يكن غير دقيق، بل كان مجافيا للحقيقة بـ«شكل سافر وفاجر». واشار الى انه كان يفكر في عقد مؤتمر صحافي لتفنيد «هذه الاكاذيب» لكنه تراجع عن الفكرة نزولا عن طلب من قيادة حركة «أمل» التي يرأسها.

رواية الرئيس بري لوقائع ما حصل تتلاقى مع السياق العام للكثير من الروايات، لكنها تختلف عن بعضها في تفاصيل اساسية. ويقول بري ان براهينها معه.

اللقاء الاول مع موسى مساء الثلاثاء الماضي كان بروتوكوليا ولم يحمل خلاله امين عام الجامعة العربية اي طرح، بحسب قول الرئيس بري. لكن موسى، بعد عودته اليه الاربعاء اثر لقاء جمعه بالنائب سعد الحريري، طرح المبادرة القائمة على 3 بنود هي: حكومة الوحدة الوطنية وتسهيل عملية انتخاب رئيس الجمهورية ودعم الجيش اللبناني والقوى الامنية. كان رد الرئيس بري ان ثمة ايجابيات في هذه الورقة، لكنه يحتاج الى مشاورات مع قيادات «امل» ومع المعارضة. ووعد موسى بإعطائه اجابة حول مائدة الغداء في اليوم التالي.

يوم الخميس اتصل به موسى صباحا قائلا ان الأمور كانت ايجابية جدا من ناحيته، فرد عليه بري: «يجب ان يكون كذلك، فهم من كتبوها». بعد الظهر كان اللقاء مع موسى والوفد المرافق. واستهله بري بالحديث عن «تسريبات مشوهة» لمضمون الورقة. فنأى موسى بنفسه عنها. واقترح بري ان يلغى البندان الثاني والثالث وان يكون البحث في تشكيل حكومة الوحدة الوطنية من مهمة ثلاثة مندوبين من كل طرف بدل ممثلين لكل فرقاء الحوار كسباً للوقت «لان الحكومة لن تعني شيئا عشية الاستحقاق الرئاسي». واقترح ايضا ان يتولى موسى اعلان موافقة الاكثرية على قيام حكومة الوحدة الوطنية. وفي المقابل يكون الرئيس بري جاهزا لعقد مؤتمر صحافي بالتزامن مع ذلك، يعلن خلاله باسم المعارضة، بعد توجيه الشكر الى موسى والوفد، الاصرار على تنفيذ مقررات الحوار الوطني في ما يتعلق برئاسة الجمهورية. وأضاف اليها قضية معالجة السلاح الفلسطيني خارج المخيمات، كما اتفق حولها خلال الحوار.

كتب احد مساعدي موسى هذا الكلام على ورقة زهرية اللون، فيما كتب مساعد بري السياسي النائب علي خليل النص ذاته. طلب بري من عضو الوفد العربي الورقة ليقرأها فوجد ان النصف الاول هو ما يجب ان يقوله موسى والنصف الثاني ما يجب ان يقوله هو. قسم الورقة بيده نصفين اعطى موسى نصفا، واحتفظ بالنصف الآخر. يقول بري ممازحا: «من سوء حظهم اني لم امارس عادة اقرأ ومزق، فقد احتفظت بهذه الورقة التي يقولون انها كتبت بخط يدي».

ذهبت الامور نحو سيناريو آخر. ذهب الوفد للقاء الامين العام لحزب الله، حسن نصر الله، الذي وافق على الورقة الاصلية لأنه لم يكن قد عرف بعد بما حدث بين بري وموسى. موقف نصر الله أتى مشابها فهو وافق على النص، لكنه وضع شروطا لكل نقطة ووضع توضيحات عليها بالنص. وافق اعضاء الوفد. لكن مقابل اقتراح بأن تأتي في ملحق سري تتعهد به الموالاة.. وكان الرد من المعارضة مجتمعة في اليوم التالي ان لا ثقة بالملاحق السرية.. وانتهى الحوار.

وقال الرئيس بري لـ«الشرق الاوسط» ان التوزيع الذي حصل لسيناريوهات ما جرى خلال التحرك العربي «ليس دقيقا فحسب، انما مكتوب بقلم اعمى بالنسبة الى الحقيقة واسود بالنسبة الى الموزع». واضاف: «لا انا قدمت المبادرة، ولا انا كتبتها ولم ارفضها، بل قبلت الثلثين باسم المعارضة فورا. وانا اعجب من ان يكون هناك كلام من هذا القبيل». وتابع: «في الجلسة (مع عمرو موسى والوفد العربي) حصل اقرار بان الهدف من وضع البنود الثلاثة هو الوصول الى رئاسة الجمهورية».

ولخص الرئيس بري «واقع المأزق الراهن» بأنه «كما لم تكن هناك ثقة لدى الاكثرية بالمعارضة حول قبولها المحكمة الدولية قبل اقرارها في مجلس الامن، ايضا لا توجد لدى المعارضة الآن ثقة بالموالاة قبل اقرار الحكومة». وقال: «هذه هي المعادلة الصعبة الآن. اما الورقة الزهرية، فقد اخطأوا بشأنها. انا لم اكتبها، بل كتبها فريق الجامعة العربية بالخط المغربي».وشدد على ان المعارضة لم تودع عمرو موسى الا بعد ان وجهت اليه دعوة مفتوحة للرجوع، معتبرا ان المعارضة ارادت من خلال المبادرة الحل «فيما اراد غيرها الاستغلال وكسب الوقت».

وقال: «ما زلت ارى انه بالرغم من كل المكابرة وكل تصنع حول اليد الممدودة (كما قال النائب سعد الحريري بعد اقرار المحكمة الدولية) فيما الحقيقة ان الارجل هي الممدودة، فإن الابواب لا تزال مفتوحة امام الحلول». واضاف: «ما زلت اعتبر ان انتخاب رئيس الجمهورية هو باب الانقاذ وهو المخرج. ومن هنا اصررت على عدم ادراج بندها في المبادرة، لاننا موافقون على هذا ونسعى اليه. وانا اول من اعلن عن جلسة نيابية في 25 سبتمبر (ايلول) (لانتخاب الرئيس). اما موضوع دعم الجيش والقوى الأمنية فتاريخنا يشهد لنا بالوقوف الى جانبها، فيما كان غيرنا يتسابق لتوجيه الضربات اليها. ومن قاتل اسرائيل لا يستطيع ان يكون الا داعما للجيش اللبناني».

ورأى بري ان موقف المعارضة انقذ مبادرة عمرو موسى من «مؤامرة كان يمكن بنتيجتها ان لبنان سيذهب الى المجهول». وافاد ردا على سؤال عن طبيعة هذه المؤامرة: «انها موضوع الرئاسة» مبديا الاستعداد لوضع بيان وزاري جديد اذا اتفق على قيام حكومة جديدة بدلا من توسيع الحالية.

وشدد على ان فرص الذين فشلوا في الانتخابات النيابية معدومة في الوصول الى رئاسة الجمهورية، موردا امثلة كثيرة في العالم عن رجال استقالوا من مناصب حزبية وحكومية بعد فشلهم في الانتخابات «لأن الشعب لا يريدهم». وقال: «الديمقراطية ليست فقط شعارات، بل ممارسة». ووصف الكلام على ان المعارضة طلبت اعادة النظر بكل القرارات الحكومية بما فيها موضوع المحكمة الدولية بأنه «سخيف» مشيرا الى ان موضوع المحكمة ليس قرارا حكوميا بل هو قرار من مجلس الامن لا يمكن للحكومة اعادة النظر فيه.

1