غوانتانامو: جدل حول مستقبل أول صبي توجه له تهمة جرائم حرب

عمر الكندي اعتقل في سن الـ15 وعائلته عاشت في مجمع بن لادن

TT

عندما كان الكندي عمر خضر، البالغ الآن 20 عاما، في سن الخامسة عشرة، احتجز في سجن غوانتانامو بعد مزاعم بقتله طبيبا في الجيش اثناء القتال في افغانستان.

ووصفت عائلته باعتبارها «أول عائلة للارهاب» في كندا: فقد عاشوا في مجمع اسامة بن لادن بأفغانستان، واشارت تقارير الى أن والده ساعد على نقل الأموال الى تنظيم «القاعدة» الارهابية التي يتزعمها بن لادن. وبسبب الاتهام بصلات ارهابية فقد تعرض كل افراد العائلة تقريبا الى القتل أو الاصابة بجروح أو السجن أو التحقيق.

ولكن بالنسبة لمنظمات حقوق الانسان أصبح خضر رمزا لما يسمونه خلل النظام القضائي العسكري الأميركي وموقف كندا التوفيقي.

وفي الشهر الحالي اسقط قضاة اللجنة العسكرية الأميركية جميع التهم الموجهة الى خضر، وقضت بان المحاكم الشرعية هي لـ«المقاتلين الأعداء غير الشرعيين»، وانه، شأن جميع المتهمين في غوانتانامو، مصنف باعتباره «مقاتلا عدوا» فقط.

وتقول وزارة الدفاع انها ستستأنف ضد القرار، وقال المستشار القانوني لوزارة الخارجية جون بلينغر ان الولايات المتحدة تعتقد أن القانون الدولي يسمح لها بابقاء المتهمين محتجزين حتى نهاية النزاع القضائي المعني، حتى اذا ما جرت تبرئته من التهمة.

وقال دينيس ادني، محامي خضر، ان «ذلك يعني انه لن يخرج من هناك سواء كان بريئا ام لا». ويقول منتقدون ان رفض القضية يثير الشكوك بالأساس القضائي للمحاكم بأسره، وان على كندا أن تجلب خضر لمحاكمته في الوطن. ولكن وزير الشؤون الخارجية بيتر ماكاي قال ان الحكومة ستنتظر أن «تتم عملية الاستئناف» قبل الدعوة الى اطلاق سراح خضر. وقد اثارت قضية الصبي الذي كبر جدلا في كندا حول ما اذا كانت الحكومة تضع علاقاتها مع الولايات المتحدة فوق استعدادها لحماية حقوق مواطنيها. وقال أليكس نيفي، السكرتير العام لمنظمة العفو الدولية في كندا «عبرنا عن قلقنا بشأن قضية خضر منذ اربع سنوات، ولكن هذه المحاكمة تلقي الضوء على الخلل الذي تتسم به هذه العملية برمتها». وكان نيفي قد نشر رسالة مفتوحة الى رئيس الوزراء ستيفن هاربر يدعوه فيها الى التدخل، كما فعلت دول أخرى. وكانت بريطانيا وفرنسا وألمانيا ناجحة في مطالبها بإعادة مواطنيها أو الحاصلين على اقامة دائمية فيها الى البلاد لمحاكمتهم، كما أن سجينا استراليا ارسل الى بلده ليقضي مدة محكوميته هناك.

ووقع على الرسالة اثنان من وزراء الشؤون الخارجية السابقين و25 من الأعضاء الحاليين أو السابقين في البرلمان ومحامون وأكاديميون وممثلون لجماعات حقوق الانسان.

وجاء في الرسالة انه «اذا ما وضعنا جانبا ايا من أفعال خضر، فإننا على دراية بأن السمعة السيئة لعائلته هي التي تجعله غير متعاطف في أنظار البعض. ولكن من غير المنصف ان نعاقب الابن بجريرة أهله، أو أن نحرم مواطنا من حماية حكومته له بسبب أقوال أو أفعال أفراد عائلته».

بعد أربع ساعات من القصف الأميركي على مجمع لـ«القاعدة» في أفغانستان خلال شهر يوليو (تموز) 2002 لم يبق أحد حيا وسط الأنقاض سوى شخص واحد حسبما قالت القيادة العسكرية الأميركي. إنه خضر البالغ من العمر 15 عاما والفصيح في الانجليزية والعربية ولهجة بشتونية محلية، وكان والده أرسله كي يترجم لمسؤول كبير في «القاعدة». وقالت أمه إنه ارسل من دون علمها وكان مع المتطرفين الإسلاميين ضد رغبتها. وقالت: «إنه ليس هناك كي يحارب».

لكن حينما اقتربت الوحدات الأميركية من الجدار المنهار الذي كان يحميه قالت القيادة العسكرية، إن خضر فجر قنبلة يدوية قتل فيها رقيبا هو كريستوفر سبير، وجرح آخر هو الرقيب لين موريس.

ووجد الجنود الأميركيون خضر ينزف من ثلاثة جروح ناجمة عن طلقات في الصدر، وفاقدا للبصر بسبب شظية دخلت على إحدى عينيه.

وبعد إنقاذ حياته على يد طبيب وشفائه، أرسل خضر إلى غوانتانامو، كي يصبح أول طفل في العصر الحديث توجه له جرائم حرب.

وفي السجن العسكري بمعسكر 6 أبقي في عزلة عميقة مقيدا إلى الأرضية. وحقيقة كونه مجرد صبي لم تشفع له بعناية خاصة وشارك بالإضراب عن الطعام مرتين احتجاجا على المعاملة القاسية، وبعثت كندا مسؤولين للتوثق من حالته الصحية مرتين أو ثلاث مرات فقط. قال ادني محامي خضر، إنه صدم تماما حينما واجه زبونه لأول مرة. فشعر ولحية خضر قد نميا طويلا، وكان منسحبا إلى أعماق ذهنه بعد خمس سنوات، من غياب التواصل الانساني شبه المطلق.

وقال ادني: «لا أحد يمسه. فالتعامل معه كان وكأنه مجرد بكتيريا».

وأضاف ادني أن جزءا من عمله هو إعادة خضر إلى العالم. لكن هناك مبدأ أكبر يبقيه يعمل من دون أجر لأكثر العوائل بشاعة في كندا. وقال ادني: «عمر كان عمره 15 سنة. كيف أصبح إرهابيا في ساحة قتال؟ في نهاية المطاف يجب أن يوجه الاتهام لا لعمر لوجوده في أفغانستان بل لوالديه».

* خدمة «لوس أنجلس تايمز» ـ (خاص بـ«الشرق الأوسط»)