متابعة التحقيقات بوفاة أشرف مروان والطب الشرعي سيحسم القضية

نائب يطالب الحكومة المصرية بكشف حقيقة دورالقتيل في حرب 1973

TT

أعلنت شرطة اسكوتلانديارد امس، ان التحقيقات ما زالت مستمرة في حادثة سقوط رجل الاعمال المصري أشرف مروان سكرتير المعلومات للرئيس الراحل أنور السادات‏،‏ وزوج ابنة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، من شرفة منزله بمنطقة سانت جيمس بارك، بوسط العاصمة البريطانية اول من امس، ليلقى حتفه على الفور.

واوضحت الشرطة البريطانية، في بيان تلقت «الشرق الاوسط» نسخة منه امس، ان «الطب الشرعي لم ينته من عمله بعد، وتقريره النهائي هو الذي سيحسم الامر».

من جهته صرح القنصل المصري في بريطانيا محمود ابو دنيا، في حديث هاتفي لـ«الشرق الاوسط»، امس ان «السفارة وجميع المسؤولين بالقنصلية يتابعون الامر عن كثب، وانهم يقدرون حجم المأساة والاحزان التي تحيط بأسرة اشرف مروان، لذلك تقدمنا بطلب الى الجهات البريطانية في محاولة للاسراع بإنهاء الاجراءات حتى يتم نقل الجثمان الى القاهرة».

ورفض ابو دنيا تحديد موعد معين لنقل الجثمان، وقال «نحن لا نستطيع التدخل في اعمال الجهات السيادية، لقد وقعت الحادثة في بريطانيا، وعلينا انتظار انتهاء تحقيق الشرطة وتقرير الطبيب الشرعي». واضاف «نأمل سرعة انتهاء التحقيقات». وطلب ابو دنيا من رجال الاعلام عدم التسرع بإصدار تحليلات للحادثة، والانتظار حتى تنتهي الشرطة والجهات البريطانية المسؤوله من تحقيقاتها.

وكانت مصادر مقربة من اشرف مروان، الذي كان يرأس ايضا الجالية المصرية في لندن، قد اوضحت ان الراحل كان يهم للنزول من شقته لحضور اجتماع مع بعض رجال الاعمال، وانه توجه للشرفة لأجل الاشارة لأحد منتظريه اسفل العمارة قبل ان يسقط.

وكان مع اشرف مروان بالشقة لحظة وقوع الحادث طباخه ومديرة المنزل، بينما لم تكن السيدة منى عبد الناصر موجودة، حيث كانت في زيارة للبنان، كما كان ولداه جمال واحمد بالقاهرة.

وقد وصلت امس منى عبد الناصر وولداها لمتابعة التحقيقات، على أمل الافراج عن الجثمان اليوم ونقله إلى القاهرة، حيث من المقرر ان تشيع الجنازة هناك.

يذكر أن اشرف مروان كان يعاني منذ وقت طويل من مرض السرطان‏، وتوجه الى الولايات المتحدة قبل شهر للعلاج،‏ ورغم تدهور حالته الصحية إلا انه كان يمارس عمله بانتظام. وقد اشار مقربون من رجل الاعمال المصري الى انه كان قد اعلن نيته كتابة مذكراته، بل ربما قد شرع في ذلك بالفعل.

وكانت الصحف الاسرائيلية قد ابدت اهتمامها بالحادثة، وكتبت صحيفة «يديعوت احرونوت» الاكثر انتشارا في اسرائيل، ان هناك «غموضا يكتنف وفاة مروان، الذي وصفته بانه كان عميلا مزدوجا ما بين المخابرات المصرية والاسرائيلية، وانه كان يخشى على حياته منذ ان كشفت اسرائيل عام 2003 انه عميل كبير للموساد».

واضافت الصحيفة: «كان من المفروض ان يلتقي في نفس يوم الحادثة مع المؤرخ الاسرائيلي اهارون بيرغمان، الذي كشف عن هويته قبل اربع سنوات». ونقلت «يديعوت احرونوت» عن بيرغمان قوله ان «اشرف مروان اتصل في الليلة السابقة لموته وترك لي ثلاث رسائل صوتية على آلة التسجيل وهذا غريب». واضاف بيرغمان لـ«يديعوت احرونوت»: «كلمته بعد ذلك وسألته عن حاله، واجاب بانه جيد باستثناء اصابته بصداع، وحددنا لقاء في مساء اليوم التالي، ولم يتصل».

وتابعت الصحيفة، ان «ايلي زريعي رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الاسرائيلي اثناء حرب اكتوبر (تشرين الاول) 1973 وكبار قادة الموساد في ذلك الوقت والشاباك (الامن الداخلي) اعتبروا ان اشرف مروان كان عميلا مزدوجا، وانه سبب اخفاقا تاما وكبيرا لمؤسسة الموساد، لكن هناك منتقدين لهذا التوجه قالوا انه لا يوجد اساس لهذه النظرية.

وكتبت صحيفة «معاريف»: «اشرف مروان عميل مزدوج افشلنا في حرب اكتوبر، وأيا تكون الاسباب وراء موته فانه ترك بقعة سوداء تلوث تاريخ الجاسوسية في اسرائيل بعد ان خدعها وجعل من هذه المؤسسة اضحوكة». وانتقدت «معاريف» بشدة «الكشف عن اسم مصدر من قبل الدولة وهو على قيد الحياة».

وفتحت وفاة اشرف مروان بعد سقوطه من شرفة منزله، على غرار ما حدث للفنانة سعاد حسني قبل سنوات، ملفا شائكا حول الذين اختاروا لندن للإقامة بارادتهم أو لحسابات سياسية أو أمنية. لقد أصبحت لندن منذ سنوات «قبلة» الهاربين والغاضبين وملاذهم، إلا إنها في بعض الأحيان أيضا كانت مقبرتهم، وتشعب هذا الملف يأتي من كونه متعدد التعقيدات، إذ انه لا يقتصر على أشخاص بعينهم، ولكنه يشمل سياسيين أو رجال أعمال هاربين بسبب مديونيات أو قيادات الجماعات الإسلامية الصادرة ضدهم أحكام بالإعدام أو المؤبد في قضايا عنف وقعت في مصر. ودخل أشرف مروان، قائمة المتوفين «سقوطا من الشرفة»، بعد أن سبقته إليها الفنانة سعاد حسني، وقائد الحرس الجمهوري للرئيس الراحل أنور السادات العقيد الليثي ناصف، حيث فوجئت سلطات اسكوتلانديارد بجثته وقد سقطت من منزله في الدور الحادي عشر بعمارة ستيوارت تاور غرب لندن في بداية السبعينات، ولم يتم أو يعلن حتى الآن عن أسباب وفاته. وولد الليثي ناصف عام ‏1922‏ وكان قائدا للحرس الجمهوري، وفي مذكراته أكد د. محمود جامع احد الأصدقاء الشخصيين للرئيس السادات أن الليثي ناصف قائد الحرس الجمهوري أنقذ السادات من عدة محاولات اغتيال، وانه أنقذ مصر كذلك من حرب أهلية، حينما طلب الليثي من السادات إصدار قرار بأن تكون تبعية الحرس الجمهوري لرئيس الجمهورية وحده، ويتم عزله تماما عن الجيش، وهو ما أتاح لليثي قدرة التحرك والدخول بقوة للقبض على مراكز القوى. وقام الفريق الليثى ناصف بتقديم استقالته من ديوان رئاسة الجمهورية والحرس الجمهوري، بعد أن أراد رئيس الديوان حافظ إسماعيل تنظيم الديوان، بحيث لا يتصل كبير الأمناء وقائد الحرس الجمهوري بالرئيس إلا عن طريقه، وهو ما لم يرض الليثي، وقبل السادات استقالته على الفور. وانضمت الفنانة الكبيرة سعاد حسني إلى تلك القائمة، رغم أنها ليست شخصية سياسية، حيث سقطت من شرفة منزلها، الذي يقع في نفس البرج ستيوارت، الذي سقط منه الليثي قبل سنوات، حيث توفيت سعاد حسني في العاصمة البريطانية، بعد أن لقيت حتفها اثر سقوطها من الطابق السادس في مبنى (ستيوارت تاور) بعد خروجها من المستشفى حيث كانت تعالج من آلام الظهر وحالة الاكتئاب التي تعانيها منذ عام 1988. ورغم أنه لم يتم حتى الآن الكشف أو التوصل إلى الأسباب الحقيقية لوفاة سعاد حسني، إلا أن هذه القضية صاحبها جدل وأحاديث تقول إنها كانت على وشك كتابة مذكراتها، وأنها تنوي كشف الكثير من الأسرار حيث كانت على علاقات وثيقة برجال كثيرين في عهد الرئيس عبد الناصر. ويعد العقيد علي شفيق صفوت، الياور الخاص للمشير عبد الحكيم عامر وكاتم أسراره، وزوج الفنانة مها صبري، من الأسماء الشهيرة التي لقيت حتفها في لندن ايضا، ولكن عن طريق القتل المباشر، ولم يعرف أحد حتى الآن من الجاني.

وبينما تضاربت ردود مصادر مقربة من أسرة الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر بشأن ملابسات وفاة أشرف مروان، تم أمس التقدم بطلب برلماني عاجل للحكومة المصرية لمعرفة علاقة «مروان» بكل من المخابرات المصرية والمخابرات الإسرائيلية. وقالت مصادر بمكتب رئيس مجلس إدارة قناة «ميلودي» الموسيقية، جمال، نجل أشرف مروان، إن أسرة الفقيد وصلت ظهر أمس إلى لندن، ولا تعرف ما إذا كان سيتم نقل الجثمان إلى مصر من عدمه، أو ما إذا كانت الأسرة سترفع قضية للتحقيق في الواقعة من عدمه. وأبلغ مصدر وثيق الصلة بأسرة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر «الشرق الأوسط» بأن أشرف مروان انتحر بإلقاء نفسه من شرفة منزله، مرجعة ذلك لضغوط تعرض لها بدون ذكر للتفاصيل، ومشيرة إلى أنه في الفترة الأخيرة لم تكن له اتصالات تذكر بباقي أفراد عائلة عبد الناصر وبأقاربه في مصر، وأن السنوات الأخيرة «كان يكتنفها الغموض.. لا نعرف أين هو أو ماذا يفعل، لكن كنا نعرف أنه كان يعاني». واستبعدت مصادر أخرى بالأسرة أثناء توجهها من مطار القاهرة إلى لندن أمس، فكرة الانتحار، وقالت إن «مروان» سقط من الشرفة، ولم ينتحر، وأن «أحد أصدقاء الدكتور مروان من أعضاء الجالية المصرية في بريطانيا كان في طريقه لزيارته عندما شاهده في شرفة منزله وهو يتحدث في الهاتف المحمول، وأنه شاهده أيضاً أثناء سقوطه بعد أن اختل توازنه نظراً لحالته الصحية، وكمية العقاقير الطبية التي كان يتناولها لعلاج مرض بالقلب». من جانبه شكك مصطفى رجب، نائب رئيس اتحاد المصريين المغتربين، في احتمالات أن يكون مروان مات منتحراً، وقال في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن هناك شكوكا بين الجالية المصرية في بريطانيا خاصة المقربين من أشرف مروان، بأنه «تم اغتياله»، مؤكداً أن مروان أخبر بعض المقربين منه بأنه «متخوف من أن يحدث له شيء». وفي طلب بإلقاء بيان عاجل للبرلمان المصري، وصف النائب المستقل مصطفى بكري الحادث بأنه «غامض.. وهناك تضارب في المعلومات حوله». ووجه النائب طلبه للبرلمان المصري من أجل «إرسال وفد أمني للمشاركة في التحقيق بالحادث»، قائلاً إن وزارة الخارجية المصرية عليها أن ترد على المعلومات الإسرائيلية التي زعمت أن أشرف مروان كان عميلاً مزدوجاً بين مصر وإسرائيل وادَّعت أنه أبلغ جهاز الموساد بموعد يوم العبور في (السادس من) أكتوبر (تشرين) عام 1973، و«هي كلها أمور كانت سبباً في وفاة أشرف مروان»، على حد ما جاء في البيان الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه.