إيران: نشر قوات الشرطة في الشوارع.. وأحمدي نجاد أمام الاختبار

المحافظون يتهمون «مافيا البنزين» بالتسبب في الأزمة * مراجعة القانون في البرلمان

TT

سيرت الشرطة الايرانية دوريات منتظمة في شوارع طهران، واستمرت طوابير السيارات امام محطات الوقود من دون وقوع احداث شغب غداة اعمال العنف التي حصلت احتجاجا على قرار تقنين البنزين في رابع دولة منتجة للنفط في العالم. ويأتي ذلك فيما تواصلت الانتقادات للرئيس الايراني محمود احمدي نجاد، بسبب قراره تقنين البنزين، فيما طالب نواب بالبرلمان التراجع عن القانون الذي ادى الى اعنف احداث شغب منذ وصل احمدي نجاد للسلطة. وتتجه الانظار الى الرئيس الايراني، الذي خسر كثيرا حتى الان بسبب هذه الازمة، ومن المتوقع ان يخسر اكثر اذا ما قرر نواب البرلمان التراجع عن القانون، تفاديا للتصعيد في الشارع، اذ ستواجه حكومة نجاد تحدي تسوية الميزانية بدون الاعتماد على العوائد المالية المتوقعة من تقنين البنزين. ودعا نواب ايرانيون امس الى مراجعة حصص البنزين بموجب نظام تقنين توزيع البنزين، الذي فجر احتجاجات أضرمت خلالها النار في حوالي 20 محطة لبيع الوقود، في ثاني أكبر بلد منتج للنفط في منظمة أوبك. وتصدرت الصفحات الاولى للصحف المحلية صور محطات الوقود، التي اضرم فيها النار سائقو سيارات غاضبون، اثر بدء سريان مفعول قرار التقنين منتصف ليل الثلاثاء الاربعاء، الذي حدد حصة كل سيارة من البنزين بمائة ليتر شهريا. واستمر انتظار طوابير السيارات امام محطات الوقود، ونقلت وكالة شانا عن المتحدث باسم شرطة طهران مهدي احمدي قوله: «الوضع هادئ والشرطة تسير دوريات في الشوارع الرئيسية للمدينة وساحاتها».

ونشرت صحيفة «كيهان» المحافظة صورتين، بدت في الاولى محطة وقود مشتعلة، وفي الثانية طوابير سيارات تنتظر امام محطة اخرى. واتهمت «كيهان»، «مافيا تهريب البنزين بالتسبب في الهجمات على محطات الوقود»، ونقلت عن خبير اقتصادي قوله «الحكومة الحالية تدفع ثمن اهمال الحكومة السابقة التي لم تعالج مسألة البنزين».

وكانت حكومة الرئيس الاصلاحي السابق محمد خاتمي، قد رفعت سعر ليتر البنزين العادي من 500 ريال الى 650 ريالا في 2003، ومن ثم الى 800 ريال (06.0 يورو) في 2004، بينما رفعته حكومة احمدي نجاد الى الف ريال (08.0 يورو) في 22 مايو (ايار) الماضي. وعلى الرغم من ان ايران هي رابع منتج للنفط في العالم، الا ان موازنة الدولة تعاني بسبب عدم وجود محطات تكرير كافية لسد حاجة البلاد من البنزين، ما يضطر ايران الى استيراد 40 بالمائة من حاجتها من البنزين. وهذا الاستيراد يثقل كاهل الخزينة الايرانية، في ظل ارتفاع اسعار البنزين العالمية، واتباع الدولة سياسة دعم البنزين، حيث تبيعه للمواطنين باسعار مخفضة. وحملت صحيفة «هم ميهن» المعتدلة، مسؤولية الازمة الحالية الى البرلمان، لانه «جمد الزيادة السنوية على سعر البنزين». وادى هذا السعر البخس، الذي يعادل عشر متوسط اسعار البنزين في المنطقة الى التشجيع على تهريب البنزين الايراني الى الدول المجاورة. كما شجع هذا السعر المتدني الايرانيين على الاستهلاك المفرط للبنزين واقتناء سيارات تستهلك ما يزيد عن 15 ليتر/100 كلم.

اما صحيفة «كاركزاران» فأسفت لان «الشرطة لم تتبلغ بموعد بدء عملية التقنين»، ولم تتمكن بالتالي من مواجهة اعمال العنف الناجمة عنها. وشكا رئيس الشرطة اسماعيل احمدي مقدم بدوره من بدء تنفيذ قرار التقنين من دون سابق انذار، ونقلت عنه وكالة الانباء الايرانية، «كان على الحكومة ان تعلم المواطنين بقرارها قبل 24 ساعة على الاقل». واضاف ان الشرطة «لديها خطة امنية جاهزة»، ولكن لم يتم تبليغها بموعد سريان القرار. وقال رئيس البرلمان الايراني غلام حداد عادل لصحيفة «ايران» الحكومية، «هذه المرة المجلس (البرلمان) مصمم على متابعة خطة التقنين». من جهته قال وزير النفط كاظم وزيري همانة لصحيفة «رسالات»: «لن نسمح بأن يعاني المواطنون من التقنين»، مشيرا الى ان الحكومة اعطت نفسها فترة شهرين لدراسة امكانية تخصيص كمية اضافية من البنزين للسائقين بسعر حر». ويشكو السائقون من أن كمية الوقود المسموح لهم بشرائها شهريا، التي تبلغ 100 لتر فقط، ليست كافية، غير أنه لم تتجدد أحداث العنف التي تلت الاعلان عن التقنين قبل ساعات من بدء تطبيقه ليل الاربعاء. ونسب موقع وزارة النفط على الانترنت الى عماد حسيني، المتحدث باسم لجنة الطاقة بالبرلمان قوله «ينبغي زيادة كمية البنزين المقنن للسيارات الخاصة في الاشهر الستة القادمة». وأضاف قائلا «ينبغي مراجعة مسألة التقنين من جانب خبراء وتعديلها بناء على الحقائق في البلد»، مضيفا أن اللجنة تعارض الترتيبات الحالية. وأوردت صحيفة «كيهان»، على لسان محمد رضا نعمت زاده نائب وزير النفط قوله، ان النظام سيخضع لتقييم دوري.

وتواجه ادارة أحمدي نجاد للاقتصاد نقدا متصاعدا من خبراء الاقتصاد والرأي العام ومؤيدين سابقين له بالبرلمان. وقال حوالي 57 خبيرا اقتصاديا في خطاب مفتوح هذا الشهر ان سياسات الحكومة تؤجج ارتفاع الاسعار وتخفق في تحقيق العدالة الاجتماعية التي وعد بها عندما جاء الى السلطة. وقال دبلوماسي غربي ان الرئيس «يرتجل» القرارات، فيما يبدو مشيرا الى دعوته خفض أسعار الفائدة في البنوك، لما دون معدل التضخم الرسمي، في خطوة يقول اقتصاديون ان من شأنها فقط زيادة التضخم عن مستواه الحالي الذي يبلغ 17 في المائة.