الموفد الفرنسي يسلم جنبلاط والجميل الدعوات إلى اللقاء الحواري

قال إن باريس تهدف تسهيل استعادة الثقة بين اللبنانيين

TT

كرر الرئيس اللبناني اميل لحود تأكيده انه لن يسلم السلطة في نهاية ولايته الى حكومة الرئيس فؤاد السنيورة «لانها فاقدة الشرعية». لكنه رفض الافصاح عن الخيارات الاخرى التي يمتلكها بعد تراجع حظوظ تأليف حكومة ثانية. وجاءت هذه المواقف فيما كان موفد وزير الخارجية الفرنسي، السفير جان كلود كوسران، يواصل تسليم الدعوات الى اللقاء الحواري المقرر في فرنسا منتصف الشهر الحالي.

وبرز امس تطور لافت تمثل بفتح سورية معبراً حدودياً كانت اقفلته غداة زيارة الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى الى بيروت منذ حوالي اسبوعين. وافيد ظهر امس ان نقطة جوسية ـ القاع الحدودية في شمال البقاع والمؤدية الى حمص اعيد فتحها من دون اي اعلان رسمي.

على صعيد المواقف، اعلن الناطق الرسمي باسم رئاسة الجمهورية رفيق شلالا امس انه لم يصدر عن الرئيس لحود «اي موقف يتناول فيه موضوع حل مجلس النواب» كما ورد في بعض وسائل الاعلام امس. وقال: «ان موقف الرئيس لحود لم يتغير وهو ضرورة تشكيل حكومة وحدة وطنية لانه يعتبر حكومة الرئيس السنيورة غير شرعية وغير دستورية وغير ميثاقية. ودعوته الى تشكيل حكومة الوحدة الوطنية هي المخرج الوحيد للازمة السياسية الراهنة».

ورأى ان «هناك الكثير من التفسيرات والتحليلات. وكل فريق يدعو الى اتخاذ موقف او اللجوء الى خطوة محددة. الا ان موقف الرئيس لحود واضح لجهة عدم تسليمه السلطة الاجرائية في نهاية ولايته الدستورية في 24 تشرين الثاني المقبل، الى حكومة غير دستورية وغير ميثاقية، اذا تعذر انتخاب رئيس جديد للجمهورية حتى ذلك التاريخ». واعتبر ان مجموعات كبيرة من اللبنانيين من طوائف عدة تشارك رئيس الجمهورية رأيه في عدم شرعية حكومة الرئيس السنيورة.

وردا على سؤال، اكد شلالا ان «اي خطوة سيتخذها رئيس الجمهورية تنطلق من نص الدستور وروحه. لكن الرئيس لا يفصح عن هذه الخيارات بعد لانه يريد ان يعطي موضوع تشكيل حكومة وحدة وطنية اقصى مدة لان هذا هو المخرج الطبيعي للازمة التي نحن فيها في ظل تمسك كل من الطرفين بمواقفهما. ولم يطرح بعد اي خيار اخر غير هذا الخيار. وكل ما يصدر من تحليلات ومواقف ومقالات ربما هي اجتهادات اعلامية او قد تكون تسريبات وبالونات اختبار هدفها معرفة ردات الفعل». واشار الى ان «في الدستور مخارج عدة لاسيما عندما تكون البلاد في مأزق خطير، كما هو الوضع الان في ظل المناخات السياسية الضاغطة. وفي قناعتي ان رئيس الجمهورية حريص على ان يسلم الامانة في موعدها الدستوري».

الى ذلك، نقل زوار لحود عنه قوله امس ان «الوصول الى اتفاق على الحكومة الجديدة ممكن اذا صفت النوايا واقتنع الجميع بان لا غلبة لاحد على اخر لان وطنا يقوم على قهر فئات من ابنائه ليس وطنا قابلا للحياة، بل هو عرضة للتفتيت والتقسيم». ودعا الى «عدم الاخذ بالشائعات والتسريبات التي تتداولها الاندية السياسية والاعلامية» حول الخطوات التي يعتزم اتخاذها لتصحيح الخلل السياسي القائم حاليا. وقال: «عندما يحين الوقت لن اتردد في تحمل مسؤولياتي».

وكان الموفد الفرنسي جان كلود كوسران قد واصل امس تسليم الدعوات الى اللقاء الحواري، فزار رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط في حضور الوزيرين مروان حمادة وغازي العريضي. وزار الرئيس السابق امين الجميل. وقال عقب الزيارة ان «الحكومة الفرنسية تهدف من خلال هذا اللقاء تسهيل استعادة الثقة واستعادة الحوار السياسي بين مختلف الافرقاء اللبنانيين». واضاف: «كل ما عملنا له هو مبادرة واضحة وفي جو من الصداقة. هذا اللقاء ليس مؤتمرا دوليا وليس مؤتمرا للمناقشة والتفاوض حول المسائل الملحة والساخنة في لبنان. انه لقاء لمعاودة الحوار واشاعة اجواء جديدة بين مختلف الافرقاء اللبنانيين. وهو لقاء الثقة والحوار بين اللبنانيين. انه مؤتمر يعقد بين اللبنانيين ويشارك فيه الفرنسيون كمنظمين».

من جهته، قال الجميل رداً على سؤال حول ما تردد عن نية الرئيس لحود حل مجلس النواب وتشكيل حكومة اخرى: «لدينا، والحمد لله، في لبنان لغاية الآن مرجعية اسمها الدستور. فلنعد الى الدستور ونطبقه فلا نعود في حاجة الى كل تلك الهرطقات التي نسمعها. وكل خروج عن منطق الدستور ستكون له محاذير على من يطلق هذه المبادرات غير الدستورية وستكون له انعكاسات سلبية على الوضع». واضاف: «نحن ضد اي حكومة خارجة عن اطار الدستور. والحكومة الحالية هي الحكومة الشرعية. ومفروض ان ننكب مع القوى الاخرى من مختلف التوجهات للتفاهم على آلية معينة تضمن انتخاب رئيس الجمهورية في الوقت المحدد وتضمن الانتقال الدستوري لرئاسة الجمهورية بشكل منظم وبحسب التقاليد اللبنانية. ومن يسرع بالتبشير بالخراب والفراغ الدستوري لا يريد الانتخابات الرئاسية ويدفع البلد نحو الفراغ».

كذلك زار الموفد الفرنسي النائب ميشال المر، في حضور ابنته رئيسة اتحاد بلديات المتن ميرنا المر ابو شرف التي سماها والدها لتمثيله في اللقاء الحواري في فرنسا. وقال المر رداً على سؤال حول عدم تعليق رئيس الحكومة فؤاد السنيورة اهمية كبيرة على هذا اللقاء: «ان اي مؤتمر حواري وبأي مستوى كان مفيد ويساعد في المشاركة في ايجاد حل للازمة اللبنانية. وكل من يريد مساعدتنا، لاسيما فرنسا التي تكن محبة خاصة للبنان، تسعى مشكورة الى الاسراع في ايجاد الحل. ونحن بدورنا نعلن تأييدنا لمساعيها». واضاف: «اما الرئيس السنيورة فله تقديراته الخاصة. وهي تختلف عن تقديراتي. وهذا لا يعني ان هذا المؤتمر سينتج عنه قرار بحل الازمة اللبنانية. انما مجرد اللقاء بين الافرقاء اللبنانيين في حضور فرنسي، لا بد من ان يكوّن للفرنسيين فكرة اوضح عبر النقاش والافكار المطروحة».

هذا، وشدد وزير الدولة لشؤون مجلس النواب ميشال فرعون، على ان «اهم ما يجب التوصل اليه في مؤتمر الحوار اللبناني في فرنسا هو اعادة كسر الجليد بين الافرقاء واعادة بناء الثقة من خلال الحوار، بالاضافة الى التزام الاتفاقات التي بحثت حول طاولة الحوار (في لبنان) والتزام القرارات الدولية».

اما النائب انطوان اندراوس (كتلة النائب وليد جنبلاط) فأكد «ان ما يجري على الساحة اللبنانية انما يندرج في اطار انقلاب سوري ـ ايراني بأدوات لبنانية في طليعتها حزب الله». ورأى ان «التصعيد السياسي الذي يقوده حزب الله ـ ولاية الفقيه ما هو الا دليل قاطع على السير في التعليمات الايرانية ـ السورية من خلال التهديد والتهويل. وآخر ابتكاراته بدعة التجديد لرئيس الجمهورية المنبطح في احضان معلمه (الرئيس) بشار الاسد والذي ينفذ بدقة وشطارة كل ما يطلب منه، أكان من النظام السوري او الجمهورية الاسلامية الايرانية».

على صعيد آخر، زار امس وفد من حزب «الطاشناق» ضم امينه العام هوفيك مخيتاريان والنائب هاغوب بقرادونيان، الامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله. واجتمع به في حضور عضو المكتب السياسي غالب ابو زينب. وشدد الجانبان على ضرورة «بذل الجهود لتصحيح الوضع القائم وانقاذ لبنان من حافة الانهيار التي وصل اليها».

ودعا عضو تكتل «التغيير والإصلاح» النائب نعمة الله ابي نصر امس رئيس مجلس النواب نبيه بري الى «فتح باب المجلس للنقاش في الامور الخلافية» لافتا الى انه «من المفترض ان يتحدث اللبنانيون مع بعضهم البعض، فالحوار ضروري. ويجب الا يبقى كل منهم واقفاً وراء متراس ولديه قناعاته ولا يتحادث مع الآخر، وفي الاعلام حرب لا هوادة فيها». ورأى «ان المكان الطبيعي للحوار هو مجلس النواب، باعتبار ان جميع هؤلاء النواب يمثلون الشعب».