العوائل المهجرة تترك المخيمات وتبحث عن مناطق أخرى تستقر فيها

وزارة المهجرين: إيجاد مناطق استقرار بديلة يعني تقسيم العراق ديموغرافيا.. ولا نشجعه

TT

بعد أن كانت فرصة الحصول على خيمة داخل مجمعات المهجرين قسرا مهمة تراها العوائل التي اضطرت لترك بيوتها وأملاكها تحت تهديد السلاح، غاية في الصعوبة، وتحتاج إلى العديد من التوصيات لكثرة أعدادهم مقارنة بعدد المجمعات، بدأت الآن تلك المخيمات تتناقص يوما بعد يوم اثر ترك سكانها لها بعدما تلاشت آمالهم بالعودة إلى بيوتهم وأيضا لشعورهم باليأس من رحمة الجهات التي وعدتهم بتحسين أوضاعهم وتقديم الدعم المادي والمعنوي والصحي لهم.

أبو مشتاق، الذي ترك مخيمات (اجكوك) في منطقة الكاظمية ببغداد ونزح إلى محافظة بابل، أكد في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن الحالة التي يعيشها أهالي المخيمات «أصبحت مزرية للغاية وباتت الخيام غير قادرة على حماية سكانها من حر الصيف، إضافة إلى أن اغلب العوائل شعرت باليأس من تحسن أوضاعها أو أمكانية عودتها لديارها». واوضحت زوجته أن «العائلة انتقلت للمخيم بداية الشتاء الماضي بعد تهجيرهم من مناطق التاجي التي كانت بيد المسلحين، وهم الذين يتحكمون بمصائر العباد فيها، واضطررنا إلى السكن في مخيم على أساس أنها مرحلة مؤقتة ستنتهي قريبا بعودة الأمان للمناطق غير الآمنة، لكن بقاءنا أشهرا طويلة من دون أمل أجبرنا على إيجاد حياة مستقرة للعائلة في منطقة أخرى والتخلي عن فكرة العودة».

المخيم الآخر، الذي استحدثه الهلال الأحمر في منطقة الخالص جنوب بغداد أيضا بدأ بثمانين خيمة شغلت جميعها عوائل مهجرة من مناطق سلمان باك والوردية والراشدية وغيرها، لكنه انتهى بخيمة واحدة شغلت من قبل عائلة الحاج أبو حسين، الذي أكد انه بعث بابنه الكبير للبحث عن بيت للإيجار في الصويرة أو العزيزية التابعة لمحافظة واسط. وأضاف أبو حسين أن «اغلب العوائل تركت المخيم لأسباب عديدة، منها تراجع مستوى الخدمات المقدمة لها، فعند انتقالها للمخيم كانت هناك لجان من وزارة الصحة تقوم بالكشف على الجميع وبشكل دوري وتوزيع الأدوية مجانا وأيضا لجان المجالس التي توفر الماء والغذاء، والهلال أيضا وحتى المنظمات الإنسانية ووزارات التجارة والصناعة وغيرها التي تقدم لنا ما نحتاجه، لكن هذه الزيارات تراجعت وحتى صهاريج الماء لا تصلنا إلا بعد مطالبة المجالس البلدية، ومع هذه الحال لا تستطيع أية عائلة البقاء تحت ظل ظروف قاسية وانعدام الخدمات وأيضا مخافة انتهاء ما نملكه من أموال، يمكننا استغلالها في بدء حياة جديدة في مناطق أخرى».

نوار حسن، الذي هجر من منطقة السيدية ببغداد، فضل اختصار معاناته ومعاناة عائلته، حيث أكد أن عرض بيته للبيع وهو الآن يسكن في بيت مؤجر وسيقوم بشراء آخر فور تمكنه من بيع بيته الذي أكد أن سعره انخفض إلى الربع تقريبا بسبب الأوضاع المتدهورة هناك، لكن مبلغه سيؤمن له شراء بيت متواضع في محافظة أخرى. وأضاف انه لم يفكر أصلا بالسكن داخل مخيم خوفا على عائلته وأولاده ودراستهم، وأما سبل العيش فهو يعمل حرفيا في مجال تصليح المركبات، ويستطيع العمل في أي مكان. وعن عودته لمنطقته الأصلية أكد انه فقد الأمل في ذلك، خاصة انه عاش فيها منذ ولادته، لكنه طرد منها لأسباب خارجة عن أرادته، وكل ما يجمعه بأهل المنطقة كان قائما على أساس الاحترام وتبادل المودة وسكت قليلا ليقول: «بأي وجه سأعود».

وزارة الهجرة والمهجرين بينت، وعلى لسان احد مسؤوليها، أنها عملت ومنذ نشاط ظاهرة التهجير على تقديم العون للعوائل المهجرة «لكن في حدود صلاحياتها فهي وزارة فنية». وأضاف المصدر أن وزارته قادرة على تأمين سكن مستقر للمهجرين، «لكنها في نفس الوقت ضد فكرة تقسيم العراق إلى كانتونات وضد سياسات التوزيع الديموغرافي، ولهذا فضلنا إسكانها في المخيمات على هذا الأساس، كما حرصنا وبشكل مباشر على التنسيق مع الأجهزة الأمنية ومخاطبة الجهات العليا بشكل مستمر لتأمين المناطق الساخنة لإعادة العوائل المهجرة إليها وأيضا تقديم الدعم المادي والمعنوي للعائدين، ومنها تنظيم هويات خاصة بالمهجرين وتوزيع الأغذية عليهم وشمولهم بمنحة رئاسة الوزراء البالغة مليون دينار».