خامنئي يدعو النساء لعدم «العبث» بالشريعة.. وحرب الإصلاحيين والمحافظين تخنق الصحف

أوليفر ستون يهاجم أحمدي نجاد بعد رفضه تصوير فيلم وثائقي عن حياته

TT

في أعنف تصريحات علنية له منذ فترة ضد المنظمات النسائية فى إيران، قال الزعيم الأعلى لإيران آية الله على خامنئي أنه لا يتعين على الناشطات النسويات العبث بالشريعة الاسلامية من اجل الترويج لمبادئ حقوق النساء في ايران. وتأتي تلك التصريحات بعد صدور حكم بسجن ناشطة نسوية ايرانية لمدة 34 شهرا، وجلدها عشر جلدات، بسبب حضورها تجمعا محظورا حول حقوق النساء. وفيما تزايدت التوترات بين الاصلاحيين والمحافظين بسبب قرارات الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد الاقتصادية، ظهر امس ان مزيدا من الصحف تدفع ثمن هذه التوترات، اذ بعد يوم من اغلاق السلطات الايرانية لصحيفة «هم ميهن» الاصلاحية القريبة من معسكر الرئيس السابق محمد خاتمي، قال مدير تحرير وكالة الانباء العمالية، أهم وكالة انباء مستقلة في ايران، انه يستقيل من منصبه، وذلك وسط تقارير حول احتمال اغلاق السلطات للوكالة. وتزايدت الضغوط على الصحف منذ بدأت الاجتماعات بين كبار المسؤولين الاصلاحيين وعلى رأسهم خاتمي ورئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام هاشمي رفسنجاني، ورئيس حزب «اعتماد ملي» الاصلاحي مهدي كروبي لتشكيل تحالف بين الاصلاحيين لمواجهة المحافظين في الانتخابات البرلمانية المقررة في مارس (آذار) المقبل. ويأتي ذلك فيما وجه المخرج السينمائي الاميركي اوليفر ستون انتقادات الى أحمدي نجاد بسبب رفض طهران اعطاءه تصريحا لعمل فيلم تسجيلي عن حياة الرئيس الايراني. وفي تصريحات عنيفة حذر خامنئي الناشطات الايرانيات مما سماه العبث بالشريعة الاسلامية، للترويج لشعارات حقوق النساء. وانتقد المرشد الأعلى لايران الغرب «لاستخدامه النساء وسيلة للدعاية للمنتجات ولكسب الاموال ولإشباع الحاجات الجنسية المختلة وغير القانونية». وكان خامنئي يخاطب مجموعة من النساء معظمهم كن يرتدين الشادور في طهران قبيل ذكرى ميلاد فاطمة ابنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم. وهو يوم تكرم فيه ايران النساء والأمهات. ويقول دعاة لحقوق المرأة أن النساء الإيرانيات يواجهن مصاعب في الحصول على الطلاق وينتقدون قوانين الميراث التي يقولون انها ظالمة، وينتقدون كذلك اعتبار المحاكم شهادة المرأة مساوية لنصف شهادة الرجل. وترفض ايران مزاعم بأنها تميز ضد المرأة. وقال خامنئي «اننا نشهد في بلادنا بعض النشطاء من الرجال والنساء، يحاولون العبث بالشريعة الإسلامية.. من أجل جعلها منسجمة مع الاتفاقات الدولية المتعلقة بالمرأة.. وهذا خطأ». ونسب التلفزيون الحكومي الى خامنئي وهو أعلى سلطة في ايران القول «يتعين ألا يروا أن الحل يكمن في تغيير قوانين الشريعة الاسلامية». ولكنه أشار الى أن بعض القوانين المتعلقة بالنساء، يمكن تغييرها اذا أدت بحوث الشرع الاسلامي الى فهم جديد. وعلى الرغم من السماح للنساء بتولي معظم المناصب في ايران بموجب القانون فما زال المجتمع الايراني مجتمع يهيمن عليه الرجل. فلا يمكن للنساء الترشح للرئاسة أو تولي منصب القضاء. ولكن في الأعوام الأخيرة بدأن العمل في الشرطة والاطفاء. ويأتي ذلك فيما قالت محامية ايرانية ان موكلتها وهي ناشطة في مجال حقوق المرأة حكم عليها بالسجن لمدة تقترب من ثلاثة أعوام وبالجلد عشر جلدات لحضورها تجمعا محظورا. وقالت المحامية نسرين سوتوده ان الناشطة ديلارام علي، 24 عاما، رابع موكلة لها تجري ادانتها بسبب مظاهرة مؤيدة لحقوق المرأة. وقالت سوتوده انه سيجري استئناف الحكم من محكمة العاصمة، وانه تم اطلاق سراح موكلتها بكفالة 200 مليون ريال (21600 دولار). وأوضحت سوتوده لرويترز «حركة حقوق المرأة تتوسع وتثير قلق الحكومة»، وتابعت «الحكم غير شرعي في نظرنا»، مضيفة ان المظاهرات السلمية مسموح بها في القانون الايراني «ويحدوني الامل ان ترفض المحكمة الاعلى درجة هذا الحكم». ويقول ناشطو حقوق الانسان ودبلوماسيون غربيون ان ايران تتخذ سياسة متشددة ضد المعارضين بصفة عامة ومن المحتمل ان يكون ذلك ردا على تزايد الضغوط الدولية بشأن نشاطاتها النووية المتنازع عليها. ويقولون ان الطلبة والمثقفين وشخصيات الحركة العمالية المؤيدين للاصلاح من بين المستهدفين. وعلى صعيد ذي صلة، قال مسعود حيدري مدير تحرير وكالة الانباء العمالية في ايران، وهي وكالة خاصة مستقلة والوحيدة التي تغطي اخبار المنظمات غير الحكومية والجمعيات النسائية بشكل منتظم في ايران، انه يستقيل من منصبه، وذلك بعد يوم واحد من اغلاق صحيفة «هم ميهن» الاصلاحية القريبة من معسكر الرئيس الايراني السابق محمد خاتمي. وقال حيدري في خطاب استقالته الذي بثته الوكالة «استقيل من اجل تجنب المزيد من التدهور في الوكالة».

وقدم حيدري استقالته بدون ذكر اسباب، ولكن ترددت اقاويل ان الخطوة تأتي اثر ضغوط من السلطات لدفعه للاستقالة من الوكالة او اغلاقها. وتأسست وكالة الانباء العمالية قبل 5 سنوات، خلال ولاية خاتمي، وهي تغطي بشكل منتظم اخبار المنظمات النسائية والعمالية في إيران. وقال مسؤول ايراني سابق لـ«الشرق الأوسط» ان تكتل الاصلاحيين ممثلا في خاتمي وكروبي رفسنجاني اثار قلقا في معسكر المحافظين، وان المحافظين يريدون الضغط اكثر على الصحافة الاصلاحية. وأوضح المسؤول الايراني الذي لا يستطيع الكشف عن هويته ان الاشهر القليلة المقبلة ستكون حاسمة، لأنها أشهر التحضير للانتخابات التشريعية المقررة فى مارس (آذار) المقبل، وهي الانتخابات التي تعهد الاصلاحيين فيها بالدخول موحدين، لضمان عودتهم للبرلمان اولا، ثم بعد ذلك التطلع للرئاسة. من ناحيتها قالت ناشطة ايرانية لـ«الشرق الأوسط» ان الانتقادات المتزايدة في الصحافة الايرانية لاداء الرئيس الايراني، جعلت الكثير من الصحف مستهدفة، مشددة على ان المطبوعات النسائية تخضع لضغط كبير حاليا. وشكا صحافيو «هم ميهن» من اغلاق صحيفتهم بعد نحو شهرين فقط من معاودتها الصدور اثر 7 سنوات من المنع بعد نشر موضوع يدعو لتحسين العلاقات مع اميركا. وقالت المؤسسة القضائية المحافظة ان قرارها باغلاق الصحيفة جاء بسبب عدم اكتمال اوراقها القانونية. غير ان مسؤول تحريرها محمد عطاريانفار. الى ذلك، وجه المخرج السينمائي الاميركي اوليفر ستون انتقادا حادا الى الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد، وذلك بعد رفض السلطات الإيرانية ضمنا طلبا من ستون لتصوير فيلم وثائقي بين عن حياة الرئيس الايراني يتضمن لقاء المخرج الاميركي للرئيس الإيراني. اذ قال احد مستشاري احمدي نجاد، ردا على طلب المخرج الاميركي قائلا: رغم ان ستون معروف بمواقفه الرافضة للسياسة الخارجية الاميركية، الا انه بوصفه مواطنا اميركا، يعتبر جزءا من الشيطان الاكبر. فرد ستون على التصريحات بقوله حسبما نقلت صحيفة «لوس انجليس تايمز» الاميركية: «طوال حياتي نعت بأوصاف كثيرة. لكن ليس من بينها ابدا الشيطان الاكبر».