حماس: الضغط العسكري وليس الفتوى أدى لوضع نهاية لاختطاف جونستون

«الشرق الأوسط» تكشف تفاصيل الأحداث التي قادت إلى تحرير الصحافي البريطاني من شمال غزة وليس حي الصبرة

TT

قال مصدر مسؤول في حركة حماس لـ«الشرق الأوسط»، إنه تم العثور على الان جونستون مراسل تلفزيون هيئة الاذاعة البريطانية (بي.بي.سي) في منطقة شمال قطاع غزة، وليس في حي الصبرة، وسط مدينة غزة، حيث تقطن عائلة دغمش، التي ينتمي اليها مسؤولو جيش الإسلام وهو الفصيل المختطف. ورجح المصدر أن يكون خاطفو جونستون قد نقلوه الى شمال غزة، بعد اتمام حركة حماس سيطرتها على القطاع، حيث افترضوا أن الحركة ستركز في عمليات البحث عن الصحافي المخطوف على منطقة الصبرة، تحديداً.

واستخف المصدر ببعض التصريحات التي انطلقت عقب الإفراج عن جونستون التي صورت الإفراج عنه، وكأنه نتاج اصدار فتوى قدمها أحد رجال الدين في غزة حسب طلب جيش الاسلام، مشدداً على أن الضغط العسكرى الذي مارسته كل من كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحماس، وعناصر القوة التنفيذية التابعة لوزارة الداخلية في حكومة اسماعيل هنية المقالة، هو الذي أجبر الخاطفين على الإفراج عن جونستون. وقال المصدر إن الخاطفين كانوا على علم بعدد من الفتاوى التي اصدرها العديد من رجال الدين التي شددت على عدم جواز اختطاف جونستون، إلا أنهم لم يأبهوا بها. وأشار المصدر الى أن قيام قادة حماس والمتحدثين باسمها بتغيير لهجتهم ازاء مجموعة جيش الإسلام، بعد الإفراج عنه جاء من اجل «الحفاظ على ماء وجه الخاطفين وكجزء من الاتفاق على الافراج عن جونستون، الذي تم تحت تهديد السلاح». وسرد المصدر التفاصيل التي قادت في النهاية الى الافراج عن جونستون. واشار الى أن كتائب القسام اعتقلت قبل اسبوعين شخصين من الدائرة الضيقة القريبة بممتاز دغمش زعيم جيش الإسلام، حيث ادليا بمعلومات ساهمت في تمكين عناصر القوة التنفيذية في اعتقال أحمد المظلوم المكنى بخطاب المقدسي، مساعد دغمش الذي كان يقدم نفسه كناطق بلسان جيش الإسلام.

فرد عناصر جيش الاسلام باختطاف عشرة من عناصر حماس، وإثر ذلك حاصرت كتائب القسام منزل ممتاز دغمش شخصياً، الكائن في حي الصبرة، وكثفت عناصرها وعناصر التنفيذية في منطقة وجود آل دغمش في مدينة غزة. وأبلغت حماس العائلة بأن كلاً من القسام والتنفيذية بصدد القيام بحملة تمشيط واسعة النطاق لمنازل العائلة بيتا بيتاً بحثاً عن جونستون، وأنها لن تتورع عن اعتقال خاطفيه حتى لو أدى الأمر الى مقتله، حيث سيتم بعد ذلك محاسبة الخاطفين ومن ساعدهم على كل الجرائم التي ارتكبوها.

وأوضح المصدر انه في اعقاب الضغط العسكري الهائل الذي مارسته حماس، عرض ممتاز دغمش عبر وسطاء من الحركة ما كان يرفضه في الماضي، وهو الحصول على فتوى دينية من شيخ محدد، تؤكد أن جونستون من «المؤتمنين» الذين لا يجوز للمسلمين التعرض لهم. وأشار المصدر الى أن بعض العلماء المعروفين تدخلوا وجلبوا نص الفتوى من الشيخ عبد الحميد العكلوك مفتي غزة، والدكتور سليمان الداية، وهو رجل دين لا ينتمي الى أي تنظيم سياسي فلسطيني، حيث افتى الاثنان بنفس الفتوى التي قدمها جميع رجال الدين على مدى الأشهر الأربعة الماضية، التي تحرم اختطاف جونستون.

وشدد المصدر على أن رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل، تابع أولاً بأول الاتصالات التي أدت في النهاية للإفراج عن جونستون. وفي المؤتمر الصحافي الذي عقده مع هنية في ديوانه فجر أمس، اشار جونستون الى أنه لاحظ ان خاطفيه كانوا يعيشون حالة من الضغط الشديد خلال الأسبوعين الأخيرين. واعتبر المصدر أن العد التنازلي للإفراج عن جونستون جاء بعد اتمام سيطرة حماس على قطاع غزة، واعلان رئيس الوزراء المقال اسماعيل هنية وكتائب القسام، عزمهما على وضع نهاية لقضية جونستون.

وأشار المصدر الى أن انهيار الأجهزة الأمنية التابعة لأبو مازن في غزة ساهم في تضييق الخناق على الخاطفين، حيث انهم كانوا يتمركزون في جزء من حي الصبرة يقع ضمن ما يعرف بـ«المربع الأمني»، الذي كان يخضع بالكامل لسيطرة جهاز أمن الرئاسة والأمن الوقائي، الى جانب أن المنطقة التي كان يفترض أن جونستون محتجز فيها كانت تشهد بشكل خاص وجودا مسلحا مكثفا من عناصر الأمن الذين هم من أقارب ممتاز دغمش. وأضاف المصدر أن قيادة حماس اتخذت فور اتمام سيطرتها على غزة قراراً بالعمل على الإفراج عن جونستون بكل ثمن وبكل وسيلة، على اعتبار أن لديها معلومات، مؤكدة أن خاطفي جونستون كانوا على علاقة بالتيار الانقلابي بحركة فتح، الذي أراد، كما يجزم المصدر، أن تتواصل عمليات الاختطاف من أجل التدليل على عدم قدرة حماس على السيطرة على الأجهزة الأمنية، معتبراً أن «قطع دابر هذه المجموعة يعني القضاء على احدى ادوات التيار الاتقلابي لإثارة الفوضى والفلتان في القطاع»، معتبراً أن هذا التيار «هو الأكثر حزناً في العالم، وهو يرى جونستون طليقاً بهذه الطريقة». وأكد المصدر ان آليات الضغط التي اتبعتها كتائب القسام والقوة التنفيذية، بعد اتمام سيطرة الحركة على القطاع من أجل العمل على الإفراج عن جونستون، تضمنت، محاصرة المنطقة التي توجد فيها منازل عائلة دغمش، وتحديداً في المنطقة التي تقع على خط التماس بين حي الصبرة وحي تل الهوا، حيث كان يعتقد أن ممتاز دغمش وجماعته يحتجزون جونستون. وحرص عناصر القسام والتنفيذية على الوجود بكثافة في المنطقة وتقسيمها الى مربعات صغيرة، الأمر الذي شكل عبئاً أمنياً ونفسياً على افراد العائلة الذين زاد التململ بينهم وباتوا يطالبون بإنهاء القضية. وشدد المصدر على الضغوط التي مارستها العائلة على ممتاز دغمش ساهمت ايضا في اقناعه بوضع حد لقضية اختطاف جونستون وتسليمه لأجهزة الحكومة المقالة من دون مواجهات.